أطلق الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أمس (الحملة الدولية لكسر الحصار عن القدس الشريف) بحضور مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين وممثلين عن بطريرك انطاكية وسائر المشرق والأب عيسى إلياس الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس والسفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ويونس العموري وكيل المجلس الإسلامي المسيحي بالقدس، وسعيد خالد الحسن الأمين العام لمؤتمر نصرة القدس، ورموز سياسية وممثلين عن هيئات عربية وإسلامية من مختلف الدول العربية· وبحسب (الأهرام) شارك في تدشين الحملة من مصر الدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور سيف الدين عبد الفتاح والدكتور محمد مختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية واللجنة الإغاثية بنقابة الأطباء والدكتور حسن نافعة· وقال الدكتور أحمد الطيب إن فلسطين هي قضية العرب والمسلمين فهي القضية الأولى في التاريخ المعاصر وفي القلب، التي هي لُب اللباب في الصراع التاريخي المحتدم الذي لا يتوقف، وقال الطيب إن عالمنا المعاصر لن يسترد عالمنا استقراره الذي هدده البغاة المعتدون، إلا برد المظالم وحفظ الحقوق، وقيام ميزان العدل، وسقوط منطق الغاب وسياسة الأمر الواقع· وقال الطيب إن الأزهر الشريف يستقبل إخواننا المقدسيين، في القاهرة الثائرة، في هذا الملتقى لأول مرة بهدف دراسة احتياجات المواطن المقدسي الأساسية من إخواننا الفلسطينيين بدءًا من احتياجات المعيشة والصحة، والانتقال والعمل والحرفة لكل عرب القدس، إلى احتياجات الناشئ الصغير منهم في الكتاب والمدرسة، مرورًا باحتياجات الشباب في نوادٍ رياضية، والشيوخ الكبار في رعاية خاصة ومؤسسات اجتماعية، بما يوفر متطلبات العيش الكريم وحاجاته الأساسية والتحسينية· وأوضح شيخ الأزهر أن الحملة تستهدف دراسة ملامح الخطة التهويدية العنصرية التي تستهدف ابتلاع المدينة كلها، ومحو سماتها العربية، ورموزها الحضارية، ومؤسساتها التاريخية، وحقوق أهلها القانونية، في تبجح وإصرار وتواصل يعينهم عليها حلفاؤهم الذين يلعبون بالنار، ويتجاهلون منطق التاريخ، وأشار أن نشرع في وضع خطتنا البديلة لحماية المدينة المقدسة، في إستراتيجية واقعية جديدة ممنهجة، نتعلم فيها من أخطائنا وتقصيرنا، ونستخدم ما بأيدينا من إمكانات وهي ليست بالقليلة، ونتيقظ لحيل الخصوم ومقولاتهم التي يروجونها حتى على شعوبنا، وفي هذا الصدد أؤكد موقف الأزهر الشريف من المدينة المقدسة: فهي كلها - قديمة كانت أو جديدة، شرقية أو غربية، مسلمة ومسيحية - في نظرنا ونظر القانون الدولي أرض محتلة، يجري عليها قواعد القانون الدولي وأعرافه، وليس القسم القديم فحسب الذي يُحاصَر الآن، وتقتطع أجزاؤه وتنتقص أطرافه، وتُهدد مقدساته في مسجدنا الأقصى ومولد السيد المسيح عليه السلام، ولا يحسبن الخصوم أننا نسينا حقوقنا، أو تنازلنا عنها دون مقابل· وأكد شيخ الأزهر أن تاريخًا جديدًا يتشكل في المنطقة ورياحًا جديدة تهب عليها، وما رسمته خرائط العدوان، لما أسموها كذبًا وزوراً وبهتانًا (الشرق الأوسط الجديد) تتحكم فيه قوى الصهيونية العنصرية، ومطامع السياسات الاستعمارية، لتستكمل استنزاف مواردنا، وتهدد مستقبل أمتنا، وتبني صروحها على أنقاضنا، هذا الذي ترسمه خرائط العدوان قد اهتز _ على أقل تقدير_ في مهب هذه الرياح الجديدة، ولن يلبث أن تهوي به الريح في مكان سحيق· وعبر شيخ الأزهر عن ثقته في الفلسطينيين، والمقدسيين منهم بوجه خاص، وأنهم من أذكى الشعوب العربية وأكثرها ثقافة يتنسمون نسمات الربيع الجديدة التي هبت على منطقتنا، وداعبت خواطر شبابنا، فتنادى بها رجالنا، ورصدها خصومنا، وما زالوا يسعون _ عبثا- إلى احتوائها وحصارها· من جانبه أكد د· سعيد خالد الحسن أمين عام مؤتمر نصرة القدس أن الحملة تحقق التفافا عربيا وإسلاميا ومسيحيا واسعا حول منظومة دعم متكامل للقدس والمقدسيين في صمودهم ورباطهم من أجل انطلاق جهود كسر حصار القدس من ساحة التأييد والمناشدة لساحة الإنجاز والانتصار· وقال إن القدس يتم فيها تجفيف الوجود العربي من خلال عرقلة المؤسسات الأهلية والخدمية، وحرمان المقدسيين من الخدمات الاجتماعية، بحيث أصبحت القدس بيئة خانقة لأهلها المقدسيين، كما يستخدم الاحتلال سلاح بطاقة الهوية الزرقاء حيث جعل أكثر من نصف تعداد المقدسيين خارج أي ولاية قانونية وغير معترف بهم، ومحرومين من الخدمات السكنية والصحية والتعليمية· وأوضح أن حملة فك الحصار تستهدف تأمين أقصى ما نستطيعه من خدمات تعليمية وصحية وسكنية لا غني للمقدسيين عنها، مشيرا إلى أن الحملة الدولية تدخل في إطار الدعم الجماهيري ضد مخططات الاحتلال وتحقق دعما اجتماعيا· وأكد أن فعاليات كسر حصار القدس يتطلب تفعيل المؤاخاة بين القدس وكافة الساحات الدولية على كافة الأصعدة الاقتصادية والقانونية والسياسية والتعبوية، وكذلك اتخاذ إجراءات قانونية وإعلامية تكرس الإدانة الأخلاقية والقانونية لسياسات الاحتلال وممارساته·