استقبلتنا عائلة ترفوس بالشارع بعد أن جرها حظها العاثر من بيت قصديري متكون من غرفتين إلى خيمة من البلاستيك بحي المقام الجميل التابع لبلدية بئر مراد رايس، إلا أن ما كان يتردد على فم رب العائلة الذي وصل إلى درجة من التخلق هي عبارة (الحمد لله) التي قد لا نسمعها حتى ممن يقطنون قصورا فخمة، وكانت زوجته السيدة ترفوس تحكي لنا مأساتها منذ 27 سنة قضتها في بيت قصديري بالقرب من تلك الخيمة البلاستيكية التي تقطنها وعائلتها، إلا أنها طردت منه بعد أن تم تصنيف أرضه ضمن (أرض حبوس)· خ· نسيمة وتم تنفيذ الطرد في 10 نوفمبر 2011 ومنذ ذلك الوقت وعائلة ترفوس تعاني الأمرين، بحيث تذوقت قر الشتاء والثلوج والمياه التي غمرت المنزل، وتتخوف من اجتياز موسم الحر في تلك البقعة التي لا تشبه منزلاً في شيء ولا يخيل للمرء أن آدميين يعيشون بها، وتضم أسرة متكونة من أربعة أبناء والأب والأم ليعش كلهم حياة تشرد بذلك الجحر المنجز من الصفيح والبلاستيك وبعض الخردوات وضعتها العائلة لستر نفسها وهي في الشارع، إلا أن تلك الحواجز لم تبعد عنها الاعتداءات والمساس بحرمتها من طرف المنحرفين والمتشردين، مما أدى بها إلى الفرار ببناتها عند الأهل خاصة وأن الكبيرة تبلغ من العمر 23 عام وأجّل مشروع زواجها بسبب الأزمة التي حلت بهم، وأختها المقبلة على اجتياز شهادة البكالوريا وأخرى جامعية تدرس القانون أما الصغيرة فتدرس بالمتوسطة، والابن يبلغ من العمر 16 سنة تتخوف أمه من انحرافه بالنظر إلى الوضعية التي يعايشونها بذلك القبر· فهم عائلة شريفة تلاعب بها المسؤولون على مستوى بلدية بئر مراد رايس التي تخادعهم بالوعود في كل مرة بإعادة إسكانهم، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، مما أدى إلى تكبدهم ظروفا مزرية وصعبة لا يتمناها أي شخص خاصة وأنهم يعيشون حياة تشرد بالشارع، بحيث قالت الأم التي كانت تسرد مأساتها وقلبها يدمي ألما وحسرة على الظروف التي تجتازها العائلة خاصة وأنها تعاني من مرض القلب والضغط والربو، إلا أنها تعمل جاهدة على مواساة أبنائها في مصابهم، وتسلحهم دوما بالصبر خوفا من الانعكاسات الخطيرة للوضع على نفسياتهم وهم في عمر الزهور، وأضافت أنها اجتازت الشتاء وصقيع البرد والثلوج تحت ذلك البلاستيك الذي كان أرحم من قلوب المسؤولين بالبلدية الذين وفدت إليهم في كل مرة ودهشت في مرة عندما أجابها رئيس البلدية بالقول إن من سكان الحي من مكث لمدة سنة في وضعية مشابهة، إلا أنها ردت عليه بالقول كنت أنتظر مثالا لشخص قضى ليلة واحدة وانتشلتموه من وضعية مزرية وحياة الضياع التي لا يتمناها أحد لعائلته· كما أخبرتنا السيدة ترفوس أن أثاثها مبعثر في نواحي الحي وهو نفس ما وقفنا عليه خاصة وأن ذلك الجحر الذي لا يتعدى 4 أمتار في الطول ومترين عرض لا يكفي لضم كل الأثاث مما أدى إلى فساد كل أثاثها المعرض للأمطار ولأشعة الشمس، إلا أنها رأت أن كل ذلك يهون، لكن ما لم تتحمله هو حياة التشرد التي تعيش فيها عائلة محترمة متكونة من سبعة أفراد، وقالت في نفس السياق إنها راسلت رئيس الجمهورية وكذا الدائرة المنتدبة للنظر في وضعيتها إلا أنه لا جديد يذكر خاصة وأن حالتها الاجتماعية لا تسمح لها حتى على تأجير منزل لائق، فالأب متقاعد بالكاد يقوى أجره الشهري على التكفل بمتطلبات الأسرة· وطالب السيد فرتوس بضرورة النظر في وضعيتهم اليوم قبل الغد كون أن ذلك الجحر لا يصلح للعيش البشري فهم يقبعون بالشارع، ولكونهم أسرة شريفة ومحترمة أبناؤها من الطبقة المتعلمة راحوا إلى ستر أنفسهم ببعض صفيح الحديد والألواح المهملة وتبثوها بالبلاستيك، وبعد أن عايشوا أوضاعا صعبة في فصل الشتاء يناشدون أصحاب القرار على رأسهم رئيس بلدية بئر مراد رايس الذي أدار لهم ظهره في كل مرة وتنصل من مسؤوليته، منحهم سكنا اجتماعيا يلتفون من حوله خاصة وأن زوجته تدهورت صحتها كثيرا منذ أن حلت بهم الأزمة التي تشارف على دخول شهرها السابع، كما أن تمضية ليلة هناك في ظل تلك الأوضاع هي بمثابة الدهر إن صح التعبير·