إذا كانت ظاهرة التجول بفناجين القهوة في الشارع ووسائل النقل والمؤسسات التربوية، وفي كل مكان تقريبا، قد انتشرت بشكل واسع بين الشبان مؤخرا مع كل ما تحمله من سلبيات صحية، بيئية وسلوكية، فإن الظاهرة امتدت لتشمل المراهقين والأطفال، وحتى فئة الجنس اللطيف أيضا، حيث بتنا نشاهد عبر طرقاتنا وشوارعنا، فتيات من مختلف الأعمار، بعضهن تلميذات، وبعضهن طالبات، وأخريات، صادف وجودهن في الشارع، قضاء بعض المشاوير أو الأشغال، وهن يحملن بين أياديهن أيضا فناجين القهوة والشاي الورقية، ويصعدن بها على متن وسائل النقل، دون أدنى شعور بالحرج، ربما من باب المبدأ القائل إنه (إذا عمت خفت)· هذه الظاهرة، التي لم تعد مقتصرة على الذكور فحسب، وشملت الإناث أيضا، سببت الكثير من التذمر والاستياء وسط المواطنين، لاسيما من كبار السن والكهول وغيرهم، نظرا لما تسببه من مشاكل عديدة، أهمها بالنسبة لهؤلاء، هو الإساءة لمنظرهن أولا، حيث من غير المعقول، حسب أحد المواطنين الذي بدا مستاءً للغاية على متن إحدى الحافلات المتجهة من عين النعجة إلى ساحة أول ماي، وهو يرى فتاتين، بدا أنهما طالبتان جامعيتان تصعدان الحافلة، وبأيديهما كوبا من الشاي، اقتنياه، من أحد باعة الشاي الصحراويين على مستوى المحطة، حيث قال إنه من غير اللائق أبدا بفتاة أن تقوم بتصرف كهذا، وإن كانوا في السابق يتذمرون من الشبان المتجولين بفناجين القهوة، فإن الظاهرة اليوم، صارت أكثر سوءا· ولعل من الأمور التي تجعل ظاهرة التجول بفناجين القهوة والشاي الورقية في الأماكن العامة، بالنسبة للكثيرين، هو وما يترتب عنها من نتائج مختلفة، تسيء إلى الآخرين، حتى وإن كان ذلك دون قصد، كإمكانية اختلال توازن صاحب الكوب، ما يؤدي إلى سقوط الكوب من يده، وتدفقه على أحد الجالسين، ما يؤدي إلى حدوث مناوشات وشجارات بين الطرفين، وهو أمر صار مألوفا، في كل مكان، ويتكرر بشكل يومي تقريبا، خاصة على متن وسائل النقل، إضافة إلى ما يشكله من نتائج بيئية كارثية، بفعل إلقاء تلك الأكواب في كل مكان تقريبا، بل ووصل الأمر ببعض المواطنين للأسف الشديد إلى إلقاء تلك الأكواب، حتى وإن تبقت منها بعض الرشفات من نوافذ السيارات والحافلات، دون أدنى اعتبار لبقية المواطنين، وكأن لكل واحد من هؤلاء عالمه الخاص، ومحيطه الخاص، وإلى جانب ذلك، نجد أيضا مشكلة، ترك بقايا تلك القهوة أو الشاي، ما يجعل المكان قذرا ومتسخا للغاية، بالإضافة إلى نتائج صحية سلبية أيضا، بسبب طول مدة حمل المشروب في ذلك الكوب الورقي، الذي قد يصل إلى عدة ساعات، من الصباح الباكر، وإلى غاية ساعات متأخرة جدا من المساء، وكذا ارتشاف الكوب الواحد من قبل عدة أشخاص في الوقت ذاته، الأمر الذي يزيد احتمال انتقال عدوى مختلف الأمراض، وغيرها من النتائج السلبية الأخرى، وهي النتائج التي تمس الطرفين على السواء، سواء الذكور أم الإناث، بسبب ظاهرة انتشرت مؤخرا بشكل واسع، دون أن يكون لها أي معنى، أو هدف، غير الحب في الظهور والتقليل من احترام الآخرين·