تعيش الساحة السياسية هذه الأيّام ما يمكن وصفه بحالة الطوارئ السياسية، حيث تستنفر مختلف الأحزاب كلّ طاقاتها وقدراتها وقياداتها من أجل مواصلة مغازلة النّاخبين والعمل على إقناعهم بالتوجّه إلى مكاتب التصويت أوّلا، ثمّ بالتصويت على قوائمها ثانيا بمناسبة انتخابات العاشر ماي· وبعد غلق ملف قوائم الترشيحات وعلى بُعد نحو شهر فقط من تشريعيات ماي، تجتهد مختلف التشكيلات السياسية في مخاطبة ملايين النّاخبين بطريقة تحمل الكثير من رسائل الغزل الانتخابية المعتادة عشية مثل هذه المواعيد· كما تحاول بعض الفعاليات الأخرى إقناع النّاخبين بضرورة التوجّه بكثافة إلى مكاتب التصويت بالنّظر إلى الأهمّية الكبيرة لاستحقاق العاشر ماي، وفي هذا الإطار دعا رئيس اللّجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان الأستاذ فاروق قسنطيني أمس السبت إلى (التجنّد) من أجل ضمان نجاح الانتخابات التشريعية وتحقيق (التغيير). وقال السيّد قسنطيني على أمواج القناة الدولية للإذاعة الوطنية: (ينبغي علينا التجنّد للمشاركة في الانتخابات حتى نضمن نجاحها وحتى يتحقّق التغيير من خلال برلمان تمثل الشعب حقّ تمثيل)، وحثّ المواطن إلى أن يكون (حازما)، مشيرا إلى (نفاد صبر الشبيبة) التي تسعى إلى التغيير (على غرار رئيس الجمهورية)· وبعد أن أشار إلى وجود (إحباط اجتماعي كبير) على خلفية آمال (كبيرة) أيضا قال رئيس للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان محذّرا: (لو تبنّينا غدا موقفا سلبيا لن نلوم إلاّ أنفسنا)، معربا في ذات السياق عن أمله في أن تنظّم انتخابات (نزيهة وشفّافة وناجحة)، وأوضح أنه في هذا المنظور بالذات اتّخذت الإدارة (احتياطات على كلّ المستويات) بما يكفل نزاهة الانتخابات، مُلحّا على أهمّية (مشاركة) النّاخبين· واقترح السيّد قسنطيني جعل التصويت (إجباريا) قصد (حثّ) -كما قال- الأشخاص على التصويت وإن كان (بورقة بيضاء) في حال إذا ما كان الشخص غير مقتنع بالمترشّحين المتنافسين، مذكّرا بتضحيات الشعب الجزائري الذي كافح من أجل ّانتزاع حقوقه) خلال الفترة الاستعمارية· من جهة أخرى، صرّحت الأمينة العامّة لحزب العمّال السيّدة لويزة حنّون أمس السبت بالحجار بولاية عنابة بأن حزبها (يعوّل) على عبقرية الشعب الجزائرى لجعل من تشريعيات 10 ماي المقبل (نقطة تحول يجسّد من خلاله تغيير حقيقي يكون في مستوى التطلّعات). وأضافت السيّدة حنّون خلال تنشيطها تجمّعا شعبيا لمناضلي حزبها أن الشعب الجزائري (قادر على أن يحسن الاختيار) و(يعرف كيف ينتقي الرجال والنّساء الجديرين بتشكيل مجلس شعبي وطني يتمتّع بالمصداقية)، وشدّدت على أهمّية هذه الانتخابات في (تحقيق) ما اعتبرته (القطيعة مع ممارسات الحزب الواحد ومخطّط التصحيح الهيكلي، وكذا مع اتّفاق الشركة مع الاتحاد الأوروبي)، ووصفت التشريعيات القادمة ب (الامتحان التاريخي) بالنّظر إلى (الأزمة المالية العالمية والأخطار التي تهدّد السيادة الوطنية)، ممّا (يضع الشعب الجزائرى أمام مسؤولياته ويتطلّب منه تحديد مستقبله) كما أضافت، وأوضحت أن حزبها (يعتزم الفوز بأكبر عدد ممكن) من المقاعد في البرلمان المقبل، داعية من جهة أخرى المواطنين إلى التصويت (بكثافة لحماية البلاد والمحافظة على وحدتها)، كما طالبت بضمانات (كافية) لسير اقتراع (حرّ وشفّاف يضمن تجسيد تعهّدات رئيس الجمهورية) السيّد عبد العزيز بوتفليقة· وحول الوضع في مالي دعت السيّدة حنّون الحكومة الجزائرية إلى القيام ب (دور محوري في منطقة الساحل). من جهته، صرّح السيّد أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم أمس السبت بالشلف بأن الانتخابات المقبلة تشكّل (منعرجا حاسما من أجل التغيير السلمي) و(تفتح صفحة جديدة في مستقبل البلاد سيتمّ خلالها تحديد مشروع المجتمع)· وأضاف السيّد سلطاني خلال تجمّع شعبي لمناضلي حزبه أنه (لا يتوجّب علينا إعادة أخطاء الماضي مهما كانت)، واعتبر أن ملامح التشريعيات المقبلة (تتّضح شيئا فشيئا)، قائلا إن هذه الانتخابات (فرصة على كلّ واحد منّا اغتنامها للقيام بالتغيير المرجو وذلك عبر التوجّه إلى صناديق الاقتراع)· وفي شرحه للمحاور الكبرى التي سيعرضها (تحالف الجزائر الخضراء) الذي يضمّ أيضا حركتي النّهضة والإصلاح ، أوضح السيّد سلطاني أن هذه المحاور تتركّز على التنمية والشباب والعدالة والشفافية (التي يجب أن تسود في تسيير شؤون البلاد)· أمّا الأمين العام لحزب التجديد الجزائري السيّد كمال بن سالم فصرّح أمس السبت بالبروافية بولاية المدية بأن (الامتناع عن التصويت ليس حلاّ للمشاكل التي تعيشها البلاد)· وفي تجمّع شعبي نظّم بدار الثقافة (حسن الحسني) بالبروافية أوضح السيّد ابن سالم أن الامتناع عن التصويت (ليس حلاّ للمشاكل التي تعيشها البلاد)، مضيفا أن الذين ينادون بمقاطعة التشريعيات القادمة (يريدون إبقاء البلاد في وضعها الرّاهن وحرمان الشعب من فرصة حقيقية للمشاركة في التغيير المرجو)، وذكر في هذا الصدد أن مقاطعة الانتخابات يعني (إعطاء فرصة جديدة) للانتهازيين والمنتفعين، داعيا المنتخبين إلى تلبية الموعد الانتخابي ب (كثرة) للتعبير عن رغبتهم (في التغيير وفي قطع العلاقات مع ممارسات الماضي)· وأضاف الأمين العام لحزب التجديد الجزائري من جهة أخرى أن المجلس الشعبي الوطني الجديد يجب أن يتولّى (بمفرده) وضع الدستور الجديد (بعيدا عن كلّ الضغوطات أو الابتزازات السياسية)، معتبرا أن المهمّة الرئيسية لهذا المجلس ستتمثّل في سنّ نصوص القوانين الأساسية التي تضمن العدالة الاجتماعية والحرّيات وتؤمّن أيضا التوزيع العادل لثروات البلاد (بين جميع المواطنين دون استثناء)· وفي تعليقه حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها الحدود الجنوبية للبلاد قال السيّد ابن سالم (إن هذه الأحداث يجب أن تدفعنا إلى الحذر أكثر) و(الاتحاد من أجل هدف موحّد وهو حماية والمحافظة على وحدتنا الوطنية واستقلالنا).