مثلما كان متوقعا، أثر التراجع الملحوظ في إنتاج الزيتون هذه السنة، عبر مختلف مناطق الوطن المنتجة على توفر زيت الزيتون الطبيعي في الأسواق، وكذا ارتفاع أسعاره لمستويات تجاوزت 600 دج أحيانا، الأمر الذي أجبر المواطن الجزائري على الاكتفاء بكميات صغيرة منه، لا تتجاوز في أحسن الأحوال لترا واحدا أو نصف لتر، وأحيانا أخرى أقل من ذلك· حسب المعطيات المتوفرة، فإن انخفاض إنتاج محصول الزيتون هذا الموسم، مقارنة بالمواسم الفارطة، جاء نتيجة للظروف الطبيعية، وكذا إتلاف العشرات من الهكتارات بعد إصابتها بالفطريات والأمراض، إضافة إلى المشاكل المادية والمتعلقة بالدعم التي يعاني منها منتجو الزيتون والفلاحون بشكل عام، الأمر الذي أثر بصورة مباشرة على سعر مادة زيت الزيتون في الأسواق، وفي هذا الإطار وحسب تقرير لوزارة الفلاحة فإن كمية إنتاج الزيتون هذه السنة قدرت ب 1416352 قنطار، فيما قدر إنتاج زيت الزيتون ب 289786 قنطار وبلغ حجم إنتاج الزيت 14 ·406 طن، وقدرت أسعار زيتون المائدة بين 55 إلى 100 دينار للكلغ الواحد، أما الأسعار الخاصة بزيت الزيتون فتراوحت بين 450 و550 دينار للتر الواحد، فيما عرضت نوعيات أخرى بأسعار أقل من ذلك، بلغت حوالي 350 دج فقط لا غير، فيما أنها لم تحظ باهتمام المواطنين، ليقينهم المسبق بأنها قد تكون مغشوشة، لا سيما وأن لونها ورائحتها، ليسا بنفس قوة ونفاذ زيت الزيتون الأصلي الذي يعرفه الكثيرون، ويستطيعون التمييز بينه وبين المغشوش· وعن هذا التراجع الحاد في مادة زيت الزيتون لهذه السنة، قال أحد المواطنين، وهو ممن كان يتحصل مع نهاية كل موسم جني وعصر على 16 إلى 20 لترا تقريبا من زيت الزيتون، نظرا لامتلاك عائلته مساحات كبيرة من أشجار الزيتون بنواحي مدينة البويرة، أنه أبلغ أن الحصة هذه السنة لن تتجاوز 5 أو 6 لتر على الأكثر، مضيفا أنه سيكون مضطرا إلى الاحتفاظ بها كلها للعائلة، فيما كان يتجه لبيع بعض منها أو إهداء بعضها الآخر إلى معارفه وأصدقائه، في المواسم التي كانت تشهد إنتاجا وفيرا، مواطن آخر قال من جانبه إنه مضطر إلى اقتناء كميات قليلة جدا لا تتجاوز نصف لتر أو لتر في أحسن الأحوال، واستغلاله فقط في الحالات العلاجية والدوائية، بعيدا عن الاستهلاك الغذائي، ولذلك فهو يختار النوعيات الجيدة، حتى وإن تجاوز سعرها 600 دج· من جانب آخر، استغل بعض باعة الأرصفة الموسم لأجل عرض كميات من زيت الزيتون بأسعار تتراوح ما بين 350 إلى 400 دج لا غير، محاولين إغراء المواطن بجودتها، أو أنها أصلية من بجاية أو جيجل أو البويرة، وغيرها من الولايات المشهورة بجودة زيت الزيتون فيها، غير أن طعمها ليس بالقوة التي يكون عليها زيت الزيتون الأصلي، إضافة إلى أن لونها فاتح للغاية، ما يجعل المواطنين متخوفين منها لاعتقادهم بأنها قد تكون مخلوطة إما بالماء أو بزيت المائدة، وهي الأساليب الأكثر شيوعا التي يلجأ إليها بعض الباعة لترويج زيت زيتون مغشوشة، مستغلين حاجة الناس إليها وارتفاع أسعارها في الأسواق· وبين هذا وذاك، يحاول المواطن الجزائري بشتى الوسائل الحصول على زيت زيتون أصلية وذات جودة ونوعية، وهو لذلك يتجه في حال لم يجد طلبه في السوق المحلية إلى زيت الزيتون المستوردة، خصوصا من إسبانيا وتونس، والتي تعرض في المحلات والمساحات التجارية الكبيرة، التي تكون أسعارها مرتفعة نوعا ما مقارنة بالمحلية، إضافة إلى أنها لا تغري الكثيرين باستهلاكها، ما دفع ببعض المواطنين، خاصة من سكان العاصمة، إلى التوجه نحو الولايات المعروفة بجودة زيت الزيتون الذي تنتجه واقتنائه مباشرة من المعاصر أو من عند المنتجين هناك، حتى وإن كلفهم ذلك دفع ثمنه ضعفين، مادام أن زيت الزيتون، تعتبر من أكثر المواد الاستهلاكية التي يحرص الجزائريون على اقتنائها في فصل الشتاء، و على مدار العام تقريبا، لدواع غذائية وعلاجية بالمقام الأول·