يطمئن خبراء ومختصّون الجزائريين بألا خوف على الوضع المالي لبلادهم حاليا على الرغم من الانخفاض المحسوس لأسعار البترول، ويؤكّدون أنه لن يكون لذلك تأثيرات سلبية مباشرة على الوضع المالي للجزائر شرط أن لا يستمرّ هذا الانخفاض طويلا، علما أن مختصّين يتوقّعون أن تشتعل أسعار النّفط مجدّدا لأسباب مختلفة. يُرجع الخبراء عدم تأثّر الجزائر حاليا بانخفاض أسعار البترول إلى جملة من المعطيات، وفي هذا الشأن يرى عبد المجيد عطّار الخبير في الطاقة أن (الانخفاض الأخير الذي سجّلته أسعار البترول راجع إلى الكمّية الإضافية المهمّة للعرض في السوق في الوقت الذي لا تزال فيه آفاق بعث الاقتصاد العالمي غير واضحة). كما أشار السيّد عطّار وزير الري سابقا ومدير رئيس عام أسبق لمجمّع سوناطراك إلى أنه بالرغم من تجاوزه كلّ التوقّعات إلاّ أن هذا المستوى من الأسعار (ليس خطيرا)، مضيفا أنه بإمكان الجزائر مباشرة مشاريعها الاستثمارية العمومية بفضل الأموال التي يجنّدها صندوق ضبط الإيرادات واحتياطات الصرف. وأوصى السيّد عطّار بتسيير عقلاني وفعّال لهذه البحبوحة المالية (التي تعدّ جدّ ضرورية وبالخصوص في حال تواصل انخفاض الأسعار)، مذكّرا بأنه بإمكان الجزائر أن تصبح في أقلّ من عشريتين بلدا مستوردا للمحروقات. من جهته، صرّح السيّد عبد الحميد قارة، وهو إطار سابق في مجمّع سوناطراك، بأن تراجع أسعار الذهب الأسود تحت سقف 100 دولار راجع (إلى العربية السعودية التي تواصل ضخّ النّفط في السوق بالرغم من توفّر العرض مقابل طلب ضعيف من أجل خدمة مصالح المستهلكين وبالخصوص الولايات المتّحدة). وأضاف ذات الخبير أن العربية السعودية تتصرّف ضد مصالح المنتجين الصغار وأيضا مصالحها الاقتصادية الخاصّة بسعر أقلّ من 100 دولار للبرميل). وفيما يخص تداعيات هذا الوضع على الآفاق المالية للجزائر اعتبر السيّد قارة الذي يعمل حاليا مع شركة بترولية متعدّدة الجنسيات أنه (غير محكوم على البلاد بأن تتّجه من الآن فصاعدا نحو التقشّف)، مشيرا إلى ضرورة إعادة توجيه مورد النّفط على المديين المتوسط والبعيد. كما اعتبر الرئيس الأسبق لمنتدى رؤساء المؤسسات السيّد عمر رمضان أن استعداد صندوق ضبط الإيرادات واحتياطي الصرف يسمحان للسلطات العمومية بغلق برنامج الاستثمارات العمومية، وذكر أن غلاف 286 مليار دولار الذي تمّ تجنيده لتمويل البرنامج (لا يمكن استهلاكه بالكامل مع آفاق 2014 لاعتبارات تقنية وبيروقراطية تتعلّق بمسار إنضاج المشاريع علاوة على الأجراءات وقانون الصفقات العمومية)، كما أوضح أن (الحكومة بصدد التحضير لفترة ما بعد البترول، لا سيّما من خلال برامج تطوير الطاقات المتجدّدة وغير التقليدية)، مبرزا ضرورة (تحضير المؤسسات للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية). ومعلوم أن أسعار البترول الجزائري شهدت في الأيّام الأخيرة تذبذبا كبيرا وفقدت عدّة دولارات، وهو الأمر الذي دعا الحكومة إلى الحديث عن إجراءات تقشّف ضرورية تجنّبا لأيّ تأثيرات محتملة لانهيار أسعار النّفط. ومن المعروف أن الجزائر تعتمد اقتصاديا بصفة شبه كلّية على تصدير النّفط، وبذلك فإن أيّ هزّة في أسعاره تؤثّر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني ومداخيل البلاد.