تعرف الجزائر في الفترة الأخيرة تراجعا مخيفا للمطالعة، حيث بات الإقبال على القراءة والمطالعة من طرف التلاميذ والطلبة بمختلف الأطوار، يعرف تراجعا ملفتا للانتباه، وحتى بالنسبة لشراء الكتب الجديدة منها والقديمة، التي اعتدنا على مشاهدتها منتشرة على الأرصفة في الشوارع والممرات، فالإقبال على المكتبات أصبح معدوم تقريبا، حيث لا ترى أحدا يقبل على الدخول إلى المكتبات إلا من أجل شراء الكتب التي تتعلق بالمدرسة وفقط، إن هذا الوضع الخطير الذي أصبح يتميز به أغلب تلاميذ الجيل الحالي، يدعو إلى التفاتة مهمة من قبل المعنيين، ففي الوقت الذي من المفروض أن يتاح فيه الوقت للمطالعة والقراءة، تجد بعض التلاميذ يقبلون على الأنترنت والمواقع الإلكترونية، فانتشار الأنترنت قد قلص من فرص المطالعة، خاصة لدى الأطفال· فالعديد منهم يفضّلون الجلوس لساعات أمام شاشة الكمبيوتر، للسباحة الافتراضية في الشبكة العنكبوتية أو اللعب بالألعاب الإلكترونية، على حساب فتح كتاب أو قراءة رواية ما ومطالعتها، وهو نفس السبب الذي أرجع له العديد من المواطنين تراجع نسب المطالعة في الوسط الدراسي، إذ تقول إحدى السيدات إن عزوف الطلاب عن الإقبال على المطالعة في المكتبات البلدية وحتى على مستوى البيوت له أسبابه، منها على سبيل المثال لا الحصر، انتشار محلات الأنترنت التي تلقى إقبالا كبيرا، من شريحة الطلاب في مختلف الأعمار، وهذه إحدى ميزات العصر الذي تنتشر فيه المعلومة بشكل رهيب عن طريق (الأنترنت) غير أنها تحتاج في نظري إلى التنظيم أكثر، من قبل القائمين عليها، أضف إلى ذلك غلاء الكتاب في سوقنا الوطني بحيث لم يعد من السهل اقتناءها من أغلب شرائح الطلاب، وكثيرا ما اشتكى الطلاب من عجزهم عن شراء ما ينصحونهم به الأساتذة، لتدعيم معارفهم وتثبيت معلوماتهم العلمية، وحسب العارفين في مجال العلم والمعرفة، أنه مهما تعددت وسائل الحصول على ذلك يبقى الكتاب أبرز أركانها· كما أنه لا يخفى علينا أن المطالعة فن، ولها طرق وأساليب دقيقة تلقن للطلاب ويمرنون عليها في المدارس والمعاهد والثانويات، من قبل أساتذة لهم دراية تامة بذلك، وهذا يبدو أنه قد أغفل نهائيا بحيث أصبح طلابنا في واد وفن المطالعة والترغيب فيها في واد ثان، وهو ما ساهم ربما في تراجعها وانحصارها فقط على الكبار والأجيال السابقة· في حين ترجعها سيدة أخرى، وهي معلمة بمتوسطة فترى أن تراجع المقروئية عند التلاميذ يعود بالدرجة الأولى إلى مرحلة الطفولة، حيث لم يجد هؤلاء القدوة الحسنة من الوالدين الذين يهتمّون بالمطالعة ويشجعونهم عليها، ولذلك ستبقى القراءة تقنية صعبة بالنسبة لهؤلاء الأطفال الذين لا يستطيعون إتقانها، ويبقى الكتاب بمثابة الدواء المر الذي لابد منه، ولكن في المدرسة فقط، وحتى بالنسبة لأولئك الذين لا يواجهون صعوبة في القراءة، فإنّ مشاهدة التلفاز أو تصفح مواقع الأنترنت، أحسن بكثير لأنه لا يتطلب الجهد الذي تتطلبه القراءة