قدّمت نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2010 وجها جديدا لجنوب إفريقيا أمام باقي دول العالم، مبدّلا الصورة النّمطية عن هذا البلد الذي اأهر العالم بتنظيمه المميّز للمهرجان الكروي الأهمّ في العالم. وتصدّرت صور أفضل لاعبي كرة القدم في العالم ومشاهد المشجّعين المغتبطين والمدرّجات الضخمة عناوين صحف العالم أجمع بعدما علقت في الأذهان على مدى سنوات صور حقبة الفصل العنصري وأخبار الجرائم والفقر الذي لايزال يعاني منه الملايين في بلاد »بافانا بافانا«. وقال رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما: »قبل 20 عاما لم يرد أحد زيارتنا، أمّا اليوم فأصبحت بلادنا مقصدا شعبيا«، بعد سنوات من سقوط نظام الفصل العنصري الذي هيمن على البلاد حتى العام 1994، وأضاف: »لقد شاهد العالم بلدنا بمنظار جديد«. وشاركت كبريات الصحف العالمية زوما في رأيه، إذ حيّت الصحف الالمانية تنظيم جنوب إفريقيا »عيدا كبيرا وناجحا«، فيما وصفت واشنطن بوست كأس العالم 2010 بأنه »احتفالية عالمية«. أمّا صحف باريس فأشادت »بالتنظيم الجيّد للمونديال«. من جهتهم، استمتع الوافدون الأجانب إلى جنوب إفريقيا، والذين لم يتسنّ لهم معاينة أحزمة البؤس في الدولة المضيفة بإقامة ممتعة مدى شهر كامل، مستفيدين من التسهيلات »العصرية« في البلاد والمحال التجارية الضخمة، إضافة إلى البنية التحتية الجديدة والملاعب الرّياضية المميّزة في هندستها. وتأتي هذه الإشادة الدولية بمونديال جنوب إفريقيا لتردّ على المشكّكين في قدرة هذه الدولة على إنجاح الحدث الرّياضي العالمي. وفي هذا السّياق، قالت صحيفة »صنداي ستار« المحلّية في عددها الأخير: »لقد قالوا إن كأس العالم في جنوب إفريقيا سيكون إخفاقا كبيرا، وأن المشجّعين سيتعرّضون للاعتداء والقتل، وأن الفوضى ستكون مسيطرة«، لكن لم يتمّ تسجيل أيّ إصابة لمشجّع أجنبي خلال كأس العالم 2010 باستثناء إصابة أمريكي واحد بالرّصاص ، ويعود الفضل في ذلك إلى انتشار كثيف للشرطة في مختلف المدن في البلاد. وقال الوزير المساعد للشرطة فيكيلي مبالولا: »لقد خضنا الحرب وانتصرنا فيها«. وحظي الزوّار الأجانب أثناء المونديال باستقبال حارّ من جانب السكان المحلّيين، من أصحاب البشرة السوداء أو البيضاء على السواء، مقدّمين بذلك صورة تصالحية عن شعب جنوب إفريقيا. ورأى الفرنسي بول ديتشي المتخصّص في علم السياسة ومؤلّف كتاب »كرة القدم والسياسة« أنه »إجمالا، قدّمت هذه المسابقة الرّياضية صورة إيجابية عن البلاد التي أوحت بعودة الأمور فيها إلى طبيعتها«.