كتب فرانك غافني، وهو رئيس مركز السياسة الأمنية بواشنطن، مقالاً نشرته صحيفة واشنطن تايمز تحت عنوان «هل يتطلع الغرب لسحق المسلمين؟»، ذكر فيه حدوث تحول جذري الأسبوع الماضي في سماء حرب الأفكار. إذ أبدى رئيس مجلس النواب الأميركي السابق نيوت غينغريتش بكل صرامة تحديه لأحكام الشريعة الإسلامية، وهي على حد وصف الكاتب «برنامج شمولي وسياسي عسكري للإسلام الذي يسعى معتنقوه إلى تطبيقه وفرضه على العالم بأسره». كما أشار غينغريتش إلى أن الولاياتالمتحدة تمكنت من الدخول في صفوف متعصبي الشريعة ومعرفة خباياهم. ورداً على ذلك، اتهم المشتبه بهم التقليديون- وهم نخبة من الإسلاميين المتعصبين وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين- غينغريتش ب «تقريع المسلمين». وفي هذا السياق، يرى الكاتب أن الهجمات الإعلانية بطبيعة الحال كانت أسهل بكثير على هؤلاء المتعصبين من التعامل مع نقد غينغريتش المميز والمستنير لمعتقداتهم وممارساتهم، كما كان من الملائم وصف التحدي الصارم لنخبة فرعية من المسلمين بأنه اعتداء على جميع المسلمين. لكن، على حد قول الكاتب، لم يصل الأمر إلى «سحق المسلمين» بالفعل، رغم ما يشكله معتنقو الاسلام من تهديد خطر على حرية الغرب المسيحي وحكومته وأسلوبه في الحياة. ومن الجلي أننا، على حد وصف الكاتب، بصدد ثيوقراطية عالمية تدير عملية قمعية شديدة وإجرام وحشي- الأمر الذي لا يتفق إطلاقاً مع دستور الولاياتالمتحدة. ويشير الكاتب في مقاله إلى أن غينغريتش عارض بشدة دعوة الإمام فيصل عبد الرؤوف، إمام مسجد «قرطبة» الذي يعد من أكبر مساجد الولاياتالمتحدة، إلى تأسيس «إسلام أميركي»، وذلك في مقال له نشرته صحيفة هيومان إيفنتس Human Events الأسبوع الماضي، قال فيه: «إنه لمن الغريب تأسيس مسجد في مكان لا تميل فيه العقول إلى الفكر الإسلامي المتشدد وتنتقده.. ويعتقد المسلمون المتشددون أن هذا المسجد سيكون رمزاً للانتصار، وحافزاً لتحديهم حضارتنا». ويرى الكاتب أن المشكلة لا تكمن في موقع المسجد بقدر ما تكمن في أمثال عبد الرؤوف الذين يساندون الأخوان المسلمين وينظمون جدول أعمالهم الذي من شأنه تدمير الحضارة الغربية من الداخل، على حد قولهم. وأطلق غينغريتش على ذلك الأمر لقب «الشريعة الزاحفة». ويلفت الكاتب في حديثه إلى أن عبد الرؤوف، المعروف بصلاته الوثيقة بالإخوان المسلمين، أصدر كتباً عديدة منها كتاب «ما هو صواب في الإسلام»، وكتاب «رؤية إسلامية جديدة للغرب والمسلمين». وتعد هذه الكتب جوهر الشريعة الإسلامية الزاحفة لما تتناوله في طياتها من دعوة للتبشير والتلقين والجهاد، فضلاً عن تعزيزها الفهم الصحيح للإسلام، على حد قول الكاتب الذي يرى أن كلاً من الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية والمعهد الدولي للفكر الإسلامي هما المركز الرئيسي الذي تنبثق منه تلك الأعمال الموالية للشريعة الإسلامية. ثم يختتم الكاتب مقاله بالقول إن الإشارة إلى تلك الحقائق المهمة لا تعني تطلع الغرب إلى سحق المسلمين وتقريعهم. بل على العكس من ذلك، فإن عدم الإحاطة علماً بتلك النقاط الرئيسية وعدم العمل بموجبها ومنع إقامة المسجد بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي والحفاظ على حرية أميركا بعيداً عن الشريعة تعني انعدام المسؤولية تماماً.