تشهد العديد من الأسواق الشعبية عبر الجزائر وحواف الطرقات مع كل اقتراب لموعد الصيف ظاهرة خطيرة، حيث يتم عرض وبيع المشروبات الغازية، ومختلف أنواع العصائر الأخرى، في مناطق تفتقر لأدنى شروط النظافة التي يجب توفيرها قبل عرض مثل هذه المنتجات، التي تعتبر كثيرة الاستهلاك من قبل المواطن الجزائري، خاصة وأن مثل هذه التصرفات اللامسؤولة من قبل تجار لا يهمهم سوى الربح السريع، من الممكن أن تعرض حياة المواطنين إلى خطر الإصابة بتسممات خطيرة، خصوصا إذا قلنا بأن هذه المنتجات الاستهلاكية التي تعرض مباشرة إلى أشعة الشمس، هي من أهم مسببات أغلب التسممات الغذائية، والأمراض المتنقلة التي يقف وراءها العرض غير الصحي للمأكولات والمشروبات سريعة الاستهلاك، إذ يقوم هؤلاء التجار الفوضويين الذين يكونون في أغلب الأحيان فتيانا صغارا، بعرض العديد من المنتجات الغذائية سريعة التلف تحت أشعة الشمس والغبار المتصاعد مباشرة، دون وضع أي اعتبار لصحة المواطن المستهلك لهذه المواد· وتعتبر محطات الحافلات والشوارع والأرصفة بالأسواق الشعبية، من أهم الأماكن التي تسيل لعاب هذه الفئة من التجار، خاصة وأنها تستقطب في اليوم المئات من الزوار والمسافرين، لذا فهي فرصة جيدة ليتم عبرها بيع وترويج هذه السلع الغذائية سريعة التلف، وللوقوف على مدى سوء الأمر، قمنا بجولة استطلاعية بسوق باش جراح الشعبي، أين لمسنا الخطر الذي يتربص بصحة المواطنين، حيث لفتت انتباهنا طاولات نصبها شباب متعطش لجمع الأموال، تباع عليها مختلف أنواع المشروبات الغازية والعصائر، وبالمقابل كان الإقبال عليها رهيبا من طرف المواطنين، خاصة وأن أسعارها في متناول الجميع، وعليه اقتربنا من إحدى الطاولات لمعرفة السر وراء هذا الإقبال الكبير، أين تفاجئنا من الأسعار الخيالية والمنخفضة، حيث لا تتعدى عتبة 60 دج، حتى وإن كانت قارورة سعتها لترين، ومن خلال التجول عبر مختلف هذه الطاولات عرفنا سبب بيعها بهذه الأسعار التي تمثل نصف سعرها في المحلات العادية، حيث تكون مدة صلاحيتها اقتربت من الانتهاء، وبالتالي يستغل العديد منهم قرب انتهاء صلاحية هذه المشروبات والعصائر، فيقومون ببيعها للزبائن بأسعار مغرية، إذ يخفضونها بنسبة تتعدى 50 بالمائة، في الوقت الذي يتعدى فيه سعر القارورة الواحدة في المحلات 100 دج· ولدى اقترابنا من بعض المواطنين، خاصة ممن كانوا يقبلون بكثرة على اقتناء تلك المشروبات، علمنا أنهم يدركون تماما أنها تقارب على انتهاء صلاحيتها، إذ يقبلون عليها ويتعمدون شراءها رغم الأضرار الصحية، التي من الممكن أن تسببها لهم، متحججين بأسعارها المنخفضة والمناسبة، والتي ستمكنهم من التمتع بها لأيام قبل انتهاء صلاحيتها، وعليه تقول إحدى السيدات، بأنها من بين الكثيرين الذين يقبلون على اقتناء هذه المشروبات والعصائر، فأولا أسعارها مناسبة للمواطن البسيط، وثانيا ستتمكن من إسكات أطفالها الصغار الذين يطالبونها بها في كل مرة، وعن إذا ما كانت تعلم بأن مثل هذه المشروبات ستتسبب لها في الإصابة ببعض التسممات الخطيرة، تضيف قائلة إنها تعودت على شراءها منذ مدة طويلة، حيث لم تتعرض ولا يوم لتسمم ما، لتعقب بأنها على علم تام ومسبق بأنها تقارب موعد انتهاء صلاحيتها، لذلك فهي لا تقوم بتخزينها، بل تستهلكها مباشرة· من جهتها تضيف سيدة أخرى، بأنها لا تستطيع اقتناء شيء، مدة صلاحيته توشك على النهاية، لتضيف أنه لو كان جيدا لما تم بيعه بنصف ثمنه·