في كل مرة يحل علينا شهر الرحمة والمغفرة، شهر رمضان الكريم، تبدأ التحضيرات المختلفة التي تعرفها العائلات الجزائرية، في كل مرة، والتي تكون فيها المرأة هي سيدة الموقف والقرار، وهذا بدءا من أعمال التنظيف الشاملة لكل البيوت، مرورا بتجهيز الأواني القديمة وشراء أخرى جديدة، وانتهاء باقتناء كل ما يلزم وما لا يلزم من المواد الاستهلاكية، والخضر، وهذا رغبة منهم في استقبال الشهر، وهم على أتم الاستعداد. لكن أهم امتحان في هذا الشهر، هو المطبخ، خاصة وأنه الفرصة الوحيدة لربات البيوت وكذا الفتيات، من أجل إثبات وإظهار قدراتهن في مجال الطبخ، وعليه فالعديد منهن يحرصن على ذلك، ويتفنن في صنع وتحضير أشهى وألذ الأطباق التقليدية، خاصة الصعبة منها، على غرار (طاجين المثوم) و(الحريرة) (طاجين الزيتون)، وغيرها الكثير من الأطباق التقليدية، التي تزخر بها مدن الجزائر. غير أنه في السنوات الثلاث الأخيرة، غيرت بعض النساء من عادات الطبخ الجزائري في شهر رمضان، حيث استغنى البعض منهن، عن الأطباق التقليدية، التي كانت فيما مضى زينة المائدة الجزائرية في عدة مناسبات، منها شهر رمضان، وعوضتها ببعض الأطباق العصرية الخفيفة، مثل (البيتزا) و(السلطات المتنوعة) وكذا أطباق (الغراتان) وأنواع المملحات الكثيرة. ولعل أهم الأسباب، التي أدت ببعض النساء الجزائريات، إلى الاستغناء عن أطباقنا التقليدية، وتعويضها بكل ماهو عصري وخفيف، هو حلول شهر رمضان في فصل الصيف، خاصة وأنه تزامن هذا العام مع شهر جويلية، الذي يعرف بأنه من أشد شهور الصيف حرارة، وأيضا فالأطباق التقليدية لا تتلاءم وهذا الجو الحار، فهي أطباق دسمة وثقيلة على معدة الإنسان، وهذا ما جعلهم يجدون الحل في هذه الأطباق الخفيفة، التي يأخذونها من الكتب ومن المطابخ العربية والأوربية، فهي لا تجعل الصائم يشعر بالتعب والخمول، مثل الأطباق التقليدية الأخرى. وفي هذا الصدد، قمنا بالحديث مع بعض المواطنين من أجل معرفة رأيهم حول هذا الموضوع، وعليه يقول سمير، وهو الذي تزوج حديثا، بأنه والحمد لله زوجته سيدة مطبخ من الدرجة الأولى، فهي تعرف كيفية تحضير أغلب الأطباق التقليدية، التي تزخر بها ولايات الوطن، ليضيف قائلا بأنه ما دام لم يمض على زواجهما سوى شهرين، فلم يتسن له تذوق هذه الأكلات من يدها، غير أنه متأكد من مهارتها، غير أنه اتفق معها على عدم تحضيرها في شهر رمضان، لأنه لا يستطيع أكلها، وحرارة الجو مرتفعة جدا، ليعقب بأنه صحيح سيحرم من مذاقها الطيب، لكنه اختار صحته وصحة زوجته عليها، لينهي كلامه بأن الأيام لازالت قادمة، وسيكون عليها تحضيرها مرات عديدة. لتضيف سيدة أخرى، أنها لا تستغني أبدا عن هذه الأطباق، غير أنه في السنوات الأخيرة، ومن أجل تحقيق رغبات أبنائها وزوجها، رضخت للأمر الواقع، وعوضتها مثلما قالت لنا بأنواع المملحات والبيتزا وكذا الأنواع المختلفة من الغراتان، وهي الأطباق التي تعد خفيفة جدا على المعدة، ولا تسبب الخمول والتعب للجسم.