أصدر بعض علماء الأزهر فتاوى بعدم جواز انتخاب الحاكم الذي يُهمل الشريعة الإسلامية· وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس، رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن من المناط به تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى هو ولي الأمر سواء كان ملكًا أو سلطانًا أو أميرًا، مضيفًا أن من يتولى الحكم في القضايا وتنفيذها هم أفراد نائبون عن ولي الأمر· وأوضح أن مِن أخص خصائص مهام ولي الأمر هو مراعاة تطبيق شرع الله سواء في سياسة أمور الرعية أو في جانب علاقة الدولة التي يحكمها بغيرها من الدول، وفي جانب المعاهدات والاتفاقيات التي يدخل فيها عالميًّا ويلتزم بها كرئيس لدولة إسلامية، وفي جانب النظام المتبع داخل الدولة يجب أن يراعي فيه تطبيق شريعة الله سبحانه وتعالى· وأكد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن الخلفاء الذين خلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشددون على هذا الأمر في خطبة توليهم الحكم، مبينين للناس أنهم ما جاءوا إلا لاتباع شرع الله تعالى وتطبيق العدل وما فيه صلاح الرعية ليكون أول عهدهم بالحكم هو تنبيه الأفراد إلى ذلك· وأشار إدريس إلى أن التنصل من تطبيق شريعة الله هو تنصل من أولى المهام المنوطة بأي حاكم لدولة إسلامية· ويؤيده في الرأي الدكتور عبد المعطي بيومي -عضو مجمع البحوث الإسلامية_ بقوله: إنه من المعروف أن رئيس أي دول إسلامية مسؤوليته الأولى حراسة الدين وتطبيق الشريعة الإسلامية بما يحقق مصالح العباد ويقيم العدل، وهذا التزامه الواجب أن ينفذه بمقتضى الشريعة الإسلامية والدستور· وأشار بيومي إلى الدين الإسلامي دينًا ودولةً أي هو دين عام يشمل العبادات كما يشمل الأمور الدنيوية، لافتًا إلى أنه يترك العقل البشري المجتهد ليطبق مبادئ الشريعة وقواعدها الكلية ونصوصها القطعية ليأخذ منها لمعونة المشرعين القوانين العملية التي تضبط الحياة وتحفظ الدين والأخلاق· وأضاف بيومي أن تطبيق الشريعة الإسلامية واجب يفرضه الدستور والقانون أيضًا، لأن الدستور يلزم رئيس الدولة ذات الأغلبية الإسلامية بمقتضى المادة الثانية أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، فهذا الأمر هو مهمة رئيس الدولة ومهمة السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية· ويؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان -عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة- أن أساس الحكم في الإسلام يقوم على أن رئيس الدولة مطالب شرعًا بالعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية· وأشار عثمان إلى أن الأدلة المتعددة شددت على أن الحكم لا يكون إلا طبقًا للشريعة، والحاكم مسؤول عن تطبيق أحكام الشريعة، كما قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) النساء: 59، وهذا يدل على أن الفيصل في الأمر الرجوع إلى كتاب الله تعالى· ولفت عميد كلية الشريعة إلى أن العلماء المسلمين عندما كانوا يكتبون عن رئاسة الدولة كانوا يعرفون هذا المنصب بأنه رئاسة عامة لأمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم· وختم عثمان حديثه بقوله: إذا لم يكن رئيس الدولة مؤمنًا بأن من مهامه تطبيق الشريعة فلا يجوز شرعًا اختياره كرئيس لهذه الدولة الذي ينص دستورها على أن دينها الإسلام، وأن الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع·