ربما تكون شبكة الإنترنت والمحطات التليفزيونية التي تبث عبر الأقمار الصناعية قد جعلت عالم كرة القدم مكاناً أصغر بالفعل يعرف فيه من يعيش في أقصى الأرض ما يحدث في أدناها، ولكن رغم ذلك ما زالت بطولة كأس العالم " الفيفا"تحتفظ بمنزلتها الفريدة كمسرح يحلم كل اللاعبين بالتألق فيه أمام الجماهير في كل مكان. وبالنسبة لبعض اللاعبين الشباب الصاعدين الذين خطفوا الأضواء ولفتوا الأنظار في جنوب أفريقيا، لن تكون الحياة كما كانت من قبل. فقد كانت هذه البطولة بمثابة إعلان عما يمكن أن نتوقعه من هؤلاء النجوم الصغار في نهائيات البرازيل 2014، حتى وإن كان الوقت ما زال مبكراً؛ فإذا كان الأسبوع يمثل فترة طويلة في كرة القدم، ماذا يمكن أن نقول عن أربع سنوات؟ ولكن مع ذلك يبقى من الممتع متابعة أمثال توماس مولر وأندريه أيو وجيوفاني دوس سانتوس يتقدمون في حياتهم الكروية بدءاً من الآن وحتى 2014. فسوف تنفتح أبواب جديدة بعد أن أسدل الستار على جنوب أفريقيا 2010، وسيعلو مستوى الآمال والتوقعات. وفي حالة توماس مولر، الفائز بجائزة افضل لا عب واعد ،حيث لم يفز المهاجم الألماني الصاعد بجائزة أفضل لاعب شاب فقط، بل حصل أيضاً على الحذاء الذهبي، مكافأة له على تسجيله خمسة أهداف ومساهمته في تسجيل ثلاثة أهداف أخرى، ويالها من طريقة يختتم بها موسمه الرائع مع ناديه في الدوري الممتاز! وبينما يعاني الكثير من أبناء العشرين ربيعاً أعراض "متلازمة الموسم الثاني" بعيداً عن دائرة الضوء، سيكون على مولر الآن أن يواصل تطوير إمكانياته وقدراته في البوندسليجا تحت أنظار الجميع. أوزيل يهاجم وينطبق الأمر نفسه على زميله في الفريق مسعود أوزيل، الذي كانت جهوده عاملاً جوهرياً في الأداء الهجومي الجذاب الذي قدمته ألمانيا في جنوب أفريقيا. فبعد اثني عشر شهراً من مساعدته منتخب ألمانيا تحت 21 سنة في تحقيق نصر أوروبي كبير، أبدع وهو يساعد رفاقه ليحصلوا على المركز الثالث في بطولة العالم وصار واحداً من ألمع كنوز القارة العجوز، وأصبح من المحتمل أن يغادر فيردر بريمن قبل أن ينتهي موسم الانتقالات. وكان من أبرز لاعبي غانا في مسيرتها التي امتدت حتى بلغت دور الثمانية أندريه أيو، الذي احتل مركزاً متقدماً في قائمة أفضل اللاعبين الشباب بفضل أدائه المتميز في موقع خط الوسط الهجومي، فقد بلغت نسبة تمريراته الصحيحة 85 في المئة، وكان من بين تمريراته تلك تمريرة تقدم بها أسامواه جيان على الولاياتالمتحدةالأمريكية في مباراة دور الستة عشر. والسؤال الآن هو ما إذا كان ابن أسطورة أفريقيا عبيدي بيليه سينال فرصته ويلعب مع بطل فرنسا أوليمبيك مرسيليا هذا الموسم المقبل أم سينتقل مرة أخرى بعد أن قضى موسم 2009/2010 معاراً لنادي آرليه أفينيون. وتحوم شكوك مماثلة حول المهاجم الغاني دومينيك أدياه، الذي ينتظر أن يكون رأس حربة النجوم السوداء في البرازيل بعد أربع سنوات. وكان النجم دومينيك صاحب الأهداف الثمانية في بطولة كأس العالم لاقل من 20 سنة التي جرت العام الماضي، حيث كاد ان يحتفل بهدف الفوز على أوروغواي في دور الثمانية بمونديال جنوب افريقيا لولا تصدي لويس سواريز للكرة بيده من على خط المرمى، حيث لم يتم بعد إذا كان المعني سيبدأ أولى مشاركاته الكاملة في الموسم الجديد مع إيه سي ميلان أم سيواصل مسيرته معاراً في مكان آخر. الأسلحة المكسيكية الصغيرة السؤال عن المحطة التالية يدور أيضاً في ذهن جيوفاني دوس سانتوس، المكسيكي الذي أدهش عشاق الساحرة المستديرة بحركات قدميه الرشيقة وبجرأته في اختراق صفوف المدافعين في جنوب أفريقيا. فقد انتهى المطاف بالنجم الناشئ الذي تربى في صفوف برشلونة معاراً لنادي غلطة سراي في النصف الثاني من الموسم المنقضي بعد أن كان قد انضم للنادي الإنجليزي توتنهام هوتسبر عام 2008. وسينتظر الجميع بفارغ الصبر لرؤية ما سيفعله الموهوب ذو الواحد والعشرين عاماً في مقبل الأيام، تماماً كما سينتظرون مردود زميله خافيير هرنانديز في ناديه الإنجليزي الجديد مانشستر يونايتد. ويأمل مشجعو كرة القدم في المكسيك أن يكون كلا اللاعبين الواعدين عند حسن الظن ويستكملا قصة النجاح التي بدءا كتابتها في جنوب أفريقيا، خاصة وأنهما أصبحا يحملان آمال بلاد الأزتيك في المستقبل. وهناك لاعب آخر لم يظهر مع منتخب بلاده في جنوب أفريقيا، ولكن بقاءه على دكة البدلاء لم يمنع المتابعين من اعتباره أمل إنجلترا في حل مشكلة حراسة المرمى. وهذا اللاعب هو جو هارت، الذي نال الإعجاب في المباريات الودية التي أقيمت استعداداً للنهائيات، ومع بلوغ ديفيد جيمس سن الأربعين في مستهل شهر اوت المقبل وعدم ظهور روبرت جرين بالصورة اللائقة ووقوعه في خطأ فادح أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية، يبدو أن الوقت قد حان ليتقدم على الساحة هذا الحارس الشاب البالغ من العمر 23 عاماً، خاصة بعد الأداء الراقي الذي قدمه في موسم 2009/2010 مع بيرمنجهام سيتي والذي مكنه من الإنضمام الآن لصفوف مانشستر سيتي. هذه بالطبع ما هي إلا مجموعة صغيرة من اللاعبين الواعدين الذين يأملون تلميع صورهم وإبراز أسمائهم في الفترة القادمة حتى بطولة البرازيل 2014. فما زالت القائمة تمتد لتشمل غيرهم من الأسماء، من خافيير باستوري، الأرجنتيني الذي يلعب في باليرمو والذي لم تر منه جماهير التانجو إلا لمحات سريعة في جنوب أفريقيا، إلى جناح تشيلي الخطير أليكسيس سانشيز، الذي يلعب في إيطاليا أيضاً مع نادي أودينيزي، ومن الأسباني بيدرو، الذي اختتم موسمه الباهر مع برشلونة متوجاً بالذهب في كأس العالم إلى توني كروس، أحد المواهب الألمانية الصاعدة الأخرى التي تتألق مع بايرن ميونيخ. وهؤلاء هم الذين شاركوا في جنوب أفريقيا 2010 فقط. فالبرازيليون قد يباهون أيضاً بكل من باتو ونيمار، اللذين لم يضمهما دونجا لفريقه في كأس العالم. و قد يكون من الحماقة أن نحاول التنبؤ منذ الآن بما سيحدث في أم بطولات كرة القدم بعد أربع سنوات، ولكن ما لا شك فيه هو أن هؤلاء الشباب سيستحقون المشاهدة بفضل المرود الرائع الذي قدموه الى حد الان و ينتظر ان يكون في مستوى افضل في الموعد الكروي العالمي المقرر بالبرازيل سنة 2014.