تراجع ملفت في قراءة والمطالعة وشراء الكتب إن المتتبع لواقع المطالعة في الجزائر وعن قرب، يتأكد من أنها في تراجع مستمر وبشكل رهيب، خاصة في السنوات الأخيرة، وأكبر دليل على ذلك، عدد المكتبات التي تشهد انخفاضا ملحوظا في شوارع العاصمة وأحيائها، فاسحة المجال أمام الأكشاك والوراقات ومحلات الأكل السريع. "الأمة العربية" حاولت تتبع واقع المطالعة في العاصمة، حيث تنقلنا لعدد من المكتبات البلدية والجامعية، لنعثر على أنها تكاد تخلو من الرواد، ماعدا ممن هم في حاجة إلى مكان للتحضير للرسائل والمذكرات. * المكتبات خاوية.. ووجهة الشباب الشواطئ أول مكان انتقلنا له هو المكتبة البلدية بالحراش، والتي وجدناها تخلو من أي مطالع وأكد لنا أحد الحراس بأن المكتبة يكون هذا هو حالها في فصل الصيف، خاصة وأن التلاميذ غدوا يفضلون الاستجمام في الشواطئ على الجلوس إلى طاولة ومطالعة كتاب. قد لا يكون هذا هو حال المكتبة البلدية للحراش، فقد طالعنا نفس الظاهرة في عدد من بلديات العاصمة، على غرار باش جراح، حسين داي وباب الواد، وقد زكى هذا الوضع افتقار عديد البلديات إلى فضاءات المطالعة ومكتبات للعامة، خاصة في البلديات المعزولة الكاليتوس، رغاية وسيدي موسى. "أحسن" أحد الشباب الذين وجدناهم بجوار المكتبة البلدية للحراش، والذي كشف لنا بأن أغلبية المكتبات البلدية فقيرة من حيث التهيئة أو حتى من حيث المادة العلمية والأدبية، كما أنها ضعيفة التجديد. إن هذا الواقع الضعيف من ناحية الإقبال والذي يمتد طيلة السنة، يزيد حدة في فصل الصيف، فالجميع وبخاصة الشباب يفضّلون التوجه إلى الشواطئ والمسابح، تاركين المكتبات خاوية من روادها، إلا في مكتبات محددة كالمكتبة الوطنية بالحامة وفرانز فانون، حيث وجدنا أن الإقبال عليها يقل برغم التهئية الجيدة لها وتوفرها على كم معتبر من الكتب والمجلات والمستحدثات التعليمة بشكل جيد، إلا أن من يتوافدون عليها لا يكاد يتعدى الطلبة المقبلين على تحضير مذكرات التخرج أو الرسائل الجامعية، أو ممن هم يحضّرون لامتحانات الدورة الاستدراكية. * محلات "الفاست فود" بدلا عن المكتبات قد يكون أحد مظاهر تراجع المطالعة وإقبال الجزائريين على هجر الكتب في فصل الصيف، هو عدد المكتبات الذي ينخفض يوما بعد يوم، لتحل محلها محلات "الفاست فود"، وكذا التراجع الكبير لبائعي الكتب القديمة، وهذا ما لمسناه في شوارع العاصمة وأزقتها والتي كانت لا تخلو منهم بساحة البريد المركزي، أودان، ساحة الشهداء، شارع حماني. "ربيع" هو أحد باعة الكتب القديمة، حدثنا قائلا إن الإقبال على الكتاب في الجزائر يتراجع بشكل رهيب، سواء للشراء أو للمطالعة، خاصة مع الغلاء الكبير في أسعارها، ف 500 دينار التي كانت تمكنك في فترة من شراء عدة كتب، بالكاد الآن أن تقتني بها كتابا واحدا أو اثنين. أما أحد الطلبة الجامعيين، فقد صرح لنا بأن شراءه يكلفه كثيرا، لذا فهو يلجأ للاشتراك في عدد من المكتبات الجامعية والمراكز الثقافية. * الانترنت تستهوي الأطفال أكثر من الكتب أما بشأن سبب عدم الإقبال على المطالعة وقراءة في فصل الصيف عند عديد الجزائريين، فأضاف بأن هذا ناجم عن غياب الوعي الثقافي، بالإضافة إلى أن العديد من الجزائريين يفضلون المتعة المحسوسة والجسدية على المتعة الفكرية في عطلهم الصيفية، بتوجههم إلى شواطئ البحر والحفلات الساهرة، وقال إن إنتشار الانترنت قد قلص من فرص المطالعة، خاصة لدى الأطفال، فالعديد منهم يفضّلون الجلوس لساعات أمام شاشة الكمبيوتر للسباحة الافتراضية في الشبكة العنكبوتية أو اللعب بالألعاب الالكترونية، على فتح كتاب أو رواية ومطالعتها.