وهبنا الله تعالى الماء ليكون سبب استمرار الحياة علي الأرض، ووسيلة للتطهر من الأوساخ وأيضاً الخطايا والذنوب، فأي إنسان علي الأرض يغتسل وينظف بدنه من الأوساخ بالماء كسُنّة حياتية معتادة، ولكن المسلمين فقط هم من وهبهم الله طريقة عملية للتطهر من الذنوب والآثام قوامها الماء، وذلك بالوضوء، ومن رحمة الله علينا أن أحل التيمم بديلا عن الماء إن لم نجده، كما نعلم جميعا. وكان نزول الماء من يد الرسول "ص" داخل إناء به القليل من الماء حتى امتلأ الإناء وفاضت المياه لتكفي وضوء ثلاثمائة شخص من بعد أن كانت تكفي واحدا فقط، أحد معجزات الله في رسوله. روي عن قتادة أن أنس بن مالك خادم سيدنا محمد "ص" قال: رأيت رسول الله "ص" وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء (ماء يتوضأ به) فلم يجدوه، فأتي رسول الله "ص" بوضوء، فوضع النبي"ص" يده في الإناء، وأمر الناس أن يتوضئوا من عند آخرهم، قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: زهاء ثلاثمائة رجل".متفق عليه. وفي رواية أخرى للبخاري "أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم، قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة" متفق عليه. ويلاحظ في الحديث أن الماء الذي خرج من يد رسول الله "ص" ليس بالقليل مما يثبت أنه إعجازٌ من عند الله، فمثلا إن فرضنا أن كوباً من الماء على أقل تقدير يكفي لوضوء شخص واحد، والنبي"ص" نزل من يده الشريفة 300 كوب من الماء، فإذا افترضنا أن الليتر يساوي أربعة أكواب فإن الكمية التي نزلت من يد الرسول "ص" تبلغ حوالي 75 لتراً من الماء، علما بأن هذا هو أقل تقدير، فسبحان الله. والمتأمل في هذه الحديث يتطرق إلى ذهنه الحكمة من هذه المعجزة، فلماذا لم يتيمم الناس طالما أحلَّ الله لنا التيمم عند انعدام الماء؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول إن الله عز وجل أراد أن يُري الخلق بعض قدرته وأن يثبِّت المؤمنين الذين عاصروا النبي الكريم أو لم يعاصروه، فكان يمكن أن يتيمم القوم وتنتهي المشكلة، إنما أراد رسول الله أن يثبت أنه حق وأنه "ص" نبي الله وحبيبه ورسوله الهادي البشير، فكل نبي يأتي بمعجزة ليثبت نبوته، ورسولنا الكريم أكثر الأنبياء إعجازا وتفضيلا صلى الله عليه وسلم.