تعتبر قرية أولاد (تمماشت) التابعة لأولاد راشد الواقعة جنوب شرق ولاية البويرة من القرى التي تعاني من ويلات العزلة، حيث عبر سكان البلدة عن جملة من النقائص في شتى مجالات الحياة بسبب التهميش والإهمال، عوامل اشتركت في صنع الحياة اليومية لسكانها من قبل الجهات المعنية في مختلف الميادين وهو ما جعلهم يعيشون في ظروف صعبة أثقلت كاهلهم اليومي، فهذه المنطقة ظلت ولسنوات طويلة بعيدة عن اهتمام مختلف السلطات الوصية، حيث عبروا لنا عن سخطهم وعدم رضاهم عن السلطات، مطالبين بضرورة الالتفاتة إليهم قصد تحسين ظروفهم والنظر لانشغالاتهم المتعلقة بحياتهم اليومية· إلا أن معظم العائلات يعتمدون على تشغيل أنفسهم بأنفسهم بالعمل في ممتلكاتهم الخاصة أمام الغياب الفادح لفرص العمل، إذ تعتبر البطالة الشبح الأسود الذي يلازم أهالي المنطقة الأمر الذي جعلهم يصرفون النظر عن مختلف آمالهم في الحصول على منصب شغل أمام غياب الجهات المسؤولة المكلفة بمناصب الشبكة الاجتماعية أو بهم، خاصة فيما يتعلق بخدمة الأرض التي تظل أحد مصادر رزقهم، فسكان هذه المنطقة يعتمدون على زراعة الأرض من خلال تهيئة العديد من المناطق الزراعية المملوكة لهم أو اللجوء إلى مناطق تابعة لمصالح الغابات لاسيما المناطق التي أحرقت خلال السنوات الماضية، إضافة إلى تربية المواشي حيث ظلت هاتان الأخيرتان مصدر رزق العديد من العائلات لكن هناك عوامل حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة تقدمها نقص الدعم الفلاحي أو غيابه نهائيا مقارنة بالبلديات المجاورة التي استفادت منه، وغياب التشجيع والمساعدات المقدمة من طرف السلطات حالت دون تحقيق الأهداف المنشودة في هذا الميدان، إضافة إلى انعدام أهم الضروريات التي توفر حياة كريمة كالغاز الطبيعي، هذا الأخير الذي أضحى هاجس معظم العائلات كون قاطني المنطقة يجبرون على تحمل مصاريف نقل قارورات غاز (البوتان) بطريقة استنزفت جيوبهم خاصة ذوي الدخل المحدود، منهم الذين عانوا كثيرا ونددوا سلطاتهم بوجوب توفيرها رغم أن هذه المادة لا يمكن الاستغناء عنها أبدا مما أجبر بعض العائلات الفقيرة على الاستعانة بالبديل قصد تدارك الوضع بالتوجه إلى الغابة بغرض قطع الأشجار وجمع كميات معتبرة من الحطب من أجل التدفئة أو الطهي، لاسيما مع البرودة الشديدة التي تعرفها هذه المنطقة باعتبارها منطقة ثلجية نائية شديد القسوة في فصل الشتاء، وكذلك انعدام الكهرباء ونقص المياه التي تعتبر ضرورية لإنعاش القطاع الزراعي، كما طالب العديد من المواطنين المصالح الفلاحية بهذه المنطقة بأخذ همومهم بعين الاعتبار، إذ يعاني السكان من ضعف التموين بمياه الشرب في العديد من الجهات، والأمر الذي زاد الطين بلة هو لجوء هؤلاء السكان إلى جلب المياه من الآبار بواسطة البراميل من أماكن بعيدة بالرغم من مختلف المخاطر الصحية الناجمة عن ذلك· وعلى صعيد آخر عبر سكان هذه المنطقة عن استيائهم الشديد من الوضعية الكارثية التي يعيشونها دون تدخل السلطات البلدية التي بقيت قابعة بمكانها ملازمة الصمت تجاه مشاكلهم، مؤكدين أن القرية محرومة من المشاريع التنموية وإنجاز المرافق الضرورية كبقية الهياكل القاعدية من مساحات ترفيهية ومراكز للشباب وغيرها، وحتى المرافق الصحية تعتبر غائبة كل الغياب عن الساحة مما دفع سكان المنطقة في العديد من المرات إلى التنقل نحو مستشفيات بالمناطق المجاورة من أجل إسعاف مرضاهم على غرار مستشفى سور الغزلان والمستشفى المركزي التابع لولاية البويرة، هاته المشاريع التي يمكن أن تخرج المنطقة من ويلات التخلف التي أنهكتها نتيجة تراكم هذه المشاكل والنقائص عبر السنين دون أن تكلف أية جهة نفسها عناء البحث عن حلول لرد الاعتبار لهذه القرية مما جعل الكثير منهم يلجأون إلى الهجرة بحثا عن حياة أفضل في البلديات المجاورة وحتى إلى المدن الكبرى التي أصبحت تعاني كثرة الضغط نتيجة هذا النزوح المفرط اتجاهها، الأمر الذي يتطلب تسليط الضوء عليهم ومنحهم عناية كافية للتقليل من حجم معاناتهم·