برزت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة اقتناء قارورات المياه المعدنية، حيث أصبح العديد من المواطنين الجزائريين، غير قادرين على الاستغناء عنها، خاصة بعدما صاروا لا يثقون في مياه الحنفيات، مما ساهم في إنعاش صناعة المياه المعدنية، ومياه الينابيع المعبأة في القارورات، حيث تزايد عدد الشركات المختصة في صناعة المياه المعدنية، إذ فاق عددها العشر شركات، كل واحدة اختصت باسم لمصدر معين من المياه. ولعل أهم الأسباب، التي دفعت ببعض العائلات الجزائرية، إلى الاستغناء عن ماء الحنفيات، وتعويضه بقارورات المياه المعدنية، هو حالات التسمم الكثيرة، التي تصيب المواطنين، خاصة الأطفال بين كل فترة وفترة، بالإضافة إلى العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، نتيجة لارتفاع نسبة الكلور في المياه العادية، وفي هذا الصدد يقول يوسف وهو أب لأربعة أطفال، أنه لا يثق إطلاقا، في مياه الحنفية أيا كان مصدرها، بالرغم من طمأنة وزارة الموارد المائية في العديد من المرات، على نقائها وصلاحيتها للشرب، وذلك بعد أن أصيب أطفاله بإسهال حاد، ولما نقلهم إلى المستشفى، تأكد بعد إجراء التحاليل اللازمة، أن ميكروبا انتقل إليهم بعد شربهم لماء الحنفية، ومنذ ذلك اليوم، وهو يقتني المياه المعدنية بالرغم من غلاء سعرها. من جهتها تقول سعاد وهي طبيبة عامة، من نواحي العاصمة، فقد أكدت لنا أنها اعتادت شرب المياه المعدنية منذ عدة سنوات، ومن اجل ذلك فهي تخصص ميزانية مالية خاصة لاقتنائها، علما أن سعر القارورة الواحدة يتراوح ما بين 25 و30 دينار، مشيرة إلى أن سبب عزوفها عن مياه الحنفية، راجع إلى ارتفاع نسبة الكلور فيها، وهو ما من شانه أن يؤثر على الجهاز الهضمي للإنسان، من جهة، ومن جهة أخرى انعدامه كلية، في المياه وذلك بسبب إضافة مادة قاتلة للجراثيم. لتضيف سيدة أخرى، أنها ومنذ أن أنجبت طفلها الأول، وهي تستهلك المياه المعدنية، حتى أصبحت لا تطيق الابتعاد او الاستغناء عنها، خاصة وأنها عانت كثيرا مع ماء الحنفية، لأنه تسبب في إصابتها بالعديد من الأمراض والتسممات، ولم تتفطن إلى المياه المعدنية، إلا بعد أن زارت الطبيب، ونصحها بالابتعاد كليا عن ماء الحنفيات. من جهة أخرى، تقول الآنسة سهام أن نفور بعض العائلات الجزائرية، من مياه الحنفيات، ليس خوفا من إصابتهم بالأمراض والتسمم، بل هو نوع من التفاخر على بقية المواطنين، فإذا كان هؤلاء يستطيعون شراء المياه المعدنية في كل وقت وزمان، ويخصصون لها ميزانية معينة، فانه يوجد بالمقابل من يحتاجون إليها يوميا، ومع ذلك يرضون بنصيبهم ويشربون مياه الحنفيات. وفي ذات السياق، ينصح الأطباء المختصون في الطب الداخلي، المواطنين بعدم الاعتماد كليا على المياه المعدنية، خاصة وأنها مثل المياه العادية الأخرى، من الممكن أن تتسبب في إصابتهم بأمراض هضمية خطيرة، وكم هي كثيرة حالات الإسهال والقيء و الحمى، التي تصيب الأطفال، نتيجة لشربهم لبعض أنواع المياه المعدنية، التي تباع في الأسواق الجزائرية، وعليه فان السلطات العمومية، وعلى رأسها وزارتي الموارد المائية والتجارة، بحاجة ماسة إلى ضرورة فرض الرقابة على صانعي هذه المياه المعدنية، وهذا من اجل تفادي الإصابة بالأمراض المختلفة.