قرية “ عين الحمراء “ صنفت ضمن مثلث الموت لتواجد الارهاب بها و خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتنا الى قرية “ عين الحمراء “ ببرج منايل تبين أن اسمها قد اقترن بأحد معاقل التنظيم الارهابي و صنفت ضمن الخانة الحمراء ،و قد لاحظنا أن طابعها الجمالي باعتبارها تقع على سفوح الجبال جعلها مخبأ سريا للجماعات الارهابية المسلحة التي تكاد تعيش بها نظرا لتضاريسها الكثيفة و الوعرة.. ، حيث تنشط بالقرية كتيبة الأنصار منذ التسعينيات و التي أطلق عليها اسم مثلث الموت ،على اعتبار أن القرية لها منافذ على ولايات تعتبر ضمن مناطق المنطقة الثانية للجماعة السلفية للدعوة و القتال،فتضاريسها الوعرة سهلت عملية تنقل العناصر الإرهابية و الاحتكاك بنظيرتها ( تيزي وزو ) عبر جبال بوظهر بسي مصطفى ، فقرية “ عين الحمراء” بعيدة كل البعد عن مواكب التنمية و هذا ما أرق سكانها الذين اضطرتهم الظروف الأمنية الصعبة الى هجرتها و البحث عن الأمن و الاستقرار..من جهة أخرى كيف لا ؟و المنطقة لا تزال تنشط بها الجماعات الإرهابية التي تحاول إعادة بعث نشاطها من جديد ،حيث كانت احدى المناطق التي سعى التنظيم الإرهابي جمع عناصره للنظر في الإستراتيجية الجديدة للتنظيم الذي فقد رؤوسه المدبرة،ليتم اختيارها على اعتبار تضاريسها الوعرة و الكثيفة ، ،غير أن مباشرة قوات الأمن لعملية التمشيط بالمنطقة فور ورود معلومات إليها حال دون تمكن العناصر الإرهابية الاجتماع بهذه المنطقة. فسكان القرية لا تزال ذاكرتهم محفوفة بالوضع الأمني الذي شهدته خلال التسعينيات و حتى حاليا ،ففي الكثير من الأحيان تمكنت قوات الجيش من محاصرة عدد معتبر من الإرهابيين توغلوا إلى القرية و جعلوها معقلا من معاقلها و حفروا بها كازمات لا يزالوا يحتمون فيها . فأغلب مواطني القرية الذين صادفناهم يتحاشون التحدث عن الوضع الأمني مؤكدين أن قريتهم قد أنجبت ارهابين كثر،و هناك ممن هم ضمن شبكات الدعم و الإسناد لها،حيث كانوا بصدد نقل المؤونة إلى العناصر الإرهابية...،ليصبح العيش في هذه القرية جد مستحيل خاصة في ظل القصف اليومي الذي تشهده و هو ما أدخل الخوف في نفوسنا.على حد تعبير مواطني قرية “ عين الحمراء “ ببرج منايل التلاميذ يعزفون عن الدراسة لغياب وسائل النقل اضطرت العديد من العائلات الى توقيف أبنائها عن الدراسة بعدما انتقلوا الى الاكمالية المتواجدة بمركز البلدية نظير تكاليف النقل التي أثقلت كاهلهم،و قد كانت فئة الفتيات الأكثر حرمانا من التمدرس. و في هذا الصدد أكد مصدر مسؤول من المنطقة أن العديد من التلاميذ يلتحقون بمقاعد الدراسة متأخرين مما يؤدي الى وقوع شجارات مع الأساتذة الذين يصرون على التحاقهم في الوقت المحدد،مضيفا أن قلة وسائل النقل جعلت العديد من التلاميذ يقطعون مسافة 5 كلم مشيا على الأقدام يوميا للالتحاق باكمالياتهم،و هو المشكل الذي طرح على والي بومرداس الذي بدوره أمر بتخصيص حافلة خاصة لنقل التلاميذ ،الا أن لاشيء ظهر الى الوجود و بقي القرار حبيس الأدراج. المشكل هذا يطرح أخر،اذ ان المدرسة المتواجدة بالقرية تحتاج هي الأخرى الى تهيئة و ترميم،اذ تفتقد لأدنى الشروط اللائقة بدءا بالأقسام التي تتحول خلال فصل الشتاء الى برك مائية بفعل المياه التي تغمرها ،مضيفا أن أسقف أحد الأقسام قد انهار بسبب الأمطار.كما طرح ذات المتحدث مشكل عدم تقديم الوجبات الساخنة للتلاميذ خلال فصل الشتاء و اقتصارها على الوجبات الباردة و هو ما أثار استياء العديد من أولياء التلاميذ. الطرقات مهترئة..و لا حديث عن مادتي الماء و الغاز فمشاكل قرية “ عين الحمراء “ لا تتوقف عن التحركات المريبة للجماعات الارهابية و انعدام وسائل النقل التي تسببت في جعل أغلب سكان المنطقة أميين ،بل تعدتها الى مشاكل أخرى لا تعد و لا تحصى.. أول مشكل طرحه السكان هو اهتراء الطرقات فهي تكاد تكون في معظم أيام التساقط عبارة عن مستنقعات و برك يستحيل المرور عبرها و هو ما جعل الناقلين يعزفون عن الدخول الى هذه القرية خوفا من الأعطاب التي تصيب مركباتهم التي تحتاج بالتالي الى أموال باهظة لاعادة صيانتها ،أما في الصيف فالطرقات تصبح غبارا متطايرا في السماء و هو ما يجعل العائلات تقبع في بيوتها و تمنع أولادها من الخروج في النهار خوفا من اصابتهم بأمراض عديدة كالمشاكل التنفسية.. الماء الذي كان من المفروض أن يتوفر بقرية “ عين الحمراء “ الا أنه مشكل اضافي يثقل كاهل قاطنيها ،بحيث تلجأ العائلات المعوزة الى اتباع الطرق البدائية في اقتناء الماء بعد طلبها من الفلاحين الذين بدورهم يأتون بها من الأبار التي غالبا ما تكون ممزوجة بالأتربة و هو ما يهدد سلامة و صحة مقتنيها..أما العائلات الميسورة الحال فهي لا تزال تعاني من تبعات الصهاريج التي يقتنوها بأسعار باهظة من التجار الجشعين الذين يستغلون الطلب الملح على هذه المادة الضرورية في كل الفصول.. كما أن مواطنو القرية يعانون الأمرين مع غياب الغاز الطبيعي و هو مشكل آخر نغص حياتهم و حولها الى جحيم لا يطاق.. و في هذا الصدد فهم يطالبون من السلطات المعنية التدخل العاجل لانتشالهم من جحيم المعاناة الذي لا تزال تعمر بقريتهم منذ سنوات عدة ،حتى توفر لهم مشاريع تنموية من شأنها اخراجهم من الجحيم الذي يعيشون فيه.. المشاريع التنموية غائبة..فما مصير شباب القرية ؟ لم يجد شباب قرية “ عين الحمراء “ ببلدية برج منايل التي انهكها التهميش من متنفس لابراز مواهبهم اذ تفتقد القرية الى دار الشباب التي من شأنها أن تكون فضاء ترفيهيا لهم خاصة و أن أغلبهم قد تركوا مقاعد الدراسة مبكرا و هو ما دفع بالعديد منهم إلى اللجوء إلى الآفات الاجتماعية و اتباع طريق الحرقة مجازفين بأنفسهم و أموالهم على أمل منهم أن يجدوا حلمهم في الضفة الأخرى. هذا و تبقى القرية تنتظر التفاتة السلطات المحلية اليها و ادراج مشاريع تنموية من شأنها التخفيف من معاناة قاطنيها الذين فضل العديد منهم مغادرة الديار بحثا عن الأمن و الاستقرار بعدما ارتبطت قريتهم بالارهاب الذي فرض عليها العزلة و تحولت بذلك الى ساحة معركة بين قوات الأمن و هذه العناصر الارهابية التي تحتمي بتضاريسها الوعرة ما جعلها تبقى فيها الى يومنا هذا