لا يختلف اثنان على أن الدولة وضعت برنامجا ثريا في قطاع التشغيل يحمل آليات جديدة وحديثة، من المتوقع أن تعطي نتائج ملموسة على المستويين القريب والبعيد· الملاحظ أن فئة الشباب الحاصلين على شهادات جامعية وخريجي معاهد التكوين العليا هم الأوفر حظا في هذا المجال دون غيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى، لكن على صعيد الواقع لم يتحقق ما كان منتظرا من جملة الأهداف المنشودة من برنامج التشغيل، والدليل هو نسبة البطالة التي ما تزال تتأرجح بين 16 و20 بالمائة، فيما أن 60 بالمائة من الذين يعانون شبح هذه الظاهرة يتسكعون في الطرقات ويقضون أوقاتهم في البحث عن مناصب شغل لدى الخواص أو غيرهم، والقليل منهم من يتمكن من الفوز بمنصب شغل مؤقت في إطار عقود التشغيل التي تمنحها وكالتا تشغيل الشباب أو الشؤون الاجتماعية ، وكلاهما تسهران على تنفيذ الإجراءات المتخذة بصورة أو بأخرى وتبين أن قطاع التربية هو الفضاء الأوسع الذي يستقطب طلبات الشباب قصد إدماجهم في عالم الشغل لمدة محدودة تتكفل إحدى الوكالتين بدفع المنح التي أقرتها الدولة، وهي الوضعية التي تستدعى التفكير وإعادة النظر في طريقة تجسيد الآليات الراهنة، بكيفية تكون أكثر نجاعة وتتكفل بأكبر فئة ممكنة من الشباب، الذين يعتبرون الذخيرة الحية للمجتمع، وهذه الأخيرة إما أن تكون وسيلة لبناء أركان المجتمع، وإما أن تتحول إلى وسيلة تدمير ذاتي، وبالتالي تكون العواقب وخيمة· يعترف العديد من الذين حالفهم الحظ في إيجاد منصب عمل مؤقت في إطار عقود التشغيل أن قيمة المنحة المقدمة لهم شهريا والتي تبلغ 15 ألف دينار غير كافية ولا تلبي حاجاتهم اليومية والمستقبلية، بل هي مجرد عملية ذر الرماد في العيون، خاصة أولئك الذين استفادوا في إطار عقود التشغيل التي تمنحها مديرية الشؤون الاجتماعية والتي لا تتعدى منحتها 8 آلاف دينار، ويأمل هؤلاء من الدولة إعادة النظر بما يخدم مصلحة الشباب ومستقبلهم في آن واحد، وتعيش وكالة تشغيل الشباب الواقعة بحي شنغهاي بوسط مدينة بجاية يوميا طوابير من الشباب الذين يأتون في كل صباح باكر بداية من الساعة السادسة لتسجيل أنفسهم وإيداع ملفاتهم وخروجهم ببطاقة الوكالة في انتظار حصولهم على منصب عمل في المستقبل القريب، والغريب هو أن هؤلاء الشباب الجامعيين من هم لا خيار لهم في نوع المنصب، قد يجدون أنفسهم مجرد أعوان إداريين لمن هم أقل منهم في المستوى وأغلبيتهم يوظفون في المؤسسات التربوية مجرد أعوان إداريين أو لمرافقة التلاميذ، وهو ما يسبب لهم انزعاجا نسبيا· هذه الوضعية في حاجة إلى دراسة معمقة قصد الخروج برؤية جديدة تعيد الكرامة لحاملي الشهادات الجامعية العليا، وكذا الاستثمار في الشهادات لإعادة هيكلة الإدارة المحلية·