لم يعد استعمال الأنترنت ولواحقها، حكرا على الكبار فقط، فمع التطور التكنولوجي الكبير الذي تعرفه أغلب البلدان والدول، والجزائر واحدة منها، إذ لم يعد غريبا عنا أن نرى أطفالا في مقتبل العمر يتحكمون بمجال الإعلام الآلي كما يريدون، فهم أطفال دون العاشرة من العمر، تجدهم يمسكون بفارة الحاسوب، بكل ثقة، ويتحكمون ببرامجه بثقة أكبر· لقد أصبح الشبان والأطفال، بمثابة الأساتذة لآبائهم في مجال الإعلام الآلي، واستخدام التقنية الحديثة في حياتهم اليومية، هذه الأخيرة سمحت لهم، بالتعبير عن آرائهم، وأتاحت لهم الكلام بصوت مسموع، لأنهم بتفوقهم في هذا المجال صاروا أصحاب الرأي السديد والذوق الرفيع، في مختلف المجالات، بل وصاروا أيضا يقدمون إرشادات، لمن هم أكبر منهم سنا بكثير، لأن الطفل أو الشاب، وبحكم استعماله اليومي والمتكرر للحاسوب، وتحكمه في زمام التقنيات الحديثة، يكون على دراية بكل تفاصيله، ليصبح بذلك مرجعية الأهل في هذا المجال· فاليوم صار الأولياء أكثر تفهما لمطالب أولادهم، وأكثر استماعا لآرائهم ومقترحاتهم، بعدما كان الرأي الوحيد، في الماضي، يعود إلى الأب وحده، غير أنه ومنذ دخول الأنترنت إلى أغلب بيوت الأسر الجزائرية تغير الوضع تماما، وصار للأولاد آراء وأفكار خاصة بهم، والتي تنال الموافقة في كثير من الأحيان، خاصة بعدما بات كل ما له علاقة بمجال الإعلام الآلي والتكنولوجيات الحديثة، من اختصاص الصغار، خاصة إذا ما أراد الأب، اقتناء شيء له علاقة بالتكنولوجيا، إذ ما عليه سوى أخذ رأي ابنه، سواء كان تلفازا أو هاتفا نقالا، أو سيارة، وإذا كنت تظن بأن الأمر توقف عند هذا الحد، فستكون مخطئا تماما، خاصة بعدما أتيحت لهم الفرصة، وتم السماح لهم بالتدخل في أغلب شؤون العائلة، لتجدهم يتدخلون في اختيار طلاء البيت والأثاث والديكور، والفضل كله يعود لصفحات الأنترنت التي لا تعد ولا تحصى، واهتمت بكل المواضيع والمجالات التي تهم الإنسان، على غرار صفحات الموضة والديكور، وصفحات التعليم والصفحات الدينية، وحتى الصفحات الطبية، التي أصبحت تقدم مختلف الوصفات الطبية، وهذا كله بكبسة زر واحدة· وفي هذا الصدد، تقول السيدة سامية، إنه لا مانع في استشارة الأبناء، مادام أنهم أثبتوا سداد رأيهم في العديد من المرات وفي الأمور كلها تقريبا، لتضيف أنه في الماضي كان الابن يشتكي لأمه آلاما معينة، فتنصحه بشرب أحد التيزانات المعروفة، أوالدهن بزيت معين، وهو الأمر الذي لم يعد موجودا، وهذا لتوفر معظم البيوت على تقنية الإعلام الآلي، حيث انقلبت الموازين وصارت الأم تشتكي لابنها أعراضا معينة، وبينما هو جالس أمام جهاز الحاسوب وبمجرد النقر على لوحة المفاتيح يبحث عن المرض، الأعراض وحتى طرق العلاج التقليدية والحديثة، وهو ما حدث معي فعلا في أحد المرات، حيث كنت أعاني من آلام حادة في منطقة الظهر، وما إن قلت لابني، حتى أتاني بإحدى الوصفات، من أحد المواقع الإلكترونية، لتؤكد لنا أنها في بادئ الأمر، ترددت في تجريبها، لأنها لم تكن واثقة تماما من نجاحها، غير أن ابنها طمئنها، لتعقب أنها تحسنت فعلا منذ أن جربت تلك الوصفة، ومنذ ذلك اليوم وهي تقوم باستشارة ابنها في كل ما يعترض طريق أفكارها· وعليه فقد أثبت الأطفال في الكثير من المرات، أنهم على صواب وأن اختياراتهم كانت موفقة، في عدة مواقف، وهذا كله بفضل إبحارهم في الشبكة العنكبوتية، لتسمح لهم بذلك التقنية الحديثة بشق طريقهم بأنفسهم دون الاستعانة بأحد، حيث حلت مواقع الأنترنت محل الأخذ برأي الأولياء·