يشعر سكان القصبة بالخوف الشديد من الموت تحت الأنقاض، خاصة بعد انهيار أجزاء كبيرة من صور قلعة السلطان المتواجدة بحي باب الجديد بأعالي القصبة خلال هذا الأسبوع·· التقينا بالعديد من المواطنين الذين أتوا إلى هذا المكان من أجل إلقاء نظرة على الأضرار التي تعرض لها هذا القصر، يدفعهم الفضول والخوف أيضا من انهيار كل القلعة بما فيها قصر الداي وبالتالي وقوع كارثة كبيرة في حي باب الجديد، خاصة على حياة السكان·· ولقد عبر لنا العديد من هؤلاء المواطنين الذين حملوا معهم آلات التصوير من أجل نقلها لمعارفهم، عن استيائهم الشديد لوقوع مثل هذا الانهيار في إحدى أقواس هذه القلعة مما أدى إلى قطع الطريق فورا ومنع أي مركبة من المرور بهذا الطريق، خوفا على حياة المواطنين خاصة مع احتمال تواصل انهيار هذا الجدار الذي تصدع بشكل كبير وانهارت أجزاء كبيرة منه، وأيضا من أجل إجراء عملية ترميم لهذا الصور المتشقق عن آخره والذي يظهر أنه لا يمكن ترميمه في فترة قصيرة بل يحتاج إلى عملية دقيقة من طرف مختصين مع ضرورة تعميم هذه العملية على كل القصر الذي طالت عملية أشغال ترميمه دون وجود أي نتيجة أو أثر·· ولأن الطريق كان ممنوعا على المركبات فإن المواطنين يضطرون إلى السير على الأقدام واجتياز هذا الموقع بغية الوصول إلى غاية مقر وزارة الدفاع الوطني، من أجل انتظار الحافلة أو سيارة الأجرة الآتية من ساحة البريد المركزي، وخلال سيرهم عبر هذا الطريق الخالي من المركبات يحس المواطنون برمزية المكان وبعظمة هذه القلعة العظيمة التي بناها الأتراك خلال فترة حكمهم بالجزائر، فكانت هي العاصمة المركزية لدولتهم والتي كانت تحوي العديد من المرافق من أهمها مسجد البراني الذي خصص لضيوف القلعة للصلاة فيه ولا يزال إلى غاية الآن يسمى بهذا الاسم ولا يزال في أحسن حال، إلا أن القلعة في المقابل انهارت جميع أصوارها على عدة مراحل والقصر بدوره يتعرض لنفس الأمر رغم الأشغال الجارية بداخله منذ فترة طويلة، وها هي أقواس القلعة تنهار تدريجيا، وكما عبر لنا أحد المواطنين في هذا الموقع فإن انهيار هذا الجدار هو سقوط ثاني للدولة العثمانية في الجزائر، إلا أن السقوط الفعلي الأول كان فوق إرادتنا، أما هذا السقوط والانهيار كان بإرادتنا فكيف سمحنا بذلك؟ ولإيجاد إجابة عن سبب انهيار أجزاء من قلعة السلطان بباب الجديد، توجهنا إلى مقر جمعية حماية القصبة التي لا يبعد مقرها عن القلعة، فكانت علامات التأسف على وجوه أعضاء الجمعية الذين دوما يذكرون للمعنيين بالأمر عظمة تاريخ القصبة بكل ما تحويه من قصور وبيوت، كل ركن فيها يحمل تاريخا يفخر به الشعب الجزائري، إلا أن مهمتهم تقتصر على التذكير والتنبيه لما قد يسببه إهمال هذه الآثار من عواقب كالذي وقع مؤخرا لصور القلعة وحتى من قبله لمقبرة القطار فحتى الأموات في قبورهم طاردتهم سياسة الإهمال·· وحسب المسؤولين في هذه الجمعية فإن هذه الأخيرة ستتصل بالسلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الثقافة من أجل دراسة الوضع ووضع منهجية دقيقة لعملية الترميم والتهيئة الشاملة للقلعة، كما عملت من قبل لقصر الرياس والذي أصبح اليوم أروع تحفة أثرية من العهد العثماني في العاصمة، وقد كان من قبل وحسب هذه الجمعية مهملا مما عرضه لاحتمال التهديم كليا إلا أن جمعية القصبة وقفت في وجه هذا القرار خلال سنوات الثمانيات واستطاعت أن تتفاوض مع السلطات من أجل إعادة تهيئة هذا الموقع، وبالتعاون مع مختصين إيطاليين استطاعوا تحويل بقايا هذه الآثار إلى تحفة معمارية جميلة جدا أصبحت الآن القبلة الأولى للسياح في العاصمة، فهل يصعب إعادة نفس العملية مع قلعة السلطان بباب الجديد خاصة مع مشروع وزارة الثقافة لإعادة تهيئة بيوت القصبة··