لا يستغني الكثير من الجزائريين، عن المكيفات الهوائية في هذه الفترة من السنة، سوءا داخل المنازل، أو في مقرات العمل والمكاتب، وفي السيارات أيضا، وهو أمر منطقي بالنظر لدرجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد، ما يجعل الجميع يبحثون عن أكثر الوسائل الممكنة لإنقاذهم من درجات الحرارة الشديدة، هذا على الرغم من أن للإفراط في استخدام المكيفات الهوائية مخاطره التي يحذر منها الأخصائيون والأطباء في كل مرة. وقد كانت المكيفات نوعاً من الترف والكماليات قبل 10 سنوات فقط من الآن، ولا تقتنيها سوى العائلات الثرية، أما الآن فقد انتشرت على نطاق واسع وأصبحت مختلف العمارات بشتى مناطق الوطن تغصّ بها، ولا سيما بعد أن انخفضت أسعارها مقارنة بما كانت عليه في السنوات الفارطة بعد أن اشتدت حدة المنافسة بين الشركات العالمية لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن، والزائر لمناطق تجارية على غرار العلمة بولاية سطيف وكذا الحميز قرب الجزائر العاصمة، يلاحظ مدى الإقبال الواسع للجزائريين على اقتناء مختلف الماركات العالمية من المكيفات الهوائية، كما أصبح اقتناء سيارات مزودة بمكيفات ضرورة لدى الكثير من الجزائريين بعد أن كانت بدورها ترفاً وأمراً كماليا قبل سنوات. ولا تخلو (كثرة) المكيفات، أو بالأحرى، الإفراط في الاعتماد عليها، في البيوت والمكاتب والسيارات، من أخطار صحية آنية ومستقبلية، وفي هذا الإطار أثبتت دراسات حديثة أن المكيفات تسبب أمراض العيون والمفاصل، كما أن المكيفات تنتج هواء باردا يحمل معه الرطوبة ويؤدي بدوره إلى حدوث التهابات رئوية وخصوصا لمن يعانون من أمراض رئوية سابقة ومرضى الربو. وتبين الأبحاث أن البرودة الناجمة عن المكيفات تؤدي إلى ضيق في القصبات الهوائية سواء كان المتعرض لها نائما أو مستيقظا، وأن النوم لساعات طويلة في غرف مكيفة يفضي إلى تعب وإرهاق وإعياء وشد عضلي خاصة في أجزاء الجسم التي كانت عرضة أكثر من غيرها لبرودة المكيف المباشرة. ويؤكد العلماء أن أكثر الأجزاء عرضة للتأثر بهواء المكيفات الباردة أو الساخنة هي الرقبة والظهر وذلك لغياب الطبقة الدهنية السميكة التي تحمي العضلة فيهما، مشيرين إلى أن الاختلاف المفاجىء والمباشر في درجات الحرارة يحدث تقلصا في الألياف العضلية مما يؤدي إلى اختلاف طول العضلة لتصبح مشدودة وتسبب ألما كبيرا لدى الإنسان. ويحذر الأطباء من الأضرار الكبيرة التي تسببها المكيفات للمفاصل بسبب تأثر المنطقة الغضروفية الهلامية اللزجة التي تتأثر بالاختلاف في درجات الحرارة مما يسبب تيبسا في المفاصل وينصحون من يعانون من حالات التيبس بعدم الجلوس أمام المكيفات. ولا تخلو مكيفات السيارت من هذه المخاطر كذلك، وقد حذرت دراسة طبية ألمانية من مخاطر الإكثار من استخدام مكيفات السيارات على صحة الإنسان، حيث تبين أن معظم السائقين في البلاد تغريهم السيارات المكيفة التي أصبحت حاليا من المكونات الأساسية في معظم الأنواع الجديدة من السيارات، واستندت الدراسات المحذرة إلى أن الصدمة الجسمية الناجمة عن الجلوس في السيارة المكيفة يمكن أن تتسبب في سلسلة من الأعراض بدءا من أوجاع العضلات وآلام الجسم ونوبات البرد الشديدة والتهاب في الحنجرة حتى الالتهاب الرئوي. وطبقا لتحذير صدر مؤخرا حول القيادة في العطلة الصيفية فإن الناس يميلون خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة إلى دخول السيارة ويشغلون المكيفات بأقصى طاقتها وهذا خطأ فادح، وبالإضافة إلى ذلك فإن السائقين يضبطون مكيفاتهم بدرجة تركز الهواء البارد عليهم مما يسبب لهم تيبسا في الرقبة، وأضاف التحذير أنه وبدلا من ذلك فإنه يتعين عليهم تشغيل المروحة على الدرجة الأقل ثم يضبطوا درجة الحرارة لتكون أقل بدرجتين فقط عن درجة حرارة الهواء الخارجي عند بدء تشغيل المكيف، موضحا أنه يتعين أن تظل نوافذ السيارة مفتوحة قليلا خلال هذه الفترة الانتقالية لكي تسمح بإخراج الهواء الساخن من السيارة. وتابع التحذير، أنه بمرور الوقت يمكنهم ضبط درجة الحرارة لكي تنخفض تدريجيا. ولا يتعين تحت أي ظرف من الظروف أن تنخفض درجة الحرارة داخل السيارة بأقل من ست درجات عن الهواء الخارجي وإلا فستكون صدمة الخروج من السيارة أشد من أن يتكيف معها الجسم.