سنتحدث في حلقة اليوم عن ثلاث دورات كاملة، دورة 1988 التي عاد لقبها للمنتخب الهولندي على حساب المنتخب السوفيتي، ودورة 1992 التي توج بها المنتخب الدنماركي، ودورة 1996 التي عاد لقبها للمنتخب الألماني، وعلى مدار هاته الدورات الثالثة الكاملة، سنحاول أن نقدم لكم أهم الأحداث التي ميزتها، علما أن دورة 1996 شهدت مضاعفة عدد المنتخبات في النهائيات من ثمانية إلى 16، وهذا للرفع من المستوى والسماح لأكثر عدد ممكن من منتخبات القارة العجوز من حضور العرس القاري والذي يقام كل أربع سنوات. وقبل الدخول في بطولة 1988، نشير أن البطولة المقبلة 2012، ستعطى إشارة انطلاقتها يوم غد، ويمكنكم الاطلاع على برنامج جميع المباريات في الصفحة المقابلة. البطولة الثامنة - ألمانيا 1988: ماركو فان "صاعقة" وآخر أبناء البرويسترويكا! بعد انتظار طويل دام 28 سنة كاملة، هاهي ألمانيا يسند لها احتضان البطولة الأوروبية، البطولة التي حاز عليها الألمان يمر خارج أرضهم، المرة الأولى في يوغسلافيا عام 1976 بفوزهم على الاتحاد السوفيتي على الأراضي البلجيكية، والمرة الثانية عام 1980 بإيطاليا بفوزهم في النهائي على بلجيكا، الأمر الذي رشح الكثيرون زملاء يورغن كلينسمان لتجريد المنتخب الفرنسي بلقبه الأوروبي خاصة وأن هذا الأخير فشل في بلوغ النهائيات، كما سنتعرف بعد قليل. جاء ترشح ألمانيا لاحتضان البطولة على حساب إسبانياوهولنداوالسويد، لكن الاتحاد الأوروبي اختار ألمانيا بعملية التصويت. قرعة النهائيات ... مجموعتان ناريتان شهدت قرعة النهائيات مجموعتين ناريتين، حيث ضمت الأولى كل من ألمانياالغربية وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك، فيما ضمت المجموعة الثانية كل من جمهورية إيرلندا وإنجلترا والإتحاد السوفيتي وهولندا. بدون فائز بين ألمانيا وإيطاليا في العاشر من شهر جوان سنة 1988 وبملعب رهينستاديون بمدينة دوسلدورف، أعطيت إشارة افتتاح البطولة، بين المنتخبين الألماني والإيطالي، لقاء نسخة طبق الأصل لنهائي مونديال إسبانيا عام 1982. اللقاء احترم فيه المنطق بسبب تكافؤ الفرص بين المنتخبين، لينتهي بالتعادل هدف لمثله. المواجهة الثانية من ذات المجموعة انتهت بفوز إسبانيا بثلاث أهداف لهدفين. شهدت المباراة الأولى من المجموعة الثانية، فوزٌ تاريخي لمنتخب إيرلندا الشمالية على حساب المنتخب الانجليزي بهدف دون رد، اللقاء الموالي من ذات المجموعة جمع المنتخبين السوفييتي والهولندي، وانتهى لمصلحة السوفيات بهدف دون رد. جاءت مبارتا الجولة الأخيرة من المجموعة الأولى، لمصلحة ألمانيا بفوزها على إسبانيا بهدفين لصفر، هزيمة أقصت إسبانيا ووضعت ألمانيا في المقدمة، فيما عادت المرتبة الثانية لإيطاليا عقب فوزها على الدنمارك بهدفين لصفر. كما أن مباراة الاتحاد السوفياتي وانجلترا كانت لمصلحة الأول، بعد أن أنزل لوبانوفسكي خسارة ثلاثية بالإنجليز. الدور نصف النهائي ... الهولنديون يثأرون من الألمان تمكن المنتخب الهولندي من الفوز على ألمانيا في الدور نصف النهائي بهدفين لواحد، ويبلغ المحطة الأخيرة، على الجانب الآخر، رد لوبانوفسكي على خسارة منتخبه ودياً على يد الطليان برباعية قبل البطولة بفوز صريح بهدفين لصفر، ليحجز السوفييت أول مقعد في نهائي تلك البطولة منذ عام 1972، وهذه المرة أمام منافس قهروه قبل أسبوعين فقط. النهائي... هولندا تجرد فرنسا من تاجها مع اكتمال نصف الساعة، حصل الهولنديون على ركنية من إيروين كومان، الذي يحول الكرة ماكرة مستغلاً مصيدة التسلل التي كان ينوي السوفييت تنفيذها، لتجد رأس فان باستن داخل منطقة العمليات، والذي يمررها بدوره إلى رود خولييت الخالي من الرقابة تماماً، الأخير يضعها برأسه صاروخية في سقف مرمى رينات داساييف، المنتخب البرتقالي ينهي شوطه الأول متقدماً بهدف ، سيناريو لم يعتده من قبل طوال تاريخه. الدقيقة 53 هجمة مرتدة قادها أرنولد موهرين، يلمح فان باستن يرافقه مراقبه خيدياتولين، يرفع له كرة مجنونة بلا هدف، الفتى الذي كان والده ينهره بسبب عدم قدرته على الهروب من الرقابة الصارمة التي كانت تفرض عليه صبياً، قدم واحداً من أفضل أهداف كرة القدم عبر تاريخها، دون أن تلمس الأرض يسكنها شباك الحارس داساييف. وبهدفين لصفر حقق المنتخب الهولندي لقبه الأول والأخير. البطولة التاسعة - السويد 1992 - الدنمارك يجردون الهولنديين من لقبهم باتت السويد سابع دولة تحتضن البطولة بعد كل من فرنسا في دورتي 1960 و1984 وإيطاليا في دورتي 1968 و1980، وإسبانيا عام 1964 . حرب "البلقان" تقصي يوغسلافيا وتؤهل الدنمارك بعد فشل المنتخب الدنماركي في بلوغ دور السويد، تفرق شمل المنتخب، قبيل المواجهة الأخيرة أمام منتخب إيرلندا، بعد تأكد صعود يوغسلافيا، ياله من عقد سيبدأه منتخب أذهل العالم في الثمانينات، (العطلة الدنماركية) والتحضيرات لإجازة الصيف قد تبدأ أحياناً في نوفمبر، توماس مولر نيلسن مدرب المنتخب الدنماركي، ملامح وجهه لا تعبر عن مدرب منتخب، بالرغم من فوز منتخب بلاده في ختام التصفيات على إيرلندا الشمالية 2 - 1، لا شيء يبدو له قيمة. تعادل على طول الخط في افتتاح مباريات المجموعة الأولى افتتحت البطولة في العاشر جوان عام 1992 بملعب مالمو بحضور أكثر 30 ألف متفرج، وقادها الحكم الروسي أليكسي سبيرين، وانتهت بدون فائز، بهدف لمثله. اللقاء الثاني من ذات المجموعة جمع المنتخبين الانجليزي والدنماركي، وانتهى بدون فائز لكن صفر لمثله، وقاده الحكم الهولندي جون بلانكينستاين، وبذلك تعقدت هاته المجموعة. النهائي ... الدنمارك بطل عائد من منتصف العطلة الأداء الألماني الرفيع تواصل في مباراة نصف النهائي أمام البلد المنظم السويد، زملاء كلينسمان، أبطلوا المفعول السويدي بقيادة برولين ودلين وكينيث أندرسون عن طريق بوخوالد وكولر ورويتر وتوماس هيلمر، بهدف يتيم. بالمقابل تمكن منتخب الدنمارك من تجريد هولندا بلقبها بفوزه عليه بضربات الجزاء. بهدفين لصفر تمكن المنتخب الدنماركمي من انتزاع لقب البطولة الغالي من يد الألمان، نالها بانتزا بارماة من اللاعبين الشبان، وبحارس متألق اسمه بيتر شمايكل. البطولة العاشرة - انجلترا 1996: وأخيرا "اليورو" في مهد كرة القدم الحديثة مسمى (يورو) لم يكن ملتصقاً ببطولة كأس أمم أوروبا منذ عام 1960 وكانت لبطولة 1996 الشرف في أن يطلق على كأس أمم أوروبا لقب اليورو في بلاد مهد كرة القدم حين اتحدت دول أوروبا في اتحاد ضخم سُمي بالاتحاد الأوروبي ومن ثم تم توحيد العملة التي سببت خلال السنوات القليلة الماضية بعض المشاكل الاقتصادية لدول كاليونان وإسبانيا. ولم تحصل إنجلترا على حق استضافة أي بطولة من البطولات الكبرى منذ استضافتها لنهائيات كأس العالم 1966 والتي ظفرت بلقبها لأول مرة في التاريخ على حساب ألمانيا. واستبعدت البلاد رغم وجود أفخم الملاعب وأعلى وسائل المواصلات مع الشغف الجماهيري الكبير بهذه اللعبة لمدة 30 عاماً من تنظيم أية أحداث من هذا القبيل بسبب الشغب وانتشار ظاهرة الهوليغانز، وزادت الأمور تعقيداً بعد حادثة ملعب هايسل ببلجيكا حين توفى حوالي 34 مشجعاً إيطالياً من جماهير جوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا على يد جماهير ليفربول في بلجيكا عام 1985. لكن المرأة الحديدية (مارغريت تاتشر) رئيسة الوزراء نهاية الثمانينيات أبت أن يستمر الوضع على هذا المنوال وتمكنت من إعادة الهيبة للمملكة التي لا تغيب عنها الشمس وتسبب النظام الكبير الذي فرضته على الأمن ومن ثم في البريميرليغ لفوز البلاد بحق تنظيم اليورو عام 1996. مضاعفة عدد المنتخبات في النهائيات وارتفاع العدد في التصفيات قرر الاتحاد الأوروبي بعد بطولة أمم أوروبا 1992 التي تُوج بها المنتخب الدنماركي مضاعفة عدد المنتخبات، بدلاً من ثمانية ل16، بسبب التميز الكبير الذي طرأ على الكرة الأوروبية وتوسيع الاتحاد الدولي للعبة رقعة التنافس على كأس العالم وطلبه من (البويفا) ل14 منتخب أوروبي للمشاركة كل أربعة أعوام في المونديال. وهناك ابتكارات أخرى كالعمل بشوطين إضافيين وخلال أحدهما إذا تمكن فريق ما من تسجيل هدف التقدم في أي وقت تنتهي المباراة ويصبح فائزاً بها. وساهمت بعض التغيرات السياسية والجغرافية في أوروبا في إنجاح عملية إضافة المزيد من المنتخبات، حيث تفككت دول الاتحاد السوفيتي وكذا تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا، ليزيد عدد أعضاء الاتحاد الأوروبي، ليرتفع عدد المنتخبات في التصفيات من 33 فريقا ل48 في عام 1996. تم تقسيم المنتخبات ال48 على سبع مجموعات. قرعة التصفيات... أسفرت تركيبة الأدوار النهائية على أربع مجموعات نارية، الأمر الذي راح فيه تقنيو الكرة يتوقعون مستوى رفيع، وهو ماحدث فعلا، حيث المجموعة الأولى: إنجلترا سويسرا - هولندا - أسكتلندا المجموعة الثانية: إسبانيا، بلغاريا فرنسا و رومانيا المجموعة الثالثة: ألمانيا - التشيك - إيطاليا - روسيا المجموعة الرابعة البرتغال - الدنمارك - كرواتيا - تركيا أفرزت مباريات الدور الأول بتأهل كل من إسبانياوانجلترا عن المجموعة الأولى، فيما تأهل عن المجموعة الثانية المنتخبان الفرنسي والروماني، وعن المجموعة الثالثة تأهلت ألمانيا أولا والتشيك ثانيا. وعن المجموعة الرابعة، تأهلت البرتغال وكرواتيا. شهدت مباريات الدور ربع النهائي مواجهات قوية، حيث تأهل في اللقاء الأول الى المربع الذهبي المنتخب الانجليز على حساب الإسبان بضربات الجزاء، فيما كسب منتخب ألمانيا معركة حرب (البلقان أمام كرواتيا بهدفين لهدف، أما التشيكيون فصعقوا زملاء لويس فيغو، بفضل أجمل أهداف البطولة بتوقيع فتى قصير يدعى كارل بوبورسكي، (الديكة) بلغوا المربع الذهبي بضربات الجزاء على حساب هولندا الدور نصف النهائي، شهد تأهل التشييكيين على حساب المنتخب الفرنسي بركلات الترجيح، بعد انتهاء ال120 دقيقة من اللعب، فيما خرج المنتخب الانجليزي من البطولة على يد المانيا بضربات الجزاء، وبذلك انتهت الحفلة الإنجليزية، انتهت اللعبة بفوز ألمانيا 6 - 5 لتنتقم من خسارتها لنهائي كأس العالم في ويمبلي سنة 1966 بطريقة ولا أروع ليصبح النهائي ورغم صعوبته ضد التشيك أسهل بكثير من مواجهة فرنسا أو أي منتخب من المنتخبات الأولى في القارة. النهائي ... الهدف القاتل "قتل" التشيكيين أمام "الجرمان" واصلت البطولة تفردها واختلافها عن بقية البطولات التي سبق ولعبت، فالنهائي سيقام للمرة الأولى بين فريقين سبق لهما مواجهة بعضهما في النهائي عام 1976 حين كانت التشيك تُشارك باسم (تشيكوسلوفاكيا)، وسبق لهما التنافس في دور مجموعات البطولة. ألمانيا تسلحت في هذا اللقاء بفوزها على التشيك بهدفين خلال المباراة الافتتاحية للمجموعة الثالثة، لكن التشيكيين كانوا قد تعافوا من الانتكاسة وساهموا في إبعاد (الأزوري) ليُولد الحصان الأسود أثناء المسابقة، وارتفع سقف طموحاتهم من مُجرد اللعب في مرحلة دور الثمانية للعب في المربع الذهبي أمام فرنسا ومن ثم لمواجهة ألمانيا في اللقاء الأخير بفضل مجموعة متميزة من اللاعبين أمثال (كاريل بوبورسكي، بافيل نيدفيد، باتريك بيرجر وفلاديمير سميتشر). في الثلاثين من شهر جوان 1996 وبملعب وامبلي الشهير بالعاصمة الانجليزية لندن، التقى المنتخبان الألماني والتشيكي في المباراة النهائية أمام أعين أكثر من 60 ألف متفرج، وتحت قيادة الحكم الإيطالي الشهير بيارلويجي بايريتو. لم يكن المدرب الألماني بيرتي فوغس يمتلك الكثير من الحلول في هذا النهائي بسبب إصابة عدد من لاعبيه كتوماس هاسلر، ومشاركة مهاجم توتنهام والإنتر الأسبق (يورغن كلينسمان) بالإصابة، وقرر التشيكيون تعميق مِحنه بتسجيل الهدف الافتتاحي في الدقيقة 58 إثر ضربة جزاء مثيرة للجدل تحصل عليها بوبورسكي بذكاء حاد من المدافع الشهير ماتياس سامر وأحرزها لاعب ليفربول وأستون فيلا الأسبق بيرغر. وكعادة الألمان، لعبوا دون استسلام، وحاولوا تعويض الهدف بشتى السبل وساعدهم على تحقيق التعادل التبديل الذي أجراه فوغس بسحب ذو الأصول التركية محمد شول والدفع بالمهاجم طويل القامة أوليفر بيرهوف لاعب نادي أودينيزي الإيطالي، ليتمكن بيرهوف من إحراز هدف التعديل في الدقيقة 72. هكذا تحولت المباراة إلى وقت إضافي استطاع بيرهوف قبل نهايته بخمس دقائق إحراز الهدف الذهبي الذي قتل المباراة، لتعانق الماكينات عديمة الرحمة لقبها الثالث في تاريخ مشاركاتها ببطولة أمم أوروبا، وتعوض الإخفاق المدوي لها في نهائيات مونديال 1994 حين ودعت أمام بلغاريا في ربع النهائي، فيما راح التشيكيون يندبون حظهم التعيس على هدف دخل مرماهم بطريقة عجيبة، هدفا كما سبق الذكر أنهى به أحلام التشيكيين لاستعادة لقب أوروبي، سبق وأن ذاقوا حلاوته في دورة يوغسلافيا عام 1976. يتبع...