من بين أهم الأمور التي أصبحت تشترط على المرأة المقبلة على الزواج، هو العمل، حيث لم يعد عمل المرأة خارجا نوعا من أنواع الرفاهية والتسلية، ولا مطلبا من مطالب الجمعيات المنددة بحقوق المرأة، ولا هربا من قبضة الحموات، كما ساد سابقا، حيث أصبح في كثير من الأحيان، من أهم الشروط، لاستمرار العلاقة الزوجية، خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف ومتطلبات المعيشة، والتي أصبح فيها راتب الزوج وحده، غير كاف لتحقيق التوازن المعيشي لأفراد الأسرة· لذا فالجدل الذي كان قائما في الماضي حول عمل المرأة من عدمه، اختفى مع مرور الوقت، وأكثر من ذلك، فإن أغلبية المقبلين على الزواج، صاروا يبحثون عن المرأة العاملة، أو يشترطون في زوجتهم المستقبلية أن تكون عاملة، وهذا من أجل أن تقاسمهم أعباء الحياة الكثيرة· وعليه فإن البعض أصبح يرى أن إسهام الزوجة في تغطية مصاريف البيت، أمر مفروغ منه ولا جدال أو نقاش فيه في وقتنا الحالي، أما البعض الآخر فيعتبر أن ما تجنيه الزوجة، من عملها هو من ملكها الخاص، لذا فلها حرية إنفاقه على احتياجاتها الشخصية، غير أنهم لا يمانعون من الاستفادة منه أيضا، في حين هناك من يتهرب من مسؤولياته، ليتركها على عاتق الزوجة وحدها، خصوصاً إذا ما كان دخلها مرتفعاً، وفي بعض الأحيان حتى وإن كان زهيدا· وفي هذا الصدد قمنا بالحديث مع بعض السيدات العاملات، حيث صرحت بعضهن أنه لا مانع لديهن في مساعدة أزواجهن، خاصة في ظل ارتفاع التكاليف، أما الأخريات فرفضن تماما مشاركة مالهن مع أزواجهن، متمسكين بفكرة أنه على الزوج وحده، مسؤولية الإنفاق على البيت والأولاد· وفي هذا السياق تقول السيدة يمينة، والتي تشتغل في مجال صناعة الحلويات، إنها في سنوات زواجها الأولى، كان زوجها ينفق على الأسرة من راتبه الشهري، دون أي تذمر، غير أنها تضيف أن الوضع تغير، بمجرد استغلالها لمهاراتها في فن صناعة الحلويات، حيث أصبح يتعمد نسيان اقتناء بعض متطلبات البيت الأساسية، على غرار مواد التنظيف ومستلزمات المطبخ، لإرغامها على شرائها بمالها الخاص الذي تجنيه من صناعة الحلويات، لتعقب أنها قامت بمواجهته بالأمر، ليطلب منها صراحة مشاركته بميزانية البيت، لأن راتبه الشهري لم يعد كافيا، لتغطية مصاريف البيت والأولاد· من جهتها قالت السيدة سامية، وهي معلمة بإحدى الثانويات غرب العاصمة، إنه لا عيب في أن يستولي زوجها، وهو إطار بإحدى المؤسسات العمومية، على راتبها الشهري، مؤكدة أنها وضعت دفتر شيكاتها تحت تصرفه، ليسحب ما يشاء منه، ومتى شاء مادمنا متفقين من البداية على ذلك· السيدة سعيدة ترى بأن راتبها الشهري، ملك لها وحدها، إذ لا يحق لزوجها التصرف فيه إلا بإذن منها، وبناء على هذا الاتفاق مازال زواجنا مستمرا منذ 25 سنة، دون وقوع أي مشاكل تذكر بيننا، فهو مضطر لإعالة الأسرة، وفي حال احتاج إلى المال، أقرضه مبلغا معينا أسترجعه بمجرد أن يقبض راتبه، دون أي غضب أو حساسيات· وبما أن الشرع والدين يثبتان أن مسؤولية الإنفاق تقع على عاتق الزوج لا الزوجة، إلا أنه في مجتمعنا الجزائري، خاصة في الآونة الأخيرة تبقى المرأة مضطرة في كثير من الأحيان، إلى المساهمة في ميزانية الأسرة، ومساعدة زوجها، وهو ما من شانه أن يوثق الألفة والمحبة بينهما·