عرفت ظاهرة زواج "الفاتحة" الذي يطلق على تسميته اصطلاحا بالزواج العرفي في السنوات الأخيرة انتشارا كبيرا بوهران، حيث أضحى العديد يكتفون بقراءة الفاتحة من طرف "الطالب" دون اللجوء إلى الجهات الرسمية لتوثيقها. وعلى الرغم من وجود تعليمة وزارية صادرة عن وزارة الشؤون الدينية تلزم الإمام بعدم عقد القران "قراءة الفاتح" إلا في حالة وجود عقد زواج مدني موثق، غير أن ذلك لم يكن له صدى في المجتمع، حيث لم تخفف من ظاهرة انتشار "زواج الفاتحة" حسب أحد أساتذة القانون. وفي هذا الشأن يؤكد مدير الشؤون الدينية بوهران أن كل عقد قران تم داخل المساجد المنتشرة عبر تراب الولاية، طبقت فيه هذه التعليمة بصرامة، بحيث لا يتم قراءة الفاتحة في عقد القران مالم يحضر الزوجان وثيقة الزواج ممضاة من قبل مصالح البلدية أو الموثق الرسمي، وأضاف يقول إن كل من خالف هذه التعليمة يتعرض لعقوبة إدارية، لكن الملاحظ أن أغلبية عقود القران تقام داخل المنازل في جوّ احتفالي وفي بعض الأماكن الخاصة، حيث يتم الاستعانة ب"طالب" لقراءة الفاتح. وذكر مدير الشؤون الدينية بشأن هذه المسألة أن المديرية لا تستطيع مراقبة كل الأماكن التي يتم فيها عقد القران، إلى جانب أن إداراته لم تستقبل أي شكوى من قبل مواطنين في حق إمام قرأ الفاتحة بدون رؤية وثيقة العقد. واستطرد قائلا، إن ما يجري حاليا هو أن كثيرا من الاشخاص يقومون بعقد القران في غياب الائمة، مشيرا إلى أن الخطأ السائد لدى العديد من الناس هو اعتقادهم أن كل من تعلم نصيبا من القرآن الكريم أصبح في نظر العديد من الأسر "إماما" بإمكانه أن يقرأ الفاتحة. ومن خلال الاستجوابات الميدانية لبعض المتزوجات عرفيا، لاحظنا أن أغلبهن نساء مطلقات لديهن أطفال، حيث يضطررن إلى اللجوء إلى أي رجل حتى وإن كان يكبرهن كثيرا أو متزوجا، المهم أن يجدن بيتا يأويهن مع أطفالهن، كما أن الفتيات اللواتي لم يبلغن السن القانوني للزواج المحدد ب 19 سنة، يتزوجن عرفيا لاسيما إذا كان الزوج غنيا أو مقيما بالخارج. وإلى جانب هذه الحالات فإن النساء الارامل اللائي يتقاضين منحة بعد وفاة أزواجهن يلجأون إلى الزواج العرفي خوفا من ضياع المنحة، ويلجأ بعض الرجال إلى الزواج العرفي خوفا من عدم موافقة الزوجة الثانية. ويشير استجواب خاص بالزواج العرفي قامت به جمعية "نساء مطالبات بحقوقهن" التي تنشط بوهران أنه في سنة 2005 سجلت نسبة 20 بالمئة من المتزوجات عرفيا، وتعتبر الظروف الاقتصادية والاجتماعية وظاهرة العنوسة في المجتمع وغلاء المهور وأزمة السكن من بين أسباب بروز ظاهرة الزواج العرفي سواء في المناطق النائية أو شبه الحضرية. وفي هذا السياق أكد الباحث مصطفى مجاهدي على ضرورة تفعيل دور الجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة في تحسيسها بخطورة زواج "الفاتحة" الذي يهضم حقوقها. وفي هذا الصدد تقول رئيسة جمعية "نساء في اتصال " إن الزواج العرفي لا يحمي المرأة ولا يضمن لها حقوقها الاجتماعية فهو يشبه زواج المتعة، فمثلما تزوجت بالفاتحة سيتخلى عنها بالفاتحة إذا كانت محظوظة، وفي أغلب الأحيان يهجرها ويتركها لمصيرها لأن "الطالب" الذي يزوجها عرفيا ليس لديه السلطة لمتابعة هذا العقد العرفي، وتجد المرأة نفسها في صراع دائم مع الزواج من أجل إثباته. وتشير الإحصائيات المقدمة من محكمة وهران إلى أن عدد القضايا المتعلقة بإثبات الزواج العرفي التي تم الفصل فيها خلال السداسي الأول من السنة الجارية بلغت 451 قضية من ضمن 2339 قضية تتعلق بشؤون الأسرة.