اكتست بداية العام الأمازيغي الجديد 2962 ألوان الفرح بولاية باتنة، حيث تميز الاحتفال بهذه المناسبة بتظاهرات بهيجة حضرت فيها ألعاب الفنطازيا والاستعراضات الفلكلورية بقوة إلى جانب استحضار العادات والتقاليد المتوارثة عن الأجداد من طرف العائلات الباتنية· وشهدت العديد من المناطق بولاية باتنة مثل آريس ووادي الطاقة ونقاوس والمعذر ومروانة وتاكسلانت نشاطات متنوعة تضمنت معارض للتعريف بطرق إحياء هذه المناسبة لاسيما من حيث تقديم الأكلات الشعبية الخاصة بيناير وتحضير البيت التقليدي الأمازيغي وعادات المرأة الأوراسية المرتبطة بهذا اليوم المميز في حياة سكان المنطقة· وشارك في إحياء بداية السنة الأمازيغية الجديدة جمعيات الفنطازيا للخيالة والبارود و(الكاهنة للتراث) و(أوراس للفنون الشعبية) و(اليوسفية) و(الرفاعة) وكذا جمعية (مركوندا للثقافة والفنون) ببلدية تكسلانت التي قدمت عرسا تقليديا بالقاعة متعددة النشاطات بالبلدية وسط إقبال كبير للمواطنين الذين استرقوا من خلال المبادرة بعضا من ماضي التراث الجميل· أما المركز الثقافي لبلدية آريس فاحتضن أمسية شعرية لنخبة من شعراء الأمازيغية المحليين تخللها سرد حكايات أزلية حول يناير أو ينار كما يحلو للبعض تسميته وخاصة حيثيات الواقعة التي تغلب فيها الملك الأمازيغي شيشنق على الفرعون رمسيس الثالث بمصر حوالي سنة 950 قبل الميلاد ليبدأ عهد جديد للتقويم الأمازيغي الذي أصبح فيما بعد من أقدم التقويمات البشرية في العالم· ولم تخلو المناسبة التي نشطها أيضا باحثون في التراث الأمازيغي من الحديث عن عادات وتقاليد المرأة الأوراسية وحفاظها على تفاصيل دقيقة توارثتها على مرور الأجيال ارتبطت بإحياء يناير· فهي مازالت تحضر (ايرشمن) أو (الشرشم) قمح ينقع في الماء ثم يطبخ ويصفى لتضاف إليه الزبدة والعسل)· وتحرص المرأة الأوراسية على إحضار العشب الأخضر لتزين به فوهة القربة (وعاء من جلد الماعز يوضع فيه الماء بعد طلائه بمادة القطران)· كما تعمد إلى تزيين بيتها وتنظيف محتوياته واستبدال بعض أوانيها الطينية لاسيما القدرة التي يطهى فيها الطعام· ولم تنس المرأة في هذه المنطقة رغم العصرنة والتقدم الاجتماعي أن تعود إلى الأصل وتنهل من عادات الأمهات وهي تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة فتراها تحضر 7 ثمار لتقدمها للأسرة احتفاء بيناير دون أن تتخلى على نصيحة الجدات الثمينة بتقديم كميات كافية من الطعام للأطفال ليلة الاحتفال بالمناسبة حتى تكون السنة الجديدة مليئة بالخيرات والبركة. فالاحتفال بيناير يقول الباحث في التراث الأمازيغي الأستاذ محمد مرداسي لم تتخل عنه الأسرة الأوراسية حتى في أحلك الظروف التي عاشتها في فترة الاستعمار وشكل على مر السنين رمزا للخصوبة والحياة لأنه ببساطة ارتبط بالأرض، مشيرا إلى أن يناير يبقى موروثا حضاريا متوغلا في الزمن ليؤكد على عراقة الإنسان في شمال إفريقيا ومنها منطقة الأوراس·