تعيش أكثر من 600 عائلة بحي أولاد بن عمر ببلدية بوزريعة بالعاصمة، داخل بيوت قصديرية هشة مهددة بالانهيار في أية لحظة، نتيجة تشييدها من الصفيح والزنك، في ظروف أقل مايقال إنها كارثية ووسط ظروف معيشية مأساوية لا تصلح لأن تكون مأوى للبشر· وفي جولة قادت (أخبار اليوم) إلى عين المكان وقفت على حجم المعاناة والتهميش والحرمان الذي فرض عليها داخل بيوت شبيهة بالإسطبلات، حيث اقتربنا من بعض العائلات المضطرة للإقامة بمثل هذه السكنات، انتابتنا الدهشة من الطريقة التي شيدت بها هذه البيوت من صفائح الزنك والبلاستيك والخشب كما لو كانت بيوتا صيفية، وتواجدها بمنطقة تشهد انزلاق التربة زاد الأمر معاناة مع الانزلاقات التي تهدد حياتهم في أي وقت، ناهيك عن تراكم النفايات التي صنعت ديكورا دون رفعها أدى إلى انتشار الروائح الكريهة المقرفة التي تتقزز لها الأنفس، ما ساهم بشكل كبير في الانتشار الملفت للقوارض والحشرات والعقارب التي تتقاسم المكان مع السكان والتي حوّلت حياتهم إلى كابوس مزعج، فهم لا يؤمنون على أنفسهم وأولادهم من لسعات العقارب، وعضات الجرذان التي تتغذى بكل أنواع القاذورات، التي من شأنها أن تصيبهم بأمراض خطيرة· وفي هذا الصدد قالت إحدى القاطنات إن طفلها الذي لا يتعدى الخمسة أشهر تعرض إلى لسعة عقرب كادت تودي بحياته لولا تدخل أحد الجيران الذي نقله على جناح السرعة إلى المستشفى· وأردفت قائلة إن حياتهم تتحول إلى جحيم حقيقي بحلول فصل الصيف، حيث تصبح المنطقة مكانا للأفاعي وانتشار مختلف الحيوانات المؤذية والضارة، حيث يحرم عليهم النوم والراحة بهذا الحي المحفوف بالمخاطر من كل النواحي· كما وصفت وضعيتهم بأنها غير إنسانية وأنهم يعيشون حياة حيوانية بحتة، فالسكنات لا تتوفر على أدنى شروط العيش الكريم، حيث تزداد تدهورا كلما اقترب فصل الشتاء، حيث تغرق سكناتهم مع أولى قطرات المطر، بسبب هشاشة الأسقف والجدران المشيدة بطريقة عشوائية مما يسهل عملية تسرب المياه إلى الداخل· وأثناء أيام الشتاء تبدأ معاناة العائلات، لاسيما خلال التقلبات الجوية الأخيرة، حيث قضت العائلات ليال بيضاء تصارع المياه المتسربة من مختلف التشققات والثقوب وزوايا الأسقف الهشة، فالوضع المزري أصاب العديد من الأطفال بأمراض مختلفة، فالحساسيات الجلدية والربو بات يلازم سكان الحي، وهذا نتيجة الرطوبة العالية وزيادة نسبة التلوث، فهم يتجرعون مرارتها كلما تساقطت الأمطار، ووصف لنا السكان حياتهم بالبدائية والريفية مع انعدام أدنى شروط العيش الكريم، بالرغم من أنهم يعيشون في ضواحي العاصمة، إلا أنه مجرد اسم على غير مسمى على حد تعبيرهم، فالطرقات لم تشهد أية عملية تهيئة، وهو ما يجعلهم يتكبدون المعاناة، وبالخصوص في فصل الشتاء، حيث تتحول الطرقات المهترئة والممتلئة بالحفر إلى مستنقعات بمجرد تساقط كميات قليلة من الأمطار، أين يستحيل على السكان الخروج والتنقل خاصة الأطفال المتمدرسين، مما يجعلهم ينتعلون أحذية بلاستيكية لتجنب الأوحال والمياه الراكدة التي تقطع الطريق للراجلين، وأما أصحاب السيارات فحدث ولا حرج، ففي كثير من الأحيان تصاب بعض السيارات بأعطاب ميكانيكية نتيجة الحفر التي تخفيها المياه والأوحال· وأمام هذه الأوضاع المأساوية التي تتخبط فيها العائلات المقيمة بسكنات لا تصلح حتى للحيوانات يجدد هؤلاء مطالبهم واستغاثتهم للسلطات لمحلية إنقاذهم من المخاطر التي تحاصرهم والموت الذي يهدد حياتهم في أي لحظة·