يبدو أن الجامعة الجزائرية مقبلة على صيف طلاّبي ساخن بسبب حادثة انفجار تلمسان التي خلّفت مقتل ثمانية طلبة دفعوا حياتهم ثمنا لإهمال غير مقبول، وهو ما جعل مئات الآلاف من الطلبة في حالة غليان وخوف أيضا من مصير مشابه لضحايا انفجار تلمسان، حيث أن عددا غير قليل من الطلبة يعيشون في خطر دائم، علما أن الإهمال هو السمة المشتركة بين كثير من مسؤولي قطاع الخدمات الجامعية· وجاء الانفجار الرّهيب الذي شهدته الإقامة الجامعية (بختي عبد المجيد) لحي الكيفان بتلمسان ليعيد إلى الواجهة مجموعة من الأسئلة حول المخاطر المحدقة بالطلبة الذين يشعرون بقلق دائم حيال ظروف تمدرسهم وإقامتهم· ونظّم طلبة المدرسة التحضيرية للعلوم والتقنيات لتلمسان أمس الأحد مسيرة تضامنية مع زملائهم من ضحايا انفجار الغاز الذي وقع مساء الجمعة المنصرم بالإقامة الجامعية (بختي عبد المجيد) لحي الكيفان بعاصمة الولاية· وقد جاب الطلبة المتظاهرون المقدّر عددهم بحوالي 400 طالب انطلاقا من الحي الجامعي المذكور الشوارع الرئيسية لمدينة تلمسان قبل الوصول إلى مقرّ الولاية، حيث اعتصم الطلبة في صمت دون حمل أيّ شعار أو احتجاجات· وذكر أحد الطلبة المتظاهرين أن (هذه المسيرة صامتة للتعبير عن تضامن وتعاطف الطلبة مع إخوانهم الضحايا)· للتذكير، فإن الانفجار المذكور خلّف 7 قتلى وليس 8 كما أعلن في الحصيلة الأخيرة أمس (لأن الضحّية الثامنة تمّ إنقاذه بأعجوبة من الموت بعد الإعلان عن حالة الوفاة في وقت سابق)، كما أكّدته السيّدة بوسماعيل فاطمة الزهراء المديرة العامّة للمستشفى الجامعي لتلمسان· كما خلّف هذا الحادث 38 جريحا في صفوف الطلبة من المدرسة المذكورة، وقد وقع الانفجار لحظة تناولهم وجبة العشاء بمطعم الإقامة الجامعية· ومعلوم أنه تمّ توقيف مدير الخدمات الجامعية لتلمسان ومدير الإقامة (بختي عبد المجيد) عن العمل وتحويلهما إلى التحقيق القضائي ك (إجراءات أولى) اتّخذت عقب حادث انفجار الغاز في هذه الإقامة الجامعية يوم الجمعة، حسب ما أفاد به الوالي· كما شمل هذا الإجراء رئيس مصلحة الإطعام بنفس الإقامة، حسب ما ذكره والي تلمسان السيّد نوري عبد الوهّاب في لقاء مع الطلبة، حيث أوضّح أن هذا القرار اتّخذ (من أجل إجراء التحقيق المعمّق في أسباب تسرّب الغاز وانفجاره)· وصرّح وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة السيّد الهاشمي جيّار بتلمسان بأن حادث انفجار الغاز بالإقامة الجامعية (بختي عبد المجيد) لتلمسان (لن يبقى دون عقاب)· في لقاء مع طلبة المدرسة التحضيرية للعلوم الاقتصادية والتجارة والتسيير المقيمين بهذا الحي الجامعي حضره وزير الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات السيّد جمال ولد عباس ووالي تلمسان، أكّد السيّد جيّار (عزم الوزارة إشراك ممثّلي الطلبة في لجنة التحقيق لتحديد المسؤوليات واتّخاذ الإجراءات اللاّزمة)، قائلا: (أن هذا الحادث الذي أودى بحياة أبنائنا سوف لن يبقى دون عقاب)، وأن (ظاهرة التسيّب والإهمال التي أدّت إلى الكارثة سيتمّ محاربتها بصرامة)· وذكر الوزير أن ممثّلي الطلبة سيكونون (طرفا فعّالا) في لجنة التحقيق التي تشكّلها الوزارة الوصية للبحث عن (الأسباب الحقيقية) للانفجار· كما أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة الذي حضر إلى تلمسان بأمر من رئيس الجمهورية أن هذه اللّجنة سوف تبحث كذلك مع الطلبة في الأمور البيداغوجية للتفكير في ضبط رزنامة جديدة لامتحانات نهاية السنة والمسابقة بالالتحاق بالمدرسة الوطنية الكبرى، مؤكّدا أن (الحالة النّفسية للطلبة الحالية لا تسمح بالتركيز واجتياز الامتحانات المبرمجة)· كما أعلن السيّد جيّار أن لجنة ستشكّل (على المستوى الوطني) للتأكّد من الأمن الوقائي في كلّ الإقامات الجامعية والتكفّل بكلّ الأمور ذات الصلة بالخدمات الاجتماعية المتنوّعة وبكلّ مصالح الطلبة، مؤكّدا على ضرورة مواصلة الحوار بين الإدارة والطلبة (للتفكير معا في حلّ المشاكل العالقة للحيلولة دون وقوع مثل هذه الكارثة)· من جهته، أعلن الأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي السيّد محمد غراس خلال لقاء مع الطلبة بجامعة تلمسان عن تأجيل المسابقة الوطنية الخاصّة بالدخول إلى المدرسة التحضيرية للعلوم الاقتصادية والتجارة والتسيير لتلمسان، وكذا امتحانات نهاية السنة لطلبة هذه المدرسة الذين تأثّروا كثيرا جرّاء هذا الحادث. كما أكّد نفس المسؤول أن الإدارة سوف تسعى إلى إيجاد حلّ لإيواء هؤلاء الطلبة الذين كانوا يتوفّرون على ظروف إقامية مريحة في انتظار تصليح المنشآت المتضرّرة·