كأس أوروبا للأمم أو (اليورو) أو البطولة الأوروبية لكرة القدم، سمّيها ما شئت مادام الاسم واحد، بطولة غالية بل الكأس الغالية التي هي بحوزة المنتخب الإسباني المتوّج بها قبل أربع سنوات من الآن بألمانيا بفوزه في عام 2008 في المباراة النّهائية على منظّمها المنتخب الألماني بهدف لصفر. ترى من سيفوز بها؟ هل سيحتفظ بها حاملها بطل العالم إسبانيا؟ هل سنرى منتخبا جديدا يجرّد إسبانيا من الكأس؟ وهل سيحترم المنطق وتعود إلى منتخب سبق له وأن توّج بها؟ وقبل أن نعرف الإجابة على هذه التساؤلات في يوم الختام الفاتح جويلية، دعونا نتحدّث عن تاريخ هذه البطولة. في عام 1928 اجتمع كونغرس (الفيفا) في أمستردام برئاسة ريميت بعد أن قدّم ديلاناوي اقتراحا في عام 1927 بإقامة بطولة أمم أوروبا، حيث قام ديلاناوي في ذلك الاجتماع بشرح اقتراحه وتوضيحه للجنة الكونغرس في (الفيفا) أن البطولة ستكون بعد عامين من كأس العالم. لعب ديلاناوي دورا مهمّا في تأسيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وبطولة أمم أوروبا، حيث اعتبر كأس أمم أوروبا من أهمّ البطولات بعد كأس العالم. حيث بعد الاقتراح الذي قدّمه ديلاناوي بشأن إقامة بطولة أمم أوروبا بدأ المسؤولون التفكير في العقبات التي ممكن أن تواجهها البطولة، حيث كان من العقبات كيفية مشاركة وتوزيع الفرق بحيث لا تتمّ مقابلة الفرق بعضها البعض دائما أو إجبار الفرق على المشاركه في البطوله وعدم تأثيرها على بطولة كأس العالم. هكذا ولدت كأس أمم أوروبا لم يلتفت الاتحاد الدولي إلى اقتراح ديلاوناي في بادئ الأمر على اعتبار أن هذه البطولة ستكون منافسة لبطولة كأس العالم، والتي بدأ الحديث عن إقامتها في جلسات الاتحاد الدولي، فبقي مشروع هنري ديلاوناي حبيس الأدراج حتى عام 1955 حينما تبنّى الاتحاد الأوروبي بعد تأسيسه المشروع فدامت المناقشات حول إقامة البطولة ما بين مؤيّد ومعارض مدّة ثلاث سنوات. ففي البداية عارض الفكرة ممثّلو كلّ من الجزر البريطانية وألمانياالغربية وإيطاليا، إلاّ أن البطولة أبصرت النّور في عام 1958 بفضل تصميم فرنساوإسبانيا ودول أوروبا الشرقية وتقديرا للجهود التي بذلها هنري ديلاوناي. نص النّظام على أن تقام البطولة كلّ أربع سنوات وفي السنوات الكبيسة، أي في منتصف المسافة بين كلّ بطولتين لكأس العالم، وكذلك على إقامة تصفيات تمهيدية بين الدول المشاركة لمدّة عامين حتى لا تتعارض مع البطولات الأوروبية الأخرى. ديلاوناي مات قبل إجراء أوّل بطولة شاءت الصدف أن يموت مهندس الكأس الأوروبية الغالية الفرنسي هنري ديلاوناي قبل إجراء أوّل بطولة عام 1960، مات لكن فكرته لم تمت، وتحوّل الحلم إلى حقيقة بإجراء أوّل بطولة عام 1960. وتخليدا لذكرى مؤسّس الكأس الغالية هنري ديلاوناي سمّيت البطولة الأولى والثانية باسمه، حيث كان قد فارق الحياة قبل أن يشاهد حلمه الذي تحقّق. شكل الكأس من تصميم ابن مؤسس البطولة صمّم ابن مؤسس الكأس الغالية بيير ديلاوناي شكل الكأس في عام 1960، وهو الشكل الذي لم يتغيّر إلى حد اللّحظة، والكأس القارّية الوحيدة بما في ذلك شكل كأس العالم التي حافظت على شكلها الذي تأسّست عليه عام 1960. 1958.. إنشاء الكأس ونظام المنافسة في عام 1958 تمّ إنشاء أوّل بطولة أوروبية للمنتخبات، وكان نظام البطولة يعتمد على مباريات تكون على طريقة الذهاب والإيّاب، ويلعب كلّ منتخب مباراة في دولته ومباراة في دولة المنتخب الآخر، وفي الدور قبل النّهائي يتمّ اختيار منتخب من المنتخبات الأربعة المتأهّلة ليستضيف المباريات المتبقّية. وقد كانت الفرق تختار بعد لعب مباريات تأهيلية، وفي عامي 1960 و1964 كانت تقام مباريات ذهاب وإيّاب بين فريقين ويتأهّل الفائز بمجموع المباراتين، ومنذ عام 1968 تحوّل النّظام إلى نظام المجموعات التأهيلية وحتى عام 1976، وفي عام 1976 أصبح البلد المضيف يتمّ اختياره من بين المنتخبات الأربعة المتأهّلة، ومنذ عام 1980 أصبح اختيار الدولة المضيفة للكأس يتمّ قبل البدء بالتصفيات المؤهّلة للبطولة. معارضه ألمانية وإنجليزية بعد أن تبنّت اللّجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفكرة في اجتماع كولون الألمانية عام 1957 عرضت الفكرة من قبل رئيس الاتحاد الدانماركي لكرة القدم آيبي شفارتيس لتحديد موعد انطلاقة النّسخة الأولى، وتحمّست لذلك اتحادات اليونان والمجر وإسبانيا التي اتّفقت على أن تكون البطولة بنظام خروج المغلوب عام 1958. لكن الفكرة لقيت معارضة شديدة من الإنجليز والألمان، حيث رأى الإنجليز أنها ستشكّل خطرا على بطولة بريطانيا التاريخية فيما رأت ألمانياالغربية أنها غير مجدية للكرة في أوروبا، لذلك قرّرا عدم المشاركة فيها. حلم دولوني أصبح حقيقة في اجتماع كوبنهاغن الذي جرى في الثامن والعشرين من شهر جاون عام 1957، والذي ضمّ 26 مندوبا من الاتحادات المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في ذلك الوقت من أصل 29 اتحاد وضعت النقاط على الحروف وتقدّمت اللّجنة المشكّلة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والتي مثّلها الفرنسي بيار دولوني والمجري نموستاف شيبش والإسباني أوغستين بوغول باقتراح تنظيم البطولة فعليا بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة وليس مباراتين، وفي هذا الاجتماع التاريخي وافق 14 اتحادا على الاقتراح مثّلوا يوغسلافيا وتركيا وإسبانيا والاتحاد السوفياتي ورومانيا والبرتغال وبولونيا ولكسمبورغ والمجر واليونان وألمانياالشرقية والدانمارك وفرنسا وتشيكو سلوفاكيا، فيما كانت المعارضة قوية من سبعة اتحادات هى بلجيكا وفنلندا وهولندا وإيطاليا والنّرويج وسويسرا وألمانياالغربية، في حين امتنعت اتحادات إنجلترا وإيرلندا والسويد عن التصويت. ووفقا لذلك تقرّر إقامة البطولة الأولى بين عامي 1958 و1960، على أن تقام بصورة منتظمة كلّ أربع سنوات وتمّ اختيار فرنسا لاستضافة البطولة الأولى عام 1960، وقد حملت أوّل كأس اسم صاحب الفكرة وصاحب الحلم اسم هنري ديلاوناي الذي خطفه الموت دون مشاهدة أوّل بطولة حلم بأن يراها في أوروبا. البطولة الأولى.. فرنسا 1960 أقيمت البطولة بنظام المجموعات، وقد شارك فيها كما سبق الذّكر 17 فريقا، وكما عرفنا آنفا جرت التصفيات بخروج المغلوب وجرت المباريات ذهابا وإيّابا. جمعت أوّل تصفيات للبطولة فب الفترة من5 / 4 / 1959 وحتى 22/5/1960 بمشاركة 17 منتخبا. أوّل مباراة في التصفيات دارت يوم 28 سبتمبر 1959 في موسكو بحضور 100 ألف متفرّج وانتهت بفوز الاتحاد السوفياتي سابقا على المجر بنتيجة (3-1)، وسجّل أناتولي أيلين أوّل هدف في تاريخ كأس أوروبا للأمم. الكبار دون عناء في التصفيات واصلت المنتخبات الأوروبية مسيرتها بثبات إلى المربّع الدور الثاني ممثّلة في كلّ من فرنسا، إسبانيا، الاتحاد السوفياتي، بولونيا، بلجيكا، يوغسلافيا وتشيكو سلوفاكيا. بلغ عدد المنتخبات التي تمكّنت من بلوغ الدور الثالث خمس منتخبات، ويتعلّق الأمر بكلّ من فرنسا، يوغسلافيا، تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفياتي. مباراة فاصلة لتقليص عدد المنتخبات إلى أربعة وبما أن الدورة النّهائية تقام بأربع منتخبات فقط، وبما أن عدد المنتخبات المتأهّلة إلى الدور نصف النّهائي يقدّر بخمس منتخبات وهي، فرنسا، يوغسلافيا، تشيكوسلوفاكيا، إسبانيا والاتحاد السوفياتي كان لزاما على لجنة التنظيم إجراء مباراة واحدة لتقليص عدد المنتخبات إلى أربعة، فجرت عملية القرعة بين المنتخبات الخمسة لسحب منتخبين فقط، ليلتقيا فيما بينهما ذهابا وإيّابا والفائز يواصل مسيرته والمنهزم يلتحق بقائمة المنتخبات المقصاة سابقا. إسبانيا تقاطع مواجهة الاتحاد السوفياتي بطلب من الزّعيم العسكري الإسباني آنذاك فرانكو الذي كان يحكم بأحكامها رفضت إسبانيا أن تسافر إلى الاتحاد السوفييتي لتلعب معه، لذا تمّ شطبها من البطولة، الأمر الذي دفع بأعضاء الاتحاد الأوروبي إلى شطب المنتخب الإسباني من البطولة دون أن يتعب رئيسها الاتّصال بالزّعيم الإسباني فرانكو لعلّ وعسى يتراجع ويرسل منتخب بلاده إلى موسكو. وبإعلان إسبانيا انسحابها تمّ التعرّف على هوية المنتخبات المؤهّلة إلى الدور نصف النّهائي، ويلاحظ وجود ثلاث دول من المعسكر الشرقي في أوروبا وهي الاتحاد السوفياتي، تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا مع دولة واحدة من المعسكر الغربي وهي فرنسا. فرنسا تحتضن الدورة المصغّرة أقيمت أوّل نهائيات للبطولة بفرنسا كما تقرّر من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بمشاركة المنتخبات الأربعة المتأهّلة في الفترة من 6/7/1960 وحتى 10/7/1960 وتمّ تطبيق نظام خروج المغلوب من مباراة واحدة في المنافسات، على أن تكون البداية بالدور نصف النّهائي. وبعد بلوغ المنتخب الفرنسي المربّع الذهبي كان من البديهي أن تحتضن فرنسا الدورة النّهائية المصغّرة إلى فرنسا بطلب من رئيس الاتحاد الأوروبي نفسه وهو فرنسا، ليس كونه فرنسي الجنسية أو لانتزاع فرنسا لقب البطولة الأولى، بل كردّ جميل لمؤسس هذه البطولة الفرنسي هنري ديلاوناي. باريس ومارسيليا احتضنتا مبارتي الدور نصف النّهائي وقع اختيار الاتحاد الفرنسي على ملعبي باريس (بارك دو برانس) وملعب مارسيليا (فيلودروم) لاحتضان مبارتي الدور نصف النّهائي، على إن تقام المباراة النهائية بالعاصمة الفرنسية باريس. على أن تجري المباراة الترتيبية لتحديد المركز الثالث بملعب (فيلودروم) بمارسيليا. كما تمّ تحديد تواريخ المباريات، حيث تمّ تحديد تاريخ السادس جويلية 1960 لإقامة مبارتي الدور نصف النّهائي، ويوم 9 جويلية مباراة تحديد المركز الثالث، ويوم 10 جويلية لإقامة اللقاء النهائي. فرنسا وجها لوجه أمام اليوغسلاف.. ولقاء جهنمي بين التشيك والسوفيات أسفرت قرعة مبارتي الدور نصف النّهائي على مواجهتين قويتين، حيث وضعت القرعة أصحاب الأرض المنتخب الفرنسي في مواجهة منتخب يوغسلافيا العتيد، فيما التقى في اللّقاء الثاني المنتخبان السوفياتي والتشيكسلوفاكي. كما أن هذين المنتخبين كانا في تلك الفترة أقوى منتخبات العالم، كيف لا والمنتخب التشيكي كان قد بلغ قبل سنتين بعد إقامة هذه البطولة نهائي كأس العالم بدورة الشيلي عام 1962 وخسر النّهائي أمام البرازيل. يوغسلافيا تعود من بعيد وتقصي فرنسا نجحت في المباراة الأولى يوغسلافيا في تخطّي أصحاب الأرض فرنسا لملعب (بارك دو برانس) وبلوغ المباراة النّهائية بعد تفوّقها بخمسة أهداف مقابل أربعة، ولعلّ المفارقة في هذا اللّقاء هو أن يوغسلافيا كانت منهزمة بثلاثة أهداف لهدف قبل أن تحوّل هزيمتها إلى فوز مثير بإحرازها لأربعة أهداف في ظرف 24 دقيقة. تابع المباراة أكثر من أربعين ألف متفرّج قاده الحكم الإنجليزي الشهير آنذاك غاستون غراندين، عرف ندية كبيرة، وابتسم الحظّ ليوغسلافيا كما سبق الذّكر. وقد سجّل أهداف المباراة كلّ من جين فونتان وفرانسوا هويت هدفين وماريان ويسينسكي لفرنسا، فيما سجّل ليوغسلافيا كلّ من درازين بركوفيتش هدفين، وميلان غاليك وأنتي زانتيك وتوميسلاف كنيز ولكلّ منهم هدف واحد. السوفيات يطيحون بالتشيكيين ويلتحقون بيوغسلافيا المباراة الثانية التي احتضنها ملعب (فيلودروم) بمارسيليا قادها الحكم الإيطالي تشيزاري يوني وحضرها حوالي 15 ألف متفرّج، وفيها تمكّن منتخب الاتحاد السوفياتي من بلوغ النّهائي عقب فوزه على منتخب تشيكوسلوفاكيا بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، في لقاء شهد سيطرة كلّية لزملاء الحارس الرّاحل ليف ياشين، سجّل أهداف الرّوس كلّ من فالنتين إيفانوف هدفين وفيكتور بونيديلنك. تشيكوسلوفاكيا تهزم فرنسا وتنتزع المركز الثالث في مباراة تحديد المركز الثالث والرّابع فاز منتخب تشيكوسلوفاكيا على منتخب فرنسا لكرة القدم (2-0) ليظفر بالمركز الرّابع. النّهائي.. السوفيات يقهرون يوغسلافيا وينتزعون أوّل لقب أوروبي في المباراة النّهائية التي احتضنها ملعب (بارد دور برانس) بباريس أمام حوالي 18 ألف متفرّج، والتي قادها الحكم الإنجليزى إيليس كانت المواجهة مثيرة بين العضلات السوفياتية والذكاء اليوغسلافي. قاد الحارس العملاق الشهير ليف ياشين منتخب بلاده الاتحاد السوفياتي للتفوّق بهدفين لهدف ليكون أوّل منتخب يحرز كأس بطولة الأمم الأوربية بعد وقت إضافي بعد أن اكتمل الوقت الأصلي بهدف لمثله. وكانت يوغسلافيا قد تقدّمت عن طريق جاليك في الدقيقة ال 41 من الشوط الأوّل، ثمّ عدّل الاتحاد السوفياتي النتيجة بعد مرور 4 دقائق من الشوط الثاني عن طريق متريفيلي، وفي الوقت الإضافي لعب الحارس ياشين دورا كبير في المحافظة على شباكه خالية من الأهداف أمام صواريخ اليوغسلاف الخطيرة، فيما حوّل بونديلينك حلم التتويج إلى حقيقة بإحرازه للهدف الثاني فى الدقيقة ال 113.