في الوقت الذي صار فيه الفايس بوك أحد أبرز يومياتنا، أيا كانت الفئة العمرية أو الاجتماعية التي ننتمي إليها، ذكورا أم إناثا، صغارا أم كبارا، متعلمين أم محدودي المستوى التعليمي، فإن الوضع صار أشبه بالإدمان، لاسيما بالنسبة لبعض الصغار من طلبة المدارس والثانويات، فالأطفال والمراهقون على حد سواء صاروا من أكثر الولوعين بالفايس بوك، وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، الفايس بوك الذي لم ينجح فقط في قلب عدة أنظمة حكم ديكتاتورية، بل قلب نظام حياتنا رأسا على عقب، أيضا، والله وحده يعلم تأثيراته القادمة على الملايين منا، ولأنه الدخول المدرسي، فإن كثيرا من الأولياء يشتكون من التأثير الرهيب للفايس بوك على أبنائهم، وإدمانهم على الإبحار فيه، في كل وقت، ولا يختلف الأمر بين من يملكون الأنترنت في البيت أو من يقضون ساعات طوال في مقاهي الأنترنت القريبة منهم· تقول إحدى الأمهات من العاصمة، إن ابنها المقبل هذه السنة على اجتياز امتحان البكالوريا رياضيات، لا يترك ساعة واحدة من وقت فراغه بعد عودته من الثانوية، ليس للمراجعة والحفظ والتحضير للامتحان المصيري نهاية السنة، وإنما للبقاء في محل الأنترنت الواقع بالحي الذي يقطنون فيه، خاصة وأن له اشتراكا فيه، أي أنه يقضي أكثر من ثلاث ساعات يوميا بقيمة 100 دج لا غير، ولولا دراسته _ تقول- لكان قضى 24 ساعة من يومه هناك، يبحر في عالم الفايس بوك· وتضيف إنه يحاول إقناعها أنه يتبادل المعلومات والدروس والتحضيرات للبكالوريا رفقة أصدقائه المشتركين معه في نفس الصفحات، وهو ما لم تقتنع به، لاقتناعها المسبق أن المراجعة والدراسة تكون في المؤسسة التربوية أو في البيت أو في مدارس الدروس التدعيمية، وأنها لم تسمع يوما عن المراجعة في الفايس بوك· نفس الوضع تشتكي منه والدة تلميذ آخر في المستوى المتوسط، التي تضيف أن ابنها ومنذ ظهور موجة الفايس بوك هذه، لا يترك وقت فراغ إلا واستغله في ربط محادثات جديدة، ومعرفة أصدقاء جدد، وأنه حتى عندما يعود إلى المنزل، فإنه لا يحكي لها إلا عن جديد الفايس بوك، وما حدث في الفايس بوك، ومزايا الفايس بوك، مؤكدة أنها لم تجد بعد التصرف الأمثل معه، حيث هددته تارة ونصحته تارة أخرى إنما دون جدوى· ويقول الأخصائيون في هذا المجال، إن لإدمان الإنترنت أنواع بحسب الاستخدامات التي نمارسها على الإنترنت، فهناك إدمان (الشات) وهناك إدمان المنتديات، وإدمان البحث المعلوماتي، وهناك إدمان ألعاب الإنترنت، وهذا التعلق الكبير بالفايس بوك حاليا من طرف أشخاص كثيرين، يمكن أن يوصل -إذا لم توضع له ضوابط إلى نوع من الإدمان يسمى إدمان الفيس بوك، وخصوصاً لدى مستخدمي موقع الفيس بوك من خلال الهاتف النقال، أو ما شابهه من الأجهزة المحمولة بشكل دائم أينما كانوا· ويضيف الأخصائيون أن من أبرز أعراض إدمان الفيس بوك، عدم الشبع من موقع الفيس بوك وقضاء أوقات طويلة فيه، من تواصل وتعارف وألعاب ورسائل ومتابعة مقاطع الفيديو والاختبارات الشخصية وغيرها من مزايا يتيحها الفيس بوك للأعضاء، وعند مغادرة الشخص لموقع الفيس بوك، ينتابه شعور بالرغبة في الدخول إليه من جديد، مع إهمال كلي أو جزئي للحياة الاجتماعية والالتزامات العائلية والوظيفية، وإهمال الاهتمامات الأخرى والهوايات المحببة التي كانت له في السابق، وبعد التعب الشديد من تصفح الإنترنت والفيس بوك يلجأ الشخص إلى النوم العميق لفترة طويلة، ويرافق ما سبق ظهور آثار اضطرابات نفسية كالارتعاش وتحريك الإصبع بصورة مستمرة، والقلق والتفكير المفرط في الفيس بوك وما يحدث فيه عندما يكون بعيدا عن الكمبيوتر والإنترنت، والشعور بالحزن والاكتئاب إذا بقي بعيدا عنه فترة من الزمن، مع تركيز التفكير حول الفيس بوك إلى حد الهوس، والحديث حوله عندما يكون بعيدا عن الإنترنت مع الأصدقاء ومن يلتقي بهم·