على غرار مختلف الهوايات التي يمارسها الجزائريون خلال العطلة الصيفية، تحظى المطالعة بمكانة لا بأس بها في قائمة أولوياتهم واهتماماتهم. وإن كانت بعض الفتيات تجعلها وسيلة لقضاء أوقات الفراغ، فإن الكثير من الشباب يهجرها بحثا عن المتعة والاستجمام في فصل الراحة لا شك أن المطالعة من أهم وسائل كسب المعرفة، فهي تمكّن الإنسان من الاتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في حاضرها وماضيها، وستظل دائماً أهم وسيلة لاتصال الإنسان بعقول الآخرين وأفكارهم، ما جعلها قبلة الباحثين عن العلم والمعرفة وحتى المتعة، خاصة إذا تحدثنا عن الفتيات. الفتيات: "المطالعة لسد أوقات الفراغ" تلجأ الكثير من الفتيات الجزائريات إلى المطالعة في فترة العطلة الصيفية لإمضاء أوقات الفراغ. هذا ما لمسناه من خلال حديثنا مع بعضهن، فحياة تقول في هذا الموضوع "فترة الصيف جد مملّة في بيتنا، فنحن لا نخرج ونقضيها في البيت وأكثر ما يمكن أن يهوّن عليّ حرارة أيام الصيف الطويلة هو مطالعة كتاب". وعن الأنواع التي تفضّلها، فهي تحبّذ كثيرا الروايات التي تمكّنها من أن تبتعد بخيالها إلى أبعد الحدود الزمنية والمكانية. من جهة أخرى، فإن سلاف تعتبر المطالعة هوايتها المفضلة التي لا تستغني عنها، فهي تنتظر بفارغ الصبر فترة عطلتها من أجل أن تشبع رغبتها في الاطلاع والبحث، فهي تطالع كل أنواع الكتب من الأدب إلى الثقافة وحتى الاقتصاد والسياسة، كما تعتبرها من بين الأمور والنشاطات القارّة في يوميات العطلة. وعلى النقيض من ذلك، فهناك من يعتبرن المطالعة من الأمور المهمة في حياتهن ولا يربطنها بفترة معينة، على غرار سماح التي تستغل كل وقت فراغ لديها في قراءة كل ما قد يفيدها من كتب أو روايات. الشبان: "لا نريد بذل جهد ذهني في فترة الراحة" ذهب الكثير من الشبان الذين حدّثناهم عن المطالعة خلال الصيف إلى أن هذا الفصل مخصص للمتعة والبحر والترحال والسفر... هذا ما جاء على لسان حسام، حيث قال إنه ليس لديه وقت للقراءة في الصيف على الرغم من أنه يحبّها كثيرا، ولكن يفضّل السباحة والسياحة عبر كافة التراب الوطني. أما صديقه يحيى فقد أبرز وبكل صراحة عدم حبه للمطالعة في أي وقت من الأوقات من السنة إلا عند الضرورة التي تفرضها عليه الدراسة؛ أما خالد فقد أجاب بعبارة "لا أحب تكسار الراس في فترة الراحة"، هذا الرأي يشارك فيه العديد من الشبان وخاصة المراهقين منهم. المطالعة مقتصرة على المثقفين وفي هذا الشأن تقول الآنسة أميرة، طالبة جامعية في قسم التاريخ "أنا أطالع الكتب غالبا في الشتاء، في حين تصبح المطالعة بالنسبة لي مهمة ثقيلة في الصيف، لا سيما في المنزل. والجدير بالذكر هو أننا لا نجد أماكن مريحة في الهواء الطلق لنواضب على القراءة في جو منعش خلال هذا الفصل، فنلجأ مباشرة إلى مواقع الأنترنت التي يبدو أنها حكمت على العديد منا بالإدمان". من جهتها، السيدة سارة.ب، أستاذة جامعية في كلية العلوم السياسية، أكدت أن المطالعة وقراءة كل أنواع الكتب باللغتين العربية والفرنسية جزء لا يتجزأ من حياتها اليومية، ودائما تحتل حيزا مهما في يومياتها. لم يختلف معها كثيرا السيد محمد.ب، باحث أكاديمي في القانون، الذي أوضح أنه من المستحيل أن يستغني عن المطالعة في أي زمان أو مكان، كما أن فترة الصيف تدعم هذه الرغبة لديه وتمكّنه من إثراء رصيده الثقافي والمعلوماتي. الروايات وكتب الشعر في الصدارة زيارتنا لبعض المكتبات الجهوية في ولاية بومرداس كشفت عن تراجع كبير في الإقبال على المطالعة، فعلى حد قول السيد ياسين.ح، موظف بمكتبة بومرداس، طاولات المطالعة تكاد تكون خالية من القرّاء إلا بعض الطلاب أو المسنّين فيما تغيب فئة الشباب بنسبة كبيرة. أما فئة الأطفال فإن حضورها متوسط في الفترة الصباحية. من جهته، السيد جمال، صاحب مكتبة تبيع الكتب في العاصمة، سجل تراجعا بعض الشيء في الإقبال على شراء الكتب في هذه الفترة الزمنية. وعن الأكثر رواجا، تحدث عن الروايات العربية والفرنسية بصفة كبيرة، وكتب الشعر والطرائف، فالناس يكثر بحثهم عن المتعة في مثل هذه الأوقات من السنة. وهو نفس ما ذهبت اليه سعاد، زبونة وجدناها في المكتبة تبحث عن روايات نجيب محفوظ التي تعتبرها ممتعة ومسلية للغاية في هذه الفترة، على اعتبار أنها تقرأ كتب العلاقات الدولية طوال السنة بحكم تخصصها الجامعي. الثقافة لا ترتبط بأوقات الراحة وعلى خلاف من يُخرجون المطالعة من دائرة اهتماماتهم الصيفية، يجد البعض أنفسهم مجبرين على مجالسة الكتاب بحكم الإدمان على المطالعة، حيث إن ارتفاع درجة الحرارة لا يعيق ذلك، لأن عادة المطالعة ترسّخت لديهم، الأمر الذي ينطبق على الآنسة لمياء، مختصة في العلوم السياسية، والتي تقول "المطالعة ليس لها فواصل زمنية، وأنا شخصيا لا أستطيع أن أمضي فصل الصيف دون مجالسة الكتب، لأنني مدمنة على القراءة وأصطحب الكتب أينما ذهبت".