رغم أن الجزائر كانت سبّاقة إلى الانفتاح الديمقراطي والتعددية السياسية والإعلامية، ورغم أن الجزائر عاشت ربيعها قبل نحو نصف قرن من الآن، إلا أن مجموعة من الأحزاب المشكلة لما يسمى بالتيار الإسلامي تطمع في تحقيق النجاح الذي حققه نظراؤها في العديد من البلدان العربية، مثل مصر وتونس والمغرب، ويبدو من خلال التصريحات التي يطلقها مسؤولو الأحزاب الإسلامية بالجزائر أن الرهان كبير على الانتخابات التشريعية المقررة في يوم العاشر من شهر ماي القادم ليتبوؤوا موقع الصدارة في الساحة السياسية في البلاد· وتبدو حظوظ الإسلاميين في التشريعيات رهينة حسابات معقدة، وهي حسابات تتعلق من جهة بشعبية هذه الأحزاب، ومن جهة ثانية بمدى إقبال الناخبين على التصوين يوم العاشر ماي، ومن جهة اخرى بمدى استعدادها لتقديم بعض التضحيات من خلال الدخول بقوائم مشتركة· ويرى بعض المتتبعين أن الإسلاميين في الجزائر يمتلكون حظوظا كبيرة لتحقيق نتائج طيبة في استحقاق العاشر ماي، ليس نتيجة لارتدادات ما يسمى بالربيع العربي على بلادنا، فالجزائر دأبت على أن تكون في مقدمة التحولات السياسية عربيا، ولم تتعود على موقع التابع، وإنما لعدم وجود بدائل سياسية قوية يمكن أن تحرم إسلاميي الجزائر من تحقيق نتيجة طيبة في التشريعيات· وفي مقابل تفاؤل الإسلاميين الذين تتقاطع تصريحاتهم في توقع حصول التيار الإسلامي على الأغلبية، يرى بعض العارفين بخبايا العمل السياسي في الجزائر أن أحلام الإسلاميين في الجزائر قد تتبخر بسبب رفض بعض التشكيلات الحزبية الإسلامية الانضمام للتحالف المعلن بين ثلاثة أحزاب، حيث يُتوقع أن تتفرق أصوات المتعاطفين مع إسلاميي الجزائر بين ما لا يقل عن ثلاث جهات، ويتعلق الأمر بالتحالف الإسلامي الذي يضم كلا من حركة مجتمع السلم وحركة الإصلاح الوطني وحركة النهضة، من جهة، وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه "العائد إلى الساحة" عبد الله جاب الله، من جهة ثانية، وجبهة التغيير الوطني، بزعامة "المنشق" عن "حمس" عبد المجيد مناصرة، من جهة ثالثة، دون احتساب حزب جبهة الجزائرالجديدة بزعامة جمال بن عبد السلام، الأمين العام الأسبق لحركة الإصلاح، الذي يبدو أنه خلع رداء الحزب الإسلامي ليرتدي لباس الحزب الوطني·· وكان مسؤولو أحزاب التحالف الإسلامي الذي تُطبخ قوائمه الموحدة، بعيدا عن أضواء وسائل الإعلام، قد أكدوا أنهم يسعون من وراء هذا التكتّل إلى دخول الانتخابات التشريعية المقبلة بقوّة من خلال تشكيل كتلة موحّدة يكون لها التأثير البالغ في صياغة الدستور القادم، مبدين تفاؤلهم بما سيحقّقه هذا المولود السياسي الجديد، متمنّين بذلك انصهار التشكيلات السياسية المتحالفة في حزب موحّد مستقبلا· وفي هذا الخصوص، ذكر مسؤولو التشكيلات السياسية المصنفة في خانة الأحزاب الإسلامية التي تنوي تشكيل تحالف خلال انتخابات العاشر من ماي المقبل بأنهم ينوون دخول الانتخابات بقوائم موحّدة وذلك قصد تشكيل كتلة برلمانية لها تأثيرها في صياغة الدستور الجديد، حيث أوضح الأمين العام لحركة النّهضة فاتح الربيعي أن هذا التكتّل يهدف إلى الإسهام بشكل جدّي في عملية تعديل القانون الأساسي للبلاد وتصحيح مسار الإصلاحات السياسية· من جهته، أكّد الأمين العام لحركة الإصلاح عكوشي حملاوي أن الهدف من التحالف هو دخول الانتخابات المقبلة بقوائم موحّدة لتشكيل كتلة نيابية يكون لها بالغ التأثير في مراجعة الدستور، مبديا تأسّفه لما عانته الأحزاب الإسلامية خلال العهدات النيابية السابقة بسبب مواقف الأغلبية البرلمانية التي كانت تسقط التعديلات التي تلبّي طموحات المواطنين وتمرّر ما يرضي السلطة، مضيفا أن هذا التكتّل السياسي الجديد كان منتظرا من طرف الشعب وهو يفتح أبوابه أمام التشكيلات السياسية الإسلامية التي تريد الالتحاق به· وبدوره، أكّد رئيس حركة مجتمع السلم بوجرّة سلطاني أن خطة عمل هذا التحالف سترتكز على خطاب مشترك، مشيرا إلى أن هذا التحالف قد يمهّد لظهور تحالفات أخرى بعد التشريعيات بين الديمقراطيين والوطنيين، وأكّد على ضرورة أن تجسّد التحالفات الحالية الإصلاحات التي من شأنها أن تضمن التخلّي عن احتكار السلطة، مشدّدا على ضرورة ردّ الكلمة للشعب وضمان الشفافية في الاستحقاقات المقبلة·