اشتكت حوالي 60 عائلة تقطن بعمارة (العالية) بوسط مدينة بوسماعيل بتيبازة من الوضعية الكارثية التي آلت إليها العمارة التي يقطنون بها، وانتظارهم حلا نهائيا لمعاناتهم في ظروف سكنية صعبة للغاية منذ سنوات طويلة، حتى أنهم باتوا يحلمون مع كل عملية ترحيل يسمعون عنها، أن يكونوا في عملية الإحصاء، وإن تشملهم عملية الترحيل إلى سكنات اجتماعية لائقة تحفظ كرامتهم الإنسانية وتمكنهم من العيش كباقي المواطنين. السكان، وحسب الشكوى التي قدمها ممثل عنهم، قالوا إن العمارة قديمة جدا يعود تاريخ بنائها إلى الفترة الاستعمارية، وبالضبط إلى سنة 1948، ضمن مشروع (الاشلام)، وهو مشروع معروف، كانت السلطات الاستعمارية قد قامت ببنائه لفائدة المواطنين الجزائريين من أجل إسكاتهم وشراء أصواتهم، وعدم مطالبتهم بالاستقلال، أو دعم الثورة التحريرية المظفرة، وهي سكنات لا زالت متواجدة إلى الآن في العديد من بلديات العاصمة، مثل ديار الشمس، الباهية، حي الكثبان، الحراش، وغيرها من البلديات الأخرى، ولازالت تلك الأحياء معروفة بهذا الاسم منذ ذلك الوقت، لكن وبعد مرور كل هذه السنوات الطويلة، وبفعل العديد من العوامل، صارت العمارة المذكورة، غير صالحة للسكن، بل والأكثر من ذلك فإنها أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على حياة قاطنيها، حيث تسببت الرطوبة في تآكل أساساتها، كما ساهم كل من زلزال بومرداس والهزة الأخيرة التي ضربت منطقة بني حواء بالشلف شهر أفريل 2012، وغيرها من العوامل الطبيعية والزمنية الأخرى، في انهيار أجزاء هامة منها، ما أدى بالجهات المختصة ممثلة في المصالح التقنية لدائرة بوسماعيل، إلى تصنيفها في الخانة الحمراء، وتحذير السكان بوجوب إخلائها فورا. ومنذ أكثر من 17 سنة، لا زال سكان هذه العمارة، ينتظرون قرارات ترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، تنقذهم من الموت ردما، العمارة، التي صارت مهددة بالسقوط في أية لحظة أصبحت كذلك مرتعا للجرذان الذين أصبحوا يقتحمون شقق السكان، مع كل ما يصحب ذلك، من مخاطر نشر الأمراض والأوبئة الخطيرة، وبفعل الحالة المزرية التي آلت إليها العمارة مؤخرا، فإن قنوات الصرف الصحي، اهترأت بشكل كبير هي الأخرى، واختلطت بقنوات المياه الصالحة للشرب، وأضحى السكان أمام وضعية خطيرة، تنذر بكارثة صحية فادحة. وأمام هذه الوضعية الكارثية، وتماطل السلطات المحلية المعنية، على مستوى بلدية بوسماعيل، في تلبية مطالب سكان عمارة العالية، في ترحيلهم إلى سكنات لائقة، قبل وقوع ما لا يحمد عقباه، لا زال السكان ينتظرون التدخل العاجل للسلطات المعنية، من أجل إيجاد حل لوضعيتهم، وإنقاذهم، من كارثة انهيار العمارة، ودفنهم أحياء تحت أنقاضها. والجدير بالذكر أن وزارة السكن أحصت نحو 360 ألف سكن هش على المستوى الوطني أغلبها تعود إلى الفترة الاستعمارية، ووضعت الوزارة مخططا للقضاء على كل السكنات الهشة في إطار المخطط الخماسي 2010- 2014، وترحيل أصحابها إلى سكنات جديدة، إلا أن أصحاب هذه السكنات يشككون في وعود الوزارة بالنظر إلى الغموض الذي يكتنف عمليات التوزيع في كل مرة.