انتهت مغامرة عبد اللّه السنوسي ورحلته السرّية في دول إفريقية متخفّيا بجواز سفر مالي مزوَّر وبدأت خيوط لعبته تتكشّف شيئا فشيئا لتظهر أسرار وخبايا تحرّكاته الأخيرة وما وراء سفره إلى موريتانيا· وحسب مصادر مطّلعة فقد اتّصل السنوسي الذي يحتفظ بعلاقة قوية مع مسؤولين موريتانيين منذ الأزمة التي عاشتها موريتانيا بعد الإطاحة بنظام سيدي محمد ولد الشيخ عبد اللّه وتدخّل القذافي كوسيط في حلّها بشخصية موريتانية كانت إلى وقت قريب تشغل منصبا حسّاسا، طالبا منها مساعدته لاسترجاع ودائع أسرة القذافي الموجودة في موريتانيا· وأكّدت المصادر أن هذه الشخصية ساعدت على استدراج السنوسي وقدّمت له كافّة الضمانات والتطمينات بشأن عدم اعتقاله في موريتانيا، كما شجَّعه على السفر إلى هناك أن النّظام في نواكشوط كان مساندا لنظام القذافي حتى سقوط طرابلس· وكشفت هذه المصادر أن الهدف من زيارة السنوسي لموريتانيا ليس التخفي فيها بل استرجاع بعض الودائع المالية التي كانت أسرة القذافي قد أودعتها في موريتانيا قبل انهيار نظام القذافي· * جهود مشتركة مع فرنسا وحسب مصادر متطابقة، فإن السلطات الموريتانية أبلغت نظيرتَها الفرنسية عن اتّصال السنوسي بها فشجّعتها على استدراجه، وأعلن مكتب الرئيس الفرنسي ساركوزي، أن اعتقال السنوسي جاء نتيجة لجهود مشتركة بين السلطات الفرنسية والموريتانية، مؤكداً أن السلطات الليبية كانت على عِلم بتلك الجهود· واعتقال السنوسي تمّ مساء الجمعة، وفقا لما أعلنته السلطات الموريتانية في بيان رسمي جاء فيه (اعتقلت السلطات الأمنية مساء الجمعة 16 مارس بمطار نواكشوط الدولي عبد اللّه السنوسي، المدير العام السابق لجهاز المخابرات الليبية، قادماً من الدارالبيضاء بالمملكة المغربية حاملاً جواز سفر مالي مزور)· * طرابلس تطالب بتسليمه وفور إعلان موريتانيا نبأ اعتقال السنوسي سارعت الحكومة الانتقالية في ليبيا إلى المطالبة بتسليمه لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وجرائم ومطاردة بحق مدنيين منذ اندلاع الثورة الليبية منتصف فيفري 2011· وقال مندوب ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية أحمد الجهاني (إن المحكمة تلقت إبلاغاً من السلطات الموريتانية يفيد بأنه تم اعتقال السنوسي في مطار العاصمة الموريتانية· وكشف أن (وفداً ليبياً رفيع المستوى بصدد المغادرة إلى العاصمة الموريتانية خلال الساعات ال24 المقبلة لإجراء مباحثات مع السلطات الموريتانية حول استلام السنوسي وإجراء محاكمة له في ليبيا)· واقتيد السنوسي الذي اختفى منذ سقوط طرابلس في أوت 2011، إلى مقر أمن الدولة في نواكشوط، حيث سيتمّ التحقيق معه قبل البت في شأن تسليمه· * سجن مدى الحياة وتعتزم فرنسا التقدم بطلب لتسلّم السنوسي من موريتانيا، إذ سبق أن حكمت عليه باريس بالسجن مدى الحياة غيابيا لدوره في هجوم عام 1989 على طائرة، أسفر عن مقتل 170 شخصا، بينهم 54 فرنسياً· ورغم أن الحكومة الموريتانية ملزمة قانونيا بتسليم مدير المخابرات الليبية السابق عبد اللّه السنوسي للعدالة الدولية، فإن الحقوقيين يؤكّدون أن لدى نواكشوط ما يبرّر استبقاء السنوسي لديها لبعض الوقت للتحقيق معه بشأن ملفات وقضايا هامّة تمسّ سيادة موريتانيا وأمنها تتعلّق بملف تفجير طائرة رئيس الوزراء الموريتاني السابق، أحمد ولد بوسيف عام 1979 عندما كان على خلاف مع القذافي، ودائما ما يتّهم أقارب وحلفاء الراحل أحمد ولد بوسيف القذافي باغتياله·