يعاني سكان حي محمد بن عيسى والإخوة بليلي بالجزائر الوسطى من كارثة بيئية وصحية تهدد حياتهم جراء أكوام الأوساخ المتراكمة في إحدى المساحات الكبرى المسترجعة التي تفصل بينهما، التي أصبحت مأوى للجرذان والأفاعي بعد استفادة سكان هذه المساحة من الترحيل وقيام البلدية بتهديمها وهذا ما سمح بانتشار الجرذان خاصة مع ارتفاع الحرارة خلال الفترة الأخيرة. أصبح السكان في كل من حي محمد بن عيسى والإخوة بليلي ببلدية الجزائر الوسطى يعيشان في كابوس حقيقي خلال الفترة الأخيرة بسبب اجتياح الجرذان وبأحجام كبيرة لم تعرف من قبل للمنطقة والتي تقوم بالتسلل إلى بيوتهم الهشة بحثا عن وجبة، وأكبر ضحاياها من الأطفال الذين لم يدركوا بعد معنى العيش والنوم مع هذه الكائنات العفنة، ويبقى الآباء هم الأكثر تضررا نفسيا من هذه الكارثة التي تتفاقم يوما بعد يوم بلجوء بعض الشباب والمراهقين إلى السهر في هذه المساحة الكبرى التي تفصل ما بين الشارعين العتيقين، حيث يقوم هؤلاء برمي فضلاتهم بعد السهر، وحتى بعض السكان من خارج هذين الزقاقين يجيئون من بعيد فقط من أجل رمي أوساخهم وفضلات المواد الغذائية في هذا المكان، وقد عزز تنامي وازدياد الجرذان والأفاعي الحشائش الضارة والشوكية التي تنامت فيه بشكل سريع وكثيف وسمحت بتفاقم الأمر، والأمر الأخطر هو تواجد العديد من الحفر الكبيرة والبالوعات على الهواء مما سمح بخروج الجرذان منها رغم أن بعض أبناء هذا الحي لجأوا إلى وضع أكياس من الرمل والتراب فوق هذه البالوعات المفتوحة إلا أن كل هذه الوسائل لم تنفع أمام مد الجرذان.. عائلات تعيش مع الجرذان منذ أكثر من 50 سنة بقلب الجزائر الوسطى تقول عائلة (محرز) وهي إحدى أقدم العائلات في حي الإخوة بليلي وبيتها ملاصق لهذه المساحة، أن الأمر لم يعد محتملا فبالإضافة إلى بيتهم الهش والمليء بالرطوبة القاتلة التي سببت الكثير من الأمراض المزمنة لكل أفراد الأسرة خاصة منهم الأطفال وكبار السن، فإن غزو الجرذان لهم كانت القطرة التي أفاضت الكأس، فالأمر يزداد استفحالا يوما بعد آخر وبيتهم لا يخلو من الجرذان التي تتسلل إلى غرفهم وإلى مطبخهم لتعبث بالأواني، ولهذا أصيب أفراد هذه الأسرة بالعديد من حالات التسمم والأمراض الجلدية المعدية التي لم يعرف الأطباء لها دواء، وبالرغم من أن هذه الأسرة حاربت هجوم الجرذان بكل الطرق والوسائل المتواجدة والمتاحة في الأسواق إلا أن الأمر لا ينتهي، فالأوساخ تتزايد في المساحة الملاصقة لهم تماما وبما أنهم يسكنون في الطابق الأرضي فإن الجرذان التي تملأ هذه المساحة استطاعت أن تحفر نفقا يصلها بهذا المنزل الهش، ولم يتفطن له أفراد هذه الأسرة إلا بعد أن استغربوا الهجوم الكاسح الذي يتعرضون له كل ليلة من هذه الكائنات التي تفتك بكل شيء يصادفها، هذه العائلة رغم هذا كله ومع عدم استفادتها من عملية إعادة ترحيل أو سكن اجتماعي رغم أحقيتها به، إلا أنها تحمد الله على أنه نجاها من الأسوأ كهجوم هذه الجرذان على الأطفال الصغار أو إصابتهم بالطاعون القاتل، ومن جهة أخرى فهم يستنجدون بالبلدية ومصالح النظافة لإنقاذهم من هذه الكارثة التي باتت تهدد حياتهم وحياة أطفالهم. وللإشارة فإن هذه العائلة ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الأزمة، إلا أنها ربما تكون الأكثر تضررا لأن البيت يقع في الأسفل وغالبا ما يكون سكان الطوابق الأرضية والأقبية هم الأكثر تضررا، ولالتصاق بيتهم تماما بهذا المكان، إذ يوجد الكثير من العائلات الساكنة بهذين الشارعين يعانون بشكل كبير ومتواصل من غزو الجرذان والرائحة الكريهة التي تسببت في العديد من أمراض الحساسية، خاصة السكان المطلين مباشرة على هذه المساحة فبعض الجرذان تقفز مباشرة إلى مطابخهم وغرفهم عبر النوافذ. ومن جهة أخرى فإن هذه المساحة التي تملكها البلدية، والتي لم تقم بإعادة تهيئتها كما قامت مع باقي المساحات المسترجعة بهذه المنطقة، حيث يضم هذان الشارعان لوحدهما العديد من المساحات،إذ يبلغ عددها من 5 إلى 7 مساحات مسترجعة تم تحويل معظمها إلى مساحات خضراء ومواقف للسيارات، لكن هذه المساحة التي رغم أن اتساع رقعتها يؤهلها لإقامة العديد من المشاريع الجوارية إلا أنها أصبحت الآن تشكل كارثة بيئية باتت تهدد السكان وتعيق حياتهم الطبيعية كباقي المواطنين في هذه البلدية التي تملك كل الإمكانيات المادية لتنظيفها وإعادة تهيئتها قصد الاستفادة منها، إذ بعد أن قام عمال البناء بتهديم كل البنايات التي كانت تملأ هذا المكان المسمى ب 15 وقد كان فيما قبل عبارة عن غابة صغيرة ثم استغلت من خلال بناء العديد من البنايات، وبعد أن اشتكى سكانها من قدمها وخطر انهيارها بل أن بعضها كانت أجزاؤها تتساقط يوما بعد آخر، قررت البلدية إعادة ترحيلهم، ثم قامت فور ذلك بتكليف مقاول مع عماله بعملية التهديم التي دامت طويلا، إلا أنها كانت غير مكتملة، ثم أصبحت مع مرور الأيام مكانا لرمي الأوساخ والفضلات، وزادت العصابات المنحرفة التي اتخذتها مكانا لممارسة أفعالها وإقامة سهراتها فيها، وهذا ما زاد من استياء السكان وخاصة عائلة محرز التي لا تستطيع النوم أحيانا بسبب هذه التجمعات، أما في مناسبة عيد الأضحى فالأمر يزداد سوءا بلجوء بعض العائلات من الأحياء المجاورة بجلب الكباش للرعي وربما المبيت في هذه المفرغة لتوفرها على بعض الحشائش، كما أن معظم هؤلاء السكان يعيشون في بيوت هشة وضيقة جدا فيضطرون إلى اللجوء لهذا المكان، فهل ستتدخل سلطات بلدية الجزائر الوسطى لإنقاذ هذه العائلات قبل وقوع كارثة صحية بهذه الأحياء؟