* "حان وقت الاحتفال مع مشجّعينا الذين ساندونا دائما" * "لست أقصر لاعب في إسبانيا". * "كنّا نعرف أن إيطاليا ستسعى للهجوم" * "نشوة الانتصار تمثّل شعورا لا مثيل له" يشعر دافيد سيلفا بسعادة عارمة بعدما تُوّج بكأس الأمم الأوروبية مع منتخب بلاده مساء الأحد في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث سجّل أوّل الأهداف الأربعة التي سحق بها الفريق الإسباني نظيره الإيطالي في مباراة نهائية ستبقى منقوشة في الأذهان إلى الأبد. وبذلك يكون ابن جزر الكناري قد أضاف لقب (القارّة العجوز) إلى كأس العالم الذي توّج به مع كتيبة لاروخا في جنوب إفريقيا سنة 2010، قبل أن يساهم في فوز ناديه مانشستر سيتي بدرع الدوري الإنجليزي الممتاز نهاية الموسم المنصرم. بعدما افتتح مهرجان أهداف نهائي أورو 2012 برأسية بديعة، خصّ ابن السادسة والعشرين عاما موقع (الفيفا) بحوار حصري أكّد فيه أن هذا الإنجاز التاريخي الذي حقّقته بلاده ليس إلاّ حافزا إضافيا للسعي وراء تحقيق مزيد من الألقاب. * أنت تعيش الآن لحظة لا تُنسى بعدما سجّلت هدفا في النّهائي وساهمت في تتويج منتخب بلادك باللّقب القارّي، لا يُمكن أن يُطلب منك المزيد أليس كذلك؟ ** بالفعل، لقد كنت محظوظا بتسجيل الهدف الأوّل الذي ساعدنا كثيرا من أجل شقّ طريقنا بثبات في هذه المباراة وخلق فرص أكثر، كنّا نعرف أن المفتاح يكمن في السبق إلى التسجيل، وقد ركّزنا على ذلك كثيرا قبل المباراة، لذلك عمدنا منذ البداية إلى المبادرة بالهجوم قدر الإمكان، وقد حقّقنا ذلك لحسن الحظّ. * ربما تكون أقصر لاعب في المنتخب الإسباني، لكنك سجّلت مع ذلك هدفا بضربة رأسية في شباك إيطاليا... ** لا، لا، لست أقصر لاعب في إسبانيا (يضحك)، لقد كنت في المكان المناسب والوقت المناسب، حيث شاهدت كيف سارت تلك العملية الهجومية وأدركت أن عليّ الانتظار بعض الشيء قبل أن يمرّر سيسك الكرة في خطّ قُطري، وقد سارت الأمور على هذا النّحو بالضبط، مرّ كلّ شيء بسرعة لكن الهجمة سارت وفق ما توقّعته. * لقد عبَّد ذلك الهدف الطريق نحو الفوز الإسباني الكاسح... ** بالفعل. في الغالب تكون المباريات النّهائية متكافئة للغاية، إذ لا تُحسم إلاّ بهدف واحد أو بجزئيات بسيطة. نحن ندرك أنه ليس من السّهل إطلاقا تحقيق فوز بهذا الفارق الكبير، وأعتقد أن هذا يمثّل أحد الأسباب التي تجعلنا نشعر بهذه الفرحة العارمة. لقد كوفئنا خير مكافأة على جهودنا، وهذا شيء ليس بالمعتاد في كرة القدم. * كانت المباراة مفتوحة أمام إيطاليا، هل تعتبرون أن مهمّتكم ضد فريق بهذه المواصفات تكون أسهل من اللّعب ضد خصم متقوقع في الدفاع؟ ** نعم، لقد سهّل ذلك مهمّتنا بكلّ صراحة. عندما نواجه فرقا دفاعية محضة فإننا نجد أنفسنا مطالبين ببذل جهود مضاعفة لأن إيجاد الثغرات يتطلّب منا صبرا كثيرا وعملا مضنيا، كنّا نعرف أن إيطاليا ستسعى للهجوم هي الأخرى، ليس فقط بالنّظر إلى أسلوبها بل لأنه لا يُمكنك أن تستكين إلى الدفاع في مباراة نهائية، إذ عليك أن تسعى للفوز، كنّا ندرك ذلك جيّدا. * هل استفدتم من مباراتكم السابقة أمام إيطاليا خلال مرحلة المجموعات؟ وما الذي تغيّر بين تلك المواجهة وموقعة النّهائي؟ ** كانت تلك المباراة الأولى في إطار دور المجموعات، وفي مثل تلك المواجهات تلعب بعض المنتخبات باحتياط أكبر، وأعتقد أن إيطاليا كانت أكثر تقوقعا بعض الشيء في ذلك اللّقاء. ثمّ هناك عامل مهمّ آخر، حيث كان عشب الملعب اليوم أقل علوا ممّا جعل الأرضية أكثر سرعة، وهذا عامل أساسي في أسلوبنا، وبالتالي فقد صبّ ذلك في مصلحتنا. * بالنّظر إلى إحصائيات المنتخب الإسباني في المباراة النّهائية نجد أن نسبة استحواذكم على الكرة كانت أقلّ من المباريات الأخرى، بل إن التفوّق كان إيطاليا في هذا الجانب خلال الشوط الأوّل، هل كان ذلك يدخل في صلب مخططاتكم؟ ** لا، لا، أبدا، هكذا سارت الأمور في المباراة، لا أقلّ ولا أكثر. كما أن ذلك راجع أيضا إلى كوننا تقدّمنا مبكّرا في النتيجة، ممّا أجبرهم على المبادرة بالهجوم من أجل إدراك التعادل. أعتقد أننا استوعبنا الأمر جيّدا وأدركنا أن ذلك قد يصبّ في مصلحتنا ويتيح لنا الفرصة للتهديف عبر المرتدّات، لقد كان السيناريو مثاليا بالنّسبة لنا، علما أن ذلك جاء نتيجة ظروف المباراة ولم يكن وليد خطّة متّفق عليها سلفا. * لقد حقّق هذا الفريق إنجازا تاريخيا بتربّعه على عرش ثلاث بطولات كبرى متتالية، ما هو السرّ وراء حفاظكم على كلّ هذه العزيمة وكلّ هذا التعطّش؟ ** إن تعطّشنا للألقاب لا ينتهي أبدا، فنشوة الانتصار تمثّل شعورا لا مثيل له، ونحن ندخل غمار كلّ بطولة بهدف الاستمتاع بمثل تلك اللّحظات مرّة أخرى. وعلى المستوى الشخصي فإن كلّ لاعب يسعى للحفاظ على مكانه داخل الفريق أيضا، ففي إسبانيا يبدو كلّ جيل أفضل من سابقه، وبالتالي فإنك إذا تخاذلت بعض الشيء سيكون هناك من هو جاهز لأخذ مكانك. عليك أن تكون دائما في أفضل حالاتك، وهذا هو السبيل إلى تحقيق أفضل النتائج. * ما هي خطوتكم التالية؟ ** لقد حان وقت الاحتفال مع مشجّعينا الذين ساندونا دائما، إننا نتطلّع للاحتفال معهم في إسبانيا، لكننا لا ننسى من جاءوا إلى أوكرانيا وبولندا من أجل مؤازرتنا في كلّ مباراة من المباريات، لقد كانت لحظات رائعة. بعد ذلك سوف نخلد إلى الرّاحة ونستمتع ببعض اللّحظات الحميمة مع أفراد عائلاتنا الذين ينتظرون وصولنا بفارغ الصبر. * ثمّ بعد ذلك العودة إلى إنجلترا من أجل بدء رحلة الدفاع عن لقب الدوري الممتاز مع مانشستر سيتي... ** بالفعل، سيكون حافزا إضافيا بالنّسبة لنا. نعرف أن الموسم سيكون شاقّا وطويلاً، حيث سيكون الصراع محموما مع مانشستر يونايتد وتشيلسي وآرسنال، تلك الأندية التي اعتادت على التنافس الحادّ، والتي ربما لم تستسغ حتى الآن فوزنا بلقب الدوري. كما لا ننسى دوري أبطال أوروبا الذي يشكّل حافزا آخر بالنّسبة لنا. نتمنّى الفوز بلقب أو اثنين على الأقل، على غرار ما أنجزناه في السنوات الأخيرة. * ختاما، وبالنّظر إلى تجربتك الاحترافية في إنجلترا، كيف تقيّم أداء منتخب الأسود الثلاثة وعجزه الدائم عن التألّق في البطولات الكبرى؟ ** إنجلترا تملك منتخبا كبيرا لكنه لم يكن محظوظا على الإطلاق، إنه فريق بلاعبين من الطراز العالي، ولا شكّ في أنهم سيتوّجون بأحد الألقاب عاجلاً أم آجلاً، إنها مسألة وقت ليس إلاّ، لكن الأكيد أنهم سيتنافسون دائما مع الأفضل على الإطلاق.