ما تزال قرية (عين الحمراء) التابعة إقليميا لبلدية برج منايل بولاية بومرداس تعاني من تبعات العشرية السوداء ونقص كبير في التنمية إذ تشهد نقصا كبيرا في المشاريع التنموية، وهو ما جعل قاطنوها يعيشون في عزلة شبه تامّة. فوقوع هذه القرية على سفح الجبل وتمييزها بمسالك وعرة حولها إلى أحد أهم المعاقل للجماعات الإرهابية التي اتّخذت منها حصونا منيعة للاختفاء بها نظرا لتضاريسها الوعرة، وهو ما دفع بالكثير من العائلات التي كانت تقطنها إلى مغادرتها إلى أماكن أكثر أمنا واستقرارا، في حين ما تزال العائلات المتبقّية تعاني البؤس والحرمان. يعتبر مشكل التذبذب في توزيع الماء الشروب من أكبر المشاكل اليومية التي يجابهها سكان هذه القرية إذ نادرا ما تزور المياه حنفياتهم التي تبقى جافة لمدة تفوق أحيانا الشهرين على حد قول هؤلاء السكان هو ما يضطرهم للاستعانة بالآبار المتواجدة على مستوى إقليم القرية للحصول على هذه المادة الحيوية خاصة في فصل الصيف الذي تزداد فيه الحاجة إلى المياه بسبب الزيادة في استهلاكه وبالنظر إلى جفاف معظم آبار المياه في الصيف فان العديد من العائلات تلجأ إلى الاستعانة بصهاريج المياه، خاصّة تلك العائلات التي تكون لديها ولائم الأعراس وغيرها، وهو ما يكبّدها مصاريف إضافية ترهق كاهلها وتزيد من معاناتها، وفي المقابل من ذلك يتحوّل فصل الشتاء بالنسبة لهؤلاء السكان إلى جحيم لا يطاق في ظل التوزيع المتذبذب لقارورات غاز البوتان التي يعتمد عليها سكان القرية لاستعمالها في الطبخ والتدفئة إلا أن غياب الموزعين لفترات طويلة عن القرية يدفع بسكانها إلى اقتصاد قارورات غاز البوتان لاستعمالها في الطبخ، في حين يستعينون بالحطب لاستعماله في التدفئة· * الطرقات مهترئة والإنارة غائبة تشهد الطرقات المؤدية إلى قرية عين الحمراء اهتراء وتدهورا من سنة إلى أخرى، حيث لم تمسّها أشغال التعبيد منذ زمن بعيد، وهو ما يحوّلها خلال أيّام تساقط الأمطار إلى مستنقعات وبرك مائية تغزوها الأوحال يستحيل المرور عبرها، وهو ما جعل النّاقلين يعزفون عن العمل باتجاه القرية خوفا من الأعطاب التي قد تصيب مركباتهم التي تحتاج إلى أموال باهظة لإعادة تصليحها، ولا تقلّ معاناتهم خلال فصل الصيف، حيث يغزو الغبار معظم الطرقات المؤدية إلى القرية الأمر الذي يعيق عليهم عملية السياقة، وما زاد الطين بله هو انعدام الإنارة العمومية في الطرقات فرغم وجود الأعمدة إلاّ أن تحطّم المصابيح وعدم إبدالها بأخرى صالحة حال دون استفادة السكان من خدماتها· * الدراسة تتوقّف في الطور الابتدائي يضطرّ معظم التلاميذ بقرية عين الحمراء إلى مغادرة مقاعد الدراسة في أوقات جد مبكرة حيث لا تتعدى في أغلب الأحيان الطور الابتدائي و يرجع السبب في ذلك إلى النقص الفادح في وسائل النقل باتجاه مركز البلدية وهو ما يدفع بأولياء التلاميذ إلى توقيف أبنائهم عن الدراسة وتوجيههم لممارسة النشاط الفلاحي في حين يتم توقيف الإناث بسبب الخوف عليهن من الأخطار التي قد تلحق بهن وكذلك بسبب الذهنيات المنغلقة السائدة لدى الكثير من الأولياء الذين يعتبرون تمدرس الفتاة من الأمور الثانوية،في حين تجابه الفئة القليلة التي رفعت التحدي لمواصلة الدراسة مشاق السير يوميا مشيا على الأقدام مسافة تفوق 05 كيلومتر باتجاه الاكمالية أو الثانوية الواقعة بعاصمة البلدية برج منايل خاصة وأن المنطقة معروفة بتضاريسها الوعرة وتعرف تواجد الخنازير بكثرة في الطرقات وبالقرب من التجمّعات السكانية. وبما أن التلاميذ يتوجب عليهم الالتحاق بمقاعد الدراسة في الوقت المحدّد فإنهم يضطرّون للخروج باكرا من المنزل، وهو ما يزيد من احتمال تعرّضهم للخطر، خاصّة في فصل الشتاء أين يكون الظلام دامسا· أكّد لنا معظم السكان الذين تحدّثوا إلينا أن المسؤولين المحلّيين لا يزورون قريتهم إلاّ في المواعيد الانتخابية فطيلة سنوات العهدة الانتخابية لا يتذكّرهم أيّ مسؤول بحجّة تردّي الظروف الأمنية. لكن الغريب في الأمر أن هؤلاء المسؤولين يتذكّرون قريتهم خلال الحملات الانتخابية، حيث يطلقون عليهم جملة من الوعود التي سرعان ما تذهب في مهبّ الرّيح بمجرّد الفصل في نتائج الانتخابات، لتختفي القرية من قاموس المسؤولين على أن تعود مع كلّ حملة انتخابية. ليبقى هؤلاء السكان يتخبّطون في مشاكل يومية لا حصر لها جراء العزلة المفروضة عليهم بسبب انعدام المرافق الضرورية للعيش الكريم·