تعرف أغلب المعالم الثقافية عبر إقليم ولاية البليدة وضعية جد مزرية تتزامن مع حرمان بعض البلديات من هذه المرافق الضرورية رغم التنوع الثقافي الذي يميز الولاية، الأمر الذي يولد فراغا ثقافيا يدفع بأغلبية الشباب إلى الانحراف والوقوع في براثين الآفات الاجتماعية كالمخدرات والسرقة، كما يساهم في تلاشي واندثار التراث الثقافي الذي يميز المنطقة كالمسرح والأغنية بكل طبوعها كالأندلسية والمالوف والأغنية الشعبية وكذا البدوي وغير ذلك من الفنون التي كانت تزخر بها الخزانة الثقافية بالولاية· هذا وتتوفر هذه الأخيرة على أكثر من 40 مؤسسة ثقافية أغلبها متضررة بشكل أو بآخر، حيث تكشف المعاينات الميدانية الأضرار الكبيرة التي تهدد بانهيار وسقوط تلك المعالم الثقافية، فإذا تحدثنا عن المراكز الثقافية بالولاية فإن 99 بالمائة منها تشكو الرطوبة العالية والتصدعات على مستوى الأسقف والجدران والسبب راجع لتسرب مياه الأمطار، بالإضافة إلى افتقارها لمعايير البناء السليمة وكذا التهيئة الضرورية، إلى جانب العامل الإنساني الذي ساهم في تعجيل تدهور تلك المراكز الثقافية نتيجة الإهمال واللامبالاة، فمثلا مشروع دار الثقافة الموجود بشارع (باب الجزائر) وسط مدينة البليدة تحول إلى أطلال نتيجة الإهمال، حيث لا تتجاوز نسبة الأشغال به 20بالمائة مما حول أجزاء كبيرة من المشروع إلى أوكار آمنة للمنحرفين لتعاطي المخدرات وممارسة الرذيلة دون أي رادع أو أعين ترقبهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد توقفت قاعات السينما عبر الولاية عن تأدية العروض التي أنشئت من أجلها خلال السنوات الأخيرة، على غرار قاعة السينما ببلدية مفتاح التي تحولت إلى شبابيك لدفع مستحقات سونلغاز، وأخرى تم غلقها كقاعتي السينما لبلديتي موزاية والعفرون وقاعة الجمهورية المعروفة باسم (الروايال) ببوفاريك المتضررة من الزلزال وقاعة النهضة المعروفة باسم (الكلوب) وقاعة التيفولي· أما قاعات المسرح فهي الغائب الأكبر بالولاية باستثناء قاعة المسرح (محمد التوري) وسط البليدة إلا أنها تشكو هي الأخرى من تسرب مياه الأمطار من السطح وغياب التهوية في ظل الرطوبة العالية، حيث تحتاج إلى تهيئة شاملة قبل أن يستفحل وتندثر، كما اندثرت العديد من القاعات الأثرية الأخرى، والأمر نفسه ينطبق على قاعة متيجة ببوفاريك والمعروفة بقاعة (الكوليزي) والذي يعد رابع أكبر المسارح بالتراب الوطني، المتوقف عن احتضان النشاطات الثقافية بغرض الترميم الذي دام سنوات دون إعادة فتحه من جديد· هذا ويبقى خطر الانهيار يحدق بمكتبة مدينة البليدة التي تحتوي على أكثر من 20 ألف عنوان في مختلف المجالات والتي كانت في وقت سابق وجهة للطلبة والمثقفين من كل أنحاء الولاية لما تزخر به من كم هائل من العناوين القيّمة والنادرة إلا أنها الآن عرضة للإهمال من قبل السلطات الوصية وقد تم غلقها منذ أكثر من 5 سنوات كاملة بغرض تجديدها وإعادة الاعتبار لها إلا أنها منذ ذلك الوقت وهي مغلقة، هذا وتبقى الثقافة الغائب الأكبر بولاية الورود·