المرأة الحكيمة ·· هي من اعتلت سلّم الصفاء ·· وقاسمت حياتها الحب والمودّة ·· واستقت رحيق البرّ والإحسان ·· وأسدت للناس كل الناس معاني الحشمة والعفاف ·· ليست خبّاً مخادعة لوّاكة ·· ولا الخبّ المخادع يلفّ جيدها ويسقطها في حبائله ·· بل هي النصف وأنجبت النصف الآخر ·· واعية بما يدور حولها ·· مؤمنة بالله خالقها الذي خلقها في أحسن تقويم ·· موقنة أن خير هدى تهتدي به هو شرعة الله .. وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ·· يسوؤها ما تراه من ابتذال وإهانة للمرأة في بقاع العالم كلّه .. من مبتزّين لرقّتها ورحمتها وصفاء سريرتها ·· ومن جاحدين لفضلها وكدّها ورعايتها وأمومتها ·· ومن متفننين يساومونها على شرفها الفطري وإيمانها العميق بكيانها ·· هي المرأة التي لم تقف على عتبة الهوان يوما ما فأعملت فأسها تضرب في الأرض حرثاً ·· وتغرس فيه بذر السمو والعز والسؤدد ·· لتجني ثمارا يانعة ·· وأريج أزهار فوّاحة تملؤ الدنيا بها ·· أيقنت أن من ينادي بتحررها مدّعٍ تحريرها ·· لم يدرك حجم الحريّة التي ملأت فؤادها به ·· من سعة رحمة الرحيم المتعال ·· ولم يعلم هذا المنادي الماكر أنّها واعية حاذقة ·· وليست سقط متاع ·· وصفر شمال ·· وحشاش زروع ·· كي يمرّر مكره وكرهه ونزوته عليها ·· إن من يدّعي الثقافة ويختصر العلوم بإهانة المرأة والوصاية عليها ومنعها حقوقها أو الزَّجِّ بها في مقارعة ما يناسبها وما لا يناسبها ·· ويدفعها إلى مستنقع ضَحْلٍ وَحْلٍ مَحْل ·· فقد باء وخسر الرهان ·· لأنها مربية تدرك مغازي الأمور ·· وما يحاك وما يدور ·· وتعلم وتقرأ الذي بين السطور ·· من الذي ربّى الرجل ··؟! إنّها المرأة ·· من علّم الودّ والرحمة والعطف والحنان ··؟! إنها هي ·· من السكن الذي يقَرٌّ فيه الشريد والطريد والكديد والبعيد ..؟! هي والله هي ·· ثمّ يأتي من يبخسها حقّها ويشنؤها في تصرفاته نحوها .. ويبتسر ويستلّ منها شرفها ومجدها وعفتها وحياءها بحجة نصرتها والدفاع عن حقوقها وكأنها لا شيء ولا تدرك شيئا ولا تعلم من أمرها إلا بزّتها وحليتها وأناقة حليّها ·· لقد أعلنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ··(النساء شقائق الرجال) وعاملها كأم مربية وزوجة واعية وبنت محافظة وامرأة مؤمنة لها حقوق وعليها واجبات ·· بل رفع مقامها وأعلى مكانتها وقدّمها في غير ما موضع على شقيقها الرجل ·· ولم يجعل الأمر أمر مشاحّة وندّية وتضادّ بينهما ·· بل التكامل والتآزر والتكافل ·· والكلّ مكلّف وسيقف للحساب وحده ويأتي خالقه فردا ·· ويجازي على عمله إن خيرا فخير وإن شرا فلا يلومن رجل أو امرأة إلا نفسه ·· (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)· ومن يختصر المرأة على هواه وقوامته ·· ويجعلها كأَمَةٍ لا رأي لها ولا تدبير ·· فقد عَقَّ حياته قبل عقّها ·· وآذن بارتكاسة المبادئ ·· وانتشار الفوضى ·· واحتدام الصراع اللاأخلاقي بينهما ·· وإبطاء عجلة التنمية والرقي .. حقيق علينا أن نقول الحقّ وأن نصدع بما نؤمر وأن نعرض عن الجاهلين ·· يجب على المرأة أن تعلي صوتها بحقوقها من غير مواربة ولا خجل ولا تعتعة ·· (لا قدست أمة لا يأخذ فيها الضعيف حقه غير متعتع) ·· ·· وعليها أن تنزعه بقوة الحق الذي تحمله وإيمانها الذي تؤمن به ·· ويقينها أنّ الله حَكَمٌ عَدْلٌ (لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ·· ومن تجاهل صوتها وبخسها حقوقها فقد آذن بالعقوبة ·· واستحق قاصمة السماء ·· (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)·