إليسا تقلّد فنانات أوروبيات، أحلام تقلد جنيفر لوبيز، ميريام فارس تقلد شاكيرا... القائمة تطول حول فنانات عربيات منبهرات بفنانات في الغرب ويقلدنهن في أزيائهن وصورهن وحتى إطلالتهن سواء في الكليبات أو الألبومات أو الصور... ما يدفع إلى التساؤل: (هل أصبح الفن استهلاكياً إلى درجة أنه لم تعد له هوية محددة مرتبطة بأرض وبتاريخ؟ أُخذ على إليسا أنها تقلّد فنانات أوروبيات في صورها على أغلفة ألبوماتها من دون أن تحاول إدخال هويتها الشرقية أو الظهور بمظهر فنانة عربية تمزج بين شرقيتها وحبها لتقليد الغرب· لكن ما لبث أن اعتاد الجمهور عليها، لا سيما أنها في الآونة الأخيرة بدأت تسبق زميلاتها الأجنبيات بالاستعانة بكبار المصممين في العالم وابتكار أفكار جديدة في غلاف ألبومها الأخير· بدورها، ظهرت أحلام في برنامج (أراب أيدول) وهي تقلد الفنانة العالمية جينيفر لوبيز، وهذا الأمر ليس جديداً عليها، فقد بدأت تقليد لوبيز منذ فترة طويلة خصوصاً في صورها التي توزعها على وسائل الإعلام المختلفة· ميريام فارس إحدى أكثر الفنانات اللواتي أصبن بعدوى التقليد، لقبت بشاكيرا العرب وهو يليق بها قلباً وقالباً لأن لميريام موهبة الرقص والغناء وتملك بعضاً من موهبة شاكيرا، إلا أنها ما لبثت أن طورت هذا التقليد ليشمل فنانات أوروبيات· فقد أخذ عليها في الآونة الأخيرة تقليدها أنجلينا جولي في طريقة وقوفها أمام عدسات الكاميرا، وبريتني سبيرز وجنيفر لوبيز وغيرهنّ... وقد وصل الأمر بميريام إلى القول إن شاكيرا قلدتها في أحد كليباتها، ما أثار استغراب الصحافة· تقليد الأزياء لم تكتفِ المغنيات اللبنانيات بتقليد الأجنبيات بل أصبحن يقلدن بعضهن البعض كونهن يبتعن ملابسهن من أهمّ دور الأزياء في أوروبا، لا سيما روبرتو كافالي عدا عن المصممين اللبنانيين إيلي صعب وزهير مراد... أكثر من ذلك ثمة مواقع إلكترونية تنظم مسابقات حول أجمل فستان للفنانات، خصوصاً عندما ترتدي فنانتان التصميم نفسه، مثلما حدث مع إليسا وهيفا، أو عندما ترتدي فنانة لبنانية وأخرى أجنبية التصميم نفسه· نمت موضة تقليد الغرب بعد الثراء الفاحش الذي تتمتع به الفنانات العربيات، تحديداً اللبنانيات، نتيجة ازدهار الحفلات الغنائية في السنوات العشر الأخيرة، وانتشار ظاهرة الحفلات الخاصة التي تصرف فيها الملايين· ليس مستغرباً أن ترتدي أحلام أزياء لأهم المصممين العالميين ما دامت تملك طائرة خاصة، كذلك الأمر بالنسبة إلى هيفا وهبي التي تعتبر إحدى أكثر الفنانات ثراء نظراً إلى حفلاتها وزواجها من الملياردير أحمد أبو هشيمة من دون أن ننسى خطوبتها من الملياردير الراحل طارق الجفالي الذي قدم لها هدايا تقدر بأرقام فلكية· كذلك لا عجب أن تشتهر إليسا بأناقتها فألبوماتها تحقق أعلى نسبة مبيعات في أنحاء العالم العربي، وأن تصبح ميريام، التي أسست شركة انتاج خاصة بها (ميريام ميوزيك)، إحدى أهمّ المتسوقات من دور الأزياء في العالم· أسطورة الأناقة ما يثير الاستفزاز أن الفنانات يتغنين بأنهن يرتدين من تصميم هذا المصمم العالمي أو ذاك ولا يتركن مجالاً للجمهور ليحكم بنفسه على أناقتهن· كانت صباح أسطورة الأناقة من المحيط إلى الخليج، لكنها لم تكن تتغنى بأناقتها سوى من باب الدعاية للمصمم الذي تستعين به، فيما تتغنى فنانات اليوم بماركة الملابس التي يرتدينها وينشرن صورهن وهن يتابعن أسبوع الموضة السنوي في باريس وروما... رأي علم النفس يوضح الدكتور حسن اسماعيل، أستاذ علم النفس العيادي، أن الفن اليوم يعتمد على عنصر الإبهار وليس على الموهبة كما كان في الماضي، بالإضافة إلى ظهور فنانين همهم الأول الإطلالة بحلة تبهر الجمهور لتغطية ضعف موهبتهم· وقد نجح فنانون كثر في جذب الجمهور بهذه الطريقة، كون المجتمع اليوم استهلاكياً ويدفع المشاهد إلى التركيز على ما يرتديه الفنان أكثر من موهبته· يضيف: (ترتدي المطربة الكبيرة فيروز في إطلالاتها أزياء في منتهى الأناقة ويغلب عليها طابع البساطة وربما تكون باهظة الثمن، لكنها ليست مبهرة، لأنها تدرك أن الجمهور يأتي لشخصها وللفن الذي تقدمه وليس لأمر آخر، على عكس فنانات اليوم)· وحول إبراز الفنانات مفاتنهن يعلق اسماعيل: (هو تعبير عن أنهن متحررات ويواكبن الموضة في أوروبا من دون أن يأخذن في الاعتبار العادات والتقاليد العربية، ولأنهن يدركن تماماً أن موهبتهن بمفردها قد لا تؤهلهن لجذب الجمهور، لذلك يركزن على إظهار مفاتنهن)· يلاحظ إسماعيل أن هذه الظاهرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة، هي اليوم إلى انحسار بفعل صعود الإسلام السياسي نتيجة الثورات العربية، ما سينعكس بشكل أو بآخر على الفن· بالتالي، ستغيّر الفنانات الطريقة التي يظهرن بها تماشياً مع ما سيكون سائداً في الفترة المقبلة· ويلفت إسماعيل إلى أن الفنانات يأتين من بيئات متواضعة، (هذا بالتأكيد ليس عيباً لكنه يترك أثراً لدى من يصبحن ثريات بسرعة الصاروخ، فينفقن المال لشراء ملابس فاخرة من ماركات عالميّة)· أخطر ما في هذه الناحية، برأيه، (ألا تعتاد الفنانة على وضعها الجديد وتظل في حالة انتقام مستمر من الماضي، وهذا ما لاحظه لدى غالبية الفنانات الشابات اللواتي يشكلن نموذجاً خاطئاً يدفع الفتيات إلى تقليد سطحيتهن وحركاتهن المبتذلة، ما يؤثر سلباً بالطبع على الأجيال الشابة)·