انتقد العديد من المستفيدين من التوظيف في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني (ANEM) التهميش الذي يتعرضون له ضمن هذه السياسة من خلال عدم تمكنهم من العمل في مناصبهم الحقيقية بشكل فعلي، إلى جانب العدد الكبير لهؤلاء الموظفين لأداء مهمة واحدة قد يكون موظفا واحدا قادر على تأديتها لوحده، فبعد ثلاث سنوات من مضي مدة عقد التشغيل يجد الشاب نفسه بدون أية خبرة تؤهله لإيجاد منصب عمل آخر، فهذه الصيغة أعانته ماديا خلال فترة معينة بدون الحصول على أية خبرة أو امتياز سواء له أو للمؤسسة التي عمل ضمن طاقمها لمدة ثلاث سنوات· وتتطابق هذه الانتقادات والشكاوى المقدمة من طرف هؤلاء الشباب مع الواقع، فعبر جولة ميدانية سريعة إلى بعض المؤسسات التابعة للدولة سيلاحظ ذلك بشكل كبير، فمثلا تعرف المؤسسات التعليمية في أغلب مناطق العاصمة خلال المدة الأخيرة فائضا وتشبعا ملحوظا من حيث المراقبين الذين تتركز مهمتهم في مساعدة التلاميذ ومراقبة مسارهم الدراسي والغياب وبعض المهام الأخرى اليسيرة التي لا تتطلب عددا كبيرا من المراقبين في هذه المؤسسات، فعلى الأكثر 4 مراقبين في مدرسة ابتدائية، إلا أن الواقع يبين لنا تواجد أكثر من هذا العدد بكثير في المؤسسات التعليمية، فعلى الرغم من مساهمة عقود ما قبل التشغيل في مساعدة الكثير من الشباب للخروج من دائرة البطالة من خلال منحهم الفرصة في العمل في مناصب معينة سواء في المؤسسات العمومية أو الخاصة، إلا أنه من جهة أخرى يجدها البعض خاصة المستفيدون منها أنها ليست حلا لمشكل البطالة حتى أنهم أطلقوا عليها اسم البطالة المقنعة·· وتوصف عقود ما قبل التشغيل بالبطالة المقنعة لأنها توجه الشباب إلى الاستفادة من مناصب عمل على مستوى مؤسسة ما، فمثلا على مستوى بعض المدارس الابتدائية بالعاصمة أوجدت الدولة منصب المراقب، وفي الأصل أن المدرسة الابتدائية لا تحتاج لأكثر من مراقبين أو ثلاثة على الأكثر إذا كانت كبيرة وعدد تلاميذها كبير، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض المدارس الابتدائية تحوي أكثر من 6 إلى 8 مراقبين، أي أن نصف هؤلاء المراقبين لا عمل لهم طيلة اليوم لأن المدرسة لا تحتاج إلى كل هذا الكم من المراقبين، وبالتالي فإن هؤلاء الموظفين في عقود ما قبل التشغيل يتقاضون أجورا دون تأدية أي عمل، على أن البعض منهم ومن إحساسه بالملل أصبح يطلب ويستعطف التلاميذ من أجل تقديمه لبعض المساعدة لهم سواء النفسية أو مساعدتهم على تفهم دروسهم خلال ساعات الفراغ التي تتخلل أوقات الدروس·· وهذا لا يحدث فقط في المؤسسات التعليمية بل امتد إلى كل مؤسسات الدولة، فمن قبل كانت المصالح الإدارية تلحق الضرر بالمواطنين من خلال تعطيل مصالحهم والتماطل من أجل إجراء معاملة واحدة أو استخراج ورقة واحدة لا تتطلب الكثير من الجهد من طرف الموظف في المصلحة الإدارية، أما الآن ومع ازدياد عدد الموظفين كل حين عن طريق عقود ما قبل التشغيل فلقد ازداد الأمر سوءا ولم يتحسن كما ظن الجميع، فنفس الأسلوب والتعامل السيئ لا زال مع المواطنين في أغلب المصالح الإدارية، فوتيرة العمل لا زالت بطيئة جدا على الرغم من تضاعف الموظفين في مكتب ما من هذه المكاتب الإدارية، فمن بين 5 أو 6 موظفين في مكتب واحد لا يعمل منهم إلا واحدا أو اثنين فقط، حتى أن بعض المصالح الإدارية كالبلديات والدوائر لجأت إلى نظام التناوب في أوقات العمل من أجل تقسيم العمل ومن أجل التخفيف من عدد الموظفين الكبير داخل المكاتب التي باتت تضيق بهم·· والمشكل المطروح بشدة أن هؤلاء الموظفين أصبحوا عالة على مؤسسات الدولة فهم لا يقدمون أية إضافة إلى العمل، فهم يتقاضون رواتب شهرية بدون أداء أي عمل، وهذا ليس ذنبهم بل هم يطالبون بإيجاد حل عاجل لهذه البطالة المقنعة، من خلال إدماجهم في مناصب عمل يكونون أهلا لها من خلال أداء مهامهم واكتساب الخبرة التي تؤهلهم للوصول إلى مناصب أخرى بعد انتهاء مدة عقدهم·· أما مديرية التشغيل لولاية الجزائر من جهتها فلقد أكدت أنها وضمن مخطط التشغيل لسنة 2012 ستسعى لتغيير نمط سوق العمل في العاصمة والرقي بمستوى المستفيدين من مناصب العمل ضمن عقود ما قبل التشغيل، من خلال وضع كل شخص في مكانه المناسب حسب اختصاصه والتوفيق ما بين مطالب واحتياجات المؤسسات سواء العمومية أو الخاصة وطلبات العمل المودعة لدى مصالح التشغيل في العاصمة التي من حقها أن تستفيد هي الأخرى من الخبرة الميدانية في سوق العمل، ومن جهة أخرى إنقاص الأعباء المترتبة على الدولة التي تسببت فيها البطالة المقنعة···