** عقدت عقدي على ابنة عمي وقبل الدخول بها طلقتها وأريد أن أتزوج بأختها لأب فهل تحل لي أو لا؟ * يقول الشيخ جعفر الطلحاوي من علماء الأزهر مجيباً عن هذا السؤال: الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد·· فيحل لصاحب السؤال - ومثله في الحال- الذي طلق امرأته -ابنة عمه أو لا- قبل الدخول بها·· أقول يحل له أن يتزوج بأختها من الأب _ أو الأم كما الشقيقة- عقب الطلاق مباشرة ولا شيء عليه في ذلك ولأن المطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) (الأحزاب: 49). ولأنه بهذا الطلاق قد بانت منه هذه المرأة وهذه صورة من صور الطلاق البائن، والمطلقة في هذه الحالة لا عدة عليها، والمراجعة تكون في العدة وإذا انتفت العدة انتفت المراجعة، وعليه فلا حرج من إقدامه على عقد الزواج أخت هذه المرأة، حيث لا يتأتي الجمع المحرم بين الأختين لا حقيقة، ولا حكما، وهو المشار إليه بقوله تعالى في آية المحرمات من سورة النساء /23: (وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْن) هذا وقد شرعت العدة لحكمة بالغة وحجة عالية منها: ا- معرفة براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب بعضها ببعض· ولم يحدث هنا أن التقى هذان الطرفان على فراش الزوجية لعدم الدخول بها، ولهذا لهذه المرأة الحق فى أن يعقد عليها زوج آخر بل أن يدخل بها للأمان من اختلاط الأنساب· كما لمن طلقها أن يعقد على غيرها وحتى يدخل ولو كانت هذه الزوجة الأخرى ممن كانت محرمة عليه حرمة مؤقتة لعقده على من طلقها· مثل أختها لأب - كما في السؤال- أو أختها لأم أو الشقيقة، أو عمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها, وهكذا·· فقد كان محرما فقط الجمع وبزوال عقد النكاح عن الأولى حل له هؤلاء·· ب- وشرعت كذلك العدة إذا وقع الطلاق بين الزوجين لإتاحة الفرصة لهما لإعادة الحياة الزوجية من جديد إن رأيا أن الخير في ذلك· ولم ينتظم أمر زواجهما· ح- وشرعت العدة تنويها بفخامة وعظم شأن أمر النكاح حتى لا يكون من السهل انفراط عقده وتهوين عقدته، ولما يبنى الرجل بهذه المرأة التي طلقها· حتى يطلب إليه وإليها الانتظار والتربص لعل الأمور تعود إلى سابق عهدها· ولو لا ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان ينظم ثم يفك في الساعة· د_ وشرعت العدة للإشعار بأن مصالح النكاح لا تتم حتى يوطنا الزوجان أنفسهما على إدامة هذا العقد ظاهرا، فإن حدث حادث يوجب فك النظام لم يكن بد من تحقيق صورة الإدامة في الجملة بأن تتربص مدة تجد لتربصها بالا، وتقاسى لها عناء· نقول لما يبنى الرجل بهذه المرأة - ولم يدخل بها دخولا صحيحا شرعيا معتبرا، لم يطلب إليه التربص والترقب أملا في احتمال العودة العاجلة أو الآجلة إلى ظل عقده وميثاقه الغليظ· وحتى لا يطول عليه أمر العزوبة شرع له العقد- بله الدخول- على أخت مطلقته من الأب ولو بعد الطلاق مباشرة· لعدم الحاجة إلى العدة· والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم·