يعيش معظم الشباب والشابات خاصة خريجي الجامعات ومراكز التكوين الخاصة العديد من المشاكل، بداية من هاجس الخدمة الوطنية إلى البيروقراطية والتمييز الذي يقابلهم ويكون لهم بالمرصاد كلما حاولوا الظفر بمنصب عمل يصونون به كرامتهم. مروان.. التميز سبب بطالتي محدثنا مروان خريج جامعي فتح قلبه ل"الفجر" وكشف أن البطالة أرهقته، والسبب يعود - حسبه - للتمييز الذي يصادفه كلما تقدم بطلب توظيف. وأوضح أن معظم المؤسسات التي قصدها تفضل توظيف النساء على الرجال، وأضاف قائلا ".. مع كل دخول اجتماعي أقوم بتكوين حوالي خمسة عشر ملفا بغية المشاركة في المسابقات التي تفتحها المؤسسات.. إلا أنه ولا واحدة استطاعت توظيفي، فأغلبهم يفضل توظيف النساء على الرجال"، أما عز الدين أستاذ اللغة الانجليزية فقال إنه لم يتعرض للتمييز أثناء توظيفه بحكم مباشرة عمله بناء على عقد مسبق مع المعهد الذي تكون فيه، إلا أنه يعترف بوجود واستفحال هذه الظاهرة بعمق بالإدارة الجزائرية، مشيرا لصديقه الذي تم قبوله مبدئيا بإحدى شركات النفط المتواجدة بالجنوب الجزائري، إلا أنه تفاجأ في الأخير برفض الإدارة المعنية توظيفه. زكريا الوساطة تلعب دورها أما "زكريا.ف" كشف أنه عانى ولازال يعاني من هذه الظاهرة وأوضح أنه تقدم بملف لدى مديرية التشغيل لولاية الجزائر بغية الحصول على منصب شغل، إلا أن الأمل - حسبه - يبقى بعيدا ومنعدما، حيث قال إن الوساطة تلهب دورها في مثل هذه الأمور. ومن جهتهم أرباب العمل ينكرون وجود هذه الظاهرة ويؤكدون أن فرص العمل مفتوحة ومتساوية لدى الجميع، وعند اقترابنا من "م .ت" مدير الموارد البشرية لدى مؤسسة عمومية، قال إن المؤسسة التي يشتغل بها تفح أبوابها لكل الراغبين في الانضمام إليها وهذا شرط توفر الشروط المطلوبة لدى المترشح، إلا أنه لم يخف حرصه على اختيار الكفاءات وذوي الشهادات العالية، إذ يقول "...حينما نفتح مسابقة للتوظيف، فإننا نفضل الحائز على شهادة الماجستير على الحائز على شهادة الليسانس، كذلك تمنح الأولوية للمتر شح الذي يكون مقر سكناه قريبا من مكان العمل، وأضاف أنهم يميزون المتمكن من ثلاث لغات على المتمكن من لغة واحدة إلى آخر شروط التوظيف". مؤسستي مفتوحة للعائلة فقط ومن جهته السيد"ص .م" مدير مؤسسة خاصة اعترف أن مؤسسته تقبل توظيف أبناء العائلة والأقارب فقط، حيث أوضح أن طبيعة نشاط مؤسسته لا تسمح بتوظيف الغرباء عن العائلة. أما علماء الاجتماع فيرون أن التمييز في التوظيف، يعود أساسا لجنس طالب الوظيفة أو شكله، لونه أو وضعه الاجتماعي وحتى معتقداته الدينية، وهذا الأمر يعود سلبيا على المؤسسات. أما علماء النفس فيحذرون من خطورة هذه الظاهرة على الأفراد حيث يقولون إنها تؤثر حتما على طالب الوظيفة، مما يجعله يشعر بالاهانة والإحباط، ويحس أنه لم يعامل بالمستوى اللائق كفرد من المجتمع، الأمر الذي ينعكس سلبا على سلوكه ويشعر بالإقصاء من النشاط الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، ما يدفعه للعزلة عن الأفراد والعيش في دوامة الفراغ، حيث هناك الكثير ممن لا يجدون مقابل هذا التهميش سوى اللجوء إلى وظائف أخرى لا تناسب مستواهم التكويني والمعرفي، ومن جهة أخرى يرون أن الذي يتقدم للوظيفة لديه شعور مسبق أن طلبه لا يؤخذ بعين الاعتبار، مما يجعله يفقد الحماسة لتلك الوظيفة أو بالأحرى عدم محاولته طلب وظيفة أخرى مستقبلا مما يجعله عرضة للضياع والبطالة. معظم البلدان تحارب الظاهرة وأمام استفحال هذه الظاهرة في الجزائر، نجد أن معظم بلدان العالم تحارب هذه الظاهرة، وتعاقب كل من تثبت إدانته فيها، وهذا ما نجده لدى الاتحاد الأوروبي مثلا الذي حسب قانون 29 جوان 2000 يفرض على الدول المنضوية تحته بإنشاء مؤسسات تختص في متابعة ومعاقبة كل من تثبت ممارسته لهذا السلوك الذي يعتبرونه جريمة في حق طالب الشغل، ويسجن مرتكبها لمدة ثلاث سنوات وغرامة مالية تصل إلى خمسة وأربعين ألف يورو، كما أسست نوادٍ وجمعيات تعمل على استقبال ضحايا التمييز، لسماع انشغالاتهم والسهر على تخفيف الآثار النفسية التي يتعرضون لها.