تتشكل مجموعة (الآلتراس) من الأنصار الذين يساندون فرقهم المحبوبة بتعصب وبكل الطرق المتاحة، حيث يتميز (الآلتراس) عن بقية المشجعين في طريقة التشجيع وبتواجدهم في كل مباريات فريقهم سواء في ملعبهم أو في المباريات التي تلعب خارج الديار، باستعمال الأطراف المحسوبة على مجموعة (الآلتراس) في مساندتهم لفريقهم شعارات وهتافات تمجد الفريق، إضافة إلى أعلام ورايات تحمل رموزا تعبر عن اعتقادات المجموعة، كما أن من هذه الرايات ما يحمل عبارات تستفز أنصار كل من هو محسوب على الفريق المنافس خاصة إذا كان غريما بالمعنى المعروف به في المجال الكروي· يختلف كثيرون في تحديد أصل منشأ الظاهرة (الآلتراس)، فهناك من يرجع أصلها إلى جماهير أوروبا الشرقية التي كانت تعرف بحماسها الكبير في التشجيع في بدايات القرن الماضي، وهناك من يقول بأن إيطاليا هي أول من شهدت ظهور مجموعات الالتراس، وبالتالي فإن تحديد منشأ هذه الظاهرة يعد صعبا خاصة أن مجموعات الالتراس تعد أمرا غير رسميا حيث لا تمتلك اعتمادا من السلطات أو ملفا يمكن الباحثين من الرجوع إليه لمعرفة التاريخ الحقيقي لإنشاء أي مجموعة، حيث يجب على (الالتراس) أن يكونوا مستقلين كليا عن إدارة فريقهم ولا يقبلون أية مساعدة أو امتلاءات منهم، حيث أن تصرفهم يكون نابعا عن إرادتهم واعتقاداتهم لا غير وضرورة التواجد دائما في مباريات الفريق داخل وخارج الديار لمساندتهم ودعمه· وتخضع (الالتراس) إلى بعض القواعد أو ما يسمى ب(عقلية الالتراس) وكل مجموعة لا تتقيد بهذه الضوابط لا تعتبر (التراس) بمعنى الكلمة، والتي تتمثل في ضرورة التمويل الذاتي للمجموعة من خلال اشتراكات الأعضاء وعمليات بيع منتجات (الالتراس) مثل القبعات والقمصان التي تحمل شعارها، وكذا الولاء لأفراد المجموعة، حيث أن المنتمي إلى مجموعة الالتراس يجب أن يكون دائما مواليا للأعضاء الآخرين في نفس المجموعة وأن يعمل كل ما في وسعه لحمايتهم في حالة وجود صراعات مع مجموعات التراس مناوئة لهم· ويكون على رأس مجموعة (الالتراس) شخص، يكون غالبا ذو شخصية قوية ومعروفا لدى الأنصار، ليقودها ويطلق على هذا الشخص اسم (كابو) وتعني بالإيطالية قائد، حيث يتواجد هذا القائد دائما في وضعية مقابل للأنصار موجها ظهره للميدان لتوجيه المجموعة مستعملا في الغالب مكبرا للصوت· دخول هذه الظاهرة للجزائر تعتبر ظاهرة الالتراس في الجزائر حديثة النشأة مقارنة بالدول المجاورة التي عرفت ظهور الالتراس منذ مدة وقد كان للالتراس في تونس والمغرب باع طويل في هذا المجال حتى أن التراس الرجاء البيضاوي دخلت ترتيب أحسن 20 التراس في العالم نظرا لما تقدمه من أعمال فنية رائعة في المدرجات وقدرتها الهائلة على قيادة بقية المشجعين، وقد ساعد الأشقاء في تونس طبيعة الملاعب التي يملكونها وأيضا عقليتهم التي تتقبل مثل هذه الأمور، فمثلا في تونس لو أخذنا فريق الترجي نجد أن الملعب الذي يملكه يساعد على صنع (التيفوات) بطريقة سهلة لأن كل مناصر لديه مكانه الخاص، حيث أنه بمجرد دخوله إلى الملعب يتوجه مباشرة إلى الكرسي الذي يحمل نفس الرقم الموجود في تذكرته، مما يسهل على أعضاء الالتراس في تنظيم الأمور، على عكس ما هو عليه الحال في الجزائر أين تجد المناصرين يجلسون أينما أرادوا بل أنه في أغلب ملاعب لا يوجد حتى كراسي لائقة أين تجد المناصرين يجلسون مباشرة على الإسمنت، إضافة إلى عقلية المناصر الجزائري الصعبة الذي يرفض أن يلتزم بتعليمات أعضاء الالتراس· التراس "فاردي ليوني" تابعة لفريق مولودية الجزائر أسست أول مجموعة التراس في الجزائر تحت لواء مولودية الجزائر باسم التراس (فاردي ليوني)، حدث ذلك في سنة 2007 ويعني اسمها بالإيطالية (الأسد الأخضر)، لأن حسب أنصار مولودية الجزائر فإن هاته الأخيرة هي ملك الأندية مثلما هو الأسد في الغابة، والأخضر هو أحد لوني الفريق، وتلتها مجموعة (التراس) ميقا بويز الخاصة بفريق مولودية سعيدة بعدها توالى ظهور الالتراس الواحدة بعد الأخرى حتى أن بعض الفرق أصبحت تملك مجموعتين أو ثلاث· تأثير "الألتراس" في الأنصار تعتبر ظاهرة الالتراس تحولا كبيرا في طريقة التشجيع، لأنها تحوله من التشجيع بطريقة عفوية إلى تشجيع منظم ومتعلق بضوابط وقواعد محددة، حيث يخيل للملاحظ أن عضو الالتراس يتقمص دور الموظف في شركة وهذه الشركة هي مجموعة الالترا، بل أكثر من ذلك هناك من يشبه الالتراس بالدين، لأن على المنتمي إليها أن يُبدي كل الولاء للمجموعة ويقدس القواعد التي تقوم عليها ويصل الأمر إلى أن يفدي نفسه عندما بتعلق الأمر بالدفاع عن راية المجموعة أو عن أحد أفرادها· في الجزائر يعد تطبيق (عقلية الالتراس) بمجملها صعب إن لم نقل أنه مستحيل نظرا لعدة أمور أولها وأهمها الدين، بحكم أن الإسلام يتنافى مع العديد من الأمور التي تدعو إليها الالتراس، فمثلا في بعض الدول يفرض القانون الداخلي للمجموعة على كل من ينضم إليها أن يرسم وشما على جسمه يحمل شعار المجموعة أو عبارات تمجدها، إضافة إلى أنها تشترط من المنتمي إليها أن يخصص معظم وقته لنشاطات الالتراس، الأمر الآخر هو أن فرد الالتراس يجب أن يكون مستقلا ماديا ومعنويا، ماديا يعني يستطيع المشاركة بماله الخاص في تحقيق مشاريع المجموعة، كما أنه يجب عليه حضور كل تنقلات الفريق بما فيها البعيدة وبالتالي فتكاليف السفر والمأكل والمبيت سيكون مجبرا على دفعها من جيبه الخاص، وهذا ما يعد مقدورا عليه في المجتمع الغربي الذي تمكنه وضعيته الاقتصادية من ادخار جانب من المال لهذا الأمر، وعكس ماهو عليه الحال عندنا في الجزائر أين نجد أن المناصر يتنقل في مرات قليلة مع فريقه لأن وضعيته المالية لا تسمح له بأن يرافق فريقه أينما حل وارتحل ولا يستطيع أن يشارك في كل مشاريع الالتراس، إضافة إلى أمور أخرى، وبالتالي فإن تطبيق مفهوم الالتراس حرفيا يعد أمرا صعبا للغاية إن لم نقل مستحيلا· بعض الالتراس المعروفة في الجزائر تعج الساحة الكروية في الجزائر بالعشرات من مجموعات الالتراس، فكل أندية القسمين الأول والثاني المحترفين تملك مجموعة أو اثنين من الألتراس، وهناك من فرق الأقسام الهاوية والسفلى من تملك مجموعات التراس خاصة بها، لكن هناك تباين بين هذه المجموعات وهو التباين الذي يتمثل في الإمكانيات وأيضا في القاعدة الجماهيرية التي يحتويها الفريق، حيث تعج الساحة الكروية في الجزائر بمجموعات (التراس) خاصة تنشط تحت لواء الفرق الناشطة في البطولة المحترفة ويتعلق الأمر بكل من آيروسي آلجيري (اتحاد العاصمة)، ديابلو (اتحاد العاصمة)، لوكا راقازي (شباب قسنطينة)، فاردي ليوني (مولودية الجزائر)، توالف بلاير (مولودية الجزائر)، فاناتيك رادز (شباب بلوزداد) ، كابيلي بويز (شبيبة القبائل)، ميقا بويز (مولودية سعيدة)، بولينا (جمعية الشلف)، راد باور (جمعية الشلف)، داي بويز (نصر حسين داي) والترا آنديان (اتحاد الحراش)· واقعة "اللافتات" بين أنصار شباب بلوزداد واتحاد العاصمة عرفت مع انطلاقة الموسم الكروي الجاري حادثة كادت أن تحدث فوضى كبيرة في وسط الجماهير الرياضية، كانا بطلاها مجموعتي (الالتراس) الخاصة بشباب بلوزداد (فناتيك رادز) ومجموعة (آيروسي آلجيري) و(ديابلو) الخاصة بفريق اتحاد العاصمة وذلك خلال المباراة التي جمعت الفريقين في الذهاب، حيث وكما سبق ذكره فإن من أعمال الالتراس الأساسية هي تنشيط بداية المباريات، إضافة إلى تعليق رايات تحمل رسائل إلى الجمهور المقابل أو الإدارة أو حتى السلطات، وقد قامت التراس الاتحاد بتصميم راية كبيرة مرسوم عليها حافلة حمراء مكتوب على لوحة ترقيمها 18 - 62 وأمامها لافتة مكتوب فيها (مرحبا بكم في العاصمة) وهذا لاستفزاز جماهير بلوزداد الذي ينحدر معظمهم من ولاية جيجل وهو ما يعنيه الرقم 18، أما الرقم 62 فيرمز إلى تاريخ إنشاء فريق شباب بلوزداد، مما أغضب كثيرا الأطراف المحسوبة على شباب بلوزداد، وأدى بأنصار هذا الأخير إلى وضع راية كبيرة في المدرجات ردا على نظرائهم من الاتحاد تحتوي ألفاظا نابية تمس شرف السكان القاطنين في الحي العريق القصبة وكذا (سوسطارة)، مما تطلب تدخل ءعوان الأمن لاحتواء الوضع بصعوبة كبيرة جدا بسبب رفض أنصار شباب بلوزداد نزع الراية من المدرجات· وقد أشعلت هذه الحادثة حربا كلامية في الجرائد بين الطرفين، فمسؤولو فريق شباب بلوزداد اتهموا أنصار اتحاد العاصمة بالجهوية وبأنهم أنقصوا من قيمة سكان ولاية جيجل، وهذا ما نفاه أعضاء (لتراس) سوسطارة (الذين برروا ما قاموا به أنه كان من قبيل المزاح فقط وأن المخطئ في القصة كلها هم من قاموا بكتابة كلمات بذيئة تقذف شرف القصبة العريقة و(سوسطارة) وأنهم لن يغفروا لهم فعلتهم هذه حتى يعتذروا علنا، وقد وصل صدى الأزمة إلى أن تناولتها إحدى القنوات العربية في روبورتاج مطولا ، الأمر الذي جعل الرابطة المحترفة تتخذ قرار اللجوء إلى إمكانية إلغاء أي مباراة يتم تعليق فيها رايات مستفزة واحتساب الفريقين منهزمين على البساط بهدف تفادي تصرفات مماثلة· حادثة لافتة التراس شباب قسنطينة والأزمة مع الرابطة كما شهدت الساحة الكروية أيضا حدثا كان سببه جماعة (التراس) شبيبة قسنطينة التي وبعد أن ظلم فريقهم من طرف الرابطة في قضية تأهيل اللاعبين الجدد، ارتأوا إلى أن يحتجوا على الرابطة بطريقتهم الخاصة وهي تعليق راية كبيرة في ملعب حملاوي مكتوب عليها (نريد رابطة محترفة مع الأندية وليس ضدها)، وهذا ما جعل محفوظ قرباج يدخل في صراع مع هؤلاء الأنصار وقد تم معاقبتهم بلعب مباراة بمدرجات خالية من الجمهور، مما أثار حفيظة مسؤولي فريق مدينة (الجسور المعلقة) عقب الحادثة، بحجة أن فريقهم حرم من الأنصار يسبب لافتة تحمل نداء فقط ولا تحتوي على أي عبارات مخالفة، في الوقت الذي لم يعاقب أنصار شباب بلوزداد واتحاد العاصمة، مما فتح الباب على مصراعيه لاتهام رئيس الرابطة المحترفة محفوظ قرباج بمحاباة الفريق الذي كان على رأس إدارته شباب بلوزداد، هذا وقد نالت قضية تأهيل لاعبي شباب قسنطينة اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام الوطنية وحتى العربية، وتعود تفاصيل القضية إلى رفض الرابطة الوطنية تأهيل أربع لاعبين استقدمهم شباب قسنطينة بحجة انتهاء سوق التحويلات ما اضطر مسيري هذا النادي إلى تقديم شكوى إلى أعلى هيئة كروية والتي يترأسها بلاتير الذي أنصف شباب قسنطينة بالسماح له بتأهيل اللاعبين المعنيين طبقا للقوانين المعمول بها، مما وضع إدارة فريق الجسور المعلقة في موقع قوة من الناحية القانوية·