زواج "الفاتحة" يعود بقوة إلى الجزائر، دون أن يكلف الرجل غير الإشهاد والإعلان، ويستوفي أركان الزواج طبقا لتعاليم الدين الإسلامي.. هذا الزواج كان مقبولا في زمن الأعراف، فلماذا انتشر اليوم في زمن كل شيء فيه بأوراق ثبوتية؟ ورغم كثرة المحاذير التي تطلقها المنظمات الحقوقية والاجتماعية، تقبل كثيرات على الزواج العرفي بسبب انتشار ظاهرة العنوسة في المجتمع وأزمة السكن، وأشار إلى أن اغلب تلك القضايا تخص الأزواج الذين سبق لهم الزواج من قبل، ثم تزوّجوا مرة ثانية، وتعذّر عليهم تسجيل زواجهم الثاني في الحالة المدنية، وبالتالي تعذر عليهم التقدم أمام المصالح الرسمية للتصريح بولاداتهم، وقال إن العديد من الأزواج يلجأون إلى الأئمة لإبرام القران الشرعي مستعينين بشهود مزيفين، في حين لا تزال العائلات الجزائرية تبرم العقد الشرعي بقراءة الفاتحة وتؤجل العقد المدني لمدة عدة أشهر، وأحياناً سنة، وذلك حسب موعد الزفاف، حتى لا تقع فتياتها في سمة "مطلقة" إذا ما فشلت العلاقة قبل الدخول. ويتفاقم الزواج العرفي لأسباب أخرى غير تشديد قانون الارتباط بأكثر من زوجة، على رأسها ارتفاع المهور وارتفاع تكاليف الزواج والى عوامل اجتماعية وتغير معطيات الحياة الراهنة، والضغط المعيشي، وهي عوامل متداخلة دفعت المقبلين على الزواج إلى الارتباط عرفيا تبعا لما ينطوي عليه الأمر من "بساطة"، كما حذر من الاستعمال المشبوه من طرف البعض للزواج العرفي في قضاء أغراض غير شريفة، حيث أنّ بعضا من الشباب اهتدوا إلى هذه الطريقة من أجل ممارسة الجنس، وفي كثير من الأحيان ينتج عن هذه العلاقات حالات حمل غير شرعي، وما ينجم عنها من وقوع النساء المعنيات ضحايا ضياع حقوقهنّ في قران لا تترتب عنه أي التزامات قانونية. وكانت معطيات رسمية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، قد كشفت أنّ المساجد بالبلاد آلاف حالات الزواج بالفاتحة سنوياً، شرط أن يتم توثيقها في سجل الحالة المدنية بالبلدية المعنية، ورغم هذا العدد الكبير من الزيجات سنويا، فقد عرف الزواج العرفي طريقة إلى الشباب الجزائري، خاصة وأنه يتم بموافقة المرأة أو أهلها، في حين أن العقد يبرمه شخص عادي يتميز بالورع والالتزام الديني، ويحفظ القرآن الكريم، يحوز على ثقة العائلتين فتوكلان إليه مهمة إبرام عقد الزواج الشرعي للأبناء، رغم أنه ليس إماما. وحسب مصادر حقوقية، فإن تطبيق المادة ال 8، دفع بجزائريين إلى خرق القانون والزواج عرفيا وخداع الأئمة. وقد ظهرت هذه القضايا إلى العلن بعد تلقي المحاكم الجزائرية شكاوى لنساء تضررن من حالات حمل غير معترف بها، نتجت عن علاقات زوجية "عرفية"، لم يستطع أصحابها عقد قرانهم رسميا، خوفا من القانون، أو لقصر ذات اليد، لإثبات نسب أبنائهن. فمنذ التعديلات الأخيرة في قانون الأسرة التي أثارت الجدل، طوال السنوات الثلاث الأخيرة، والقاضية ب"استحالة" تعدد الزوجات حسب المادة 08 من القانون ذاته، والمستوجبة موافقة الزوجة الأولى على إتمام ارتباط شريك حياتها بزوجة ثانية، شهدت مناطق عديدة في الجزائر، وعلى رأسها المناطق الريفية والصحراوية، انتشارا واسعا لما يُعرف ب"الزواج العرفي"، بعد أن كاد يندثر من المدن والقرى على السواء.