صحيح أنّ للجزائريين في رمضان أطباقا مفضلة لا يمكن أن يستغنوا عنها، ولا يحلو لهم الإفطار إلاّ إذا ما رأوها على المائدة وصوت المؤذن يرتفع معلنا عن آذان المغرب، لكن مع ذلك، فان الكثيرين دفعتهم حرارة ليالي رمضان إلى الإقبال على المأكولات التي اعتادوا عليها باقي أشهر السنة، وخاصّة وأنّ البعض يجد صعوبة في تناول المأكولات الرمضانية التقليدية مع ارتفاع درجة الحرارة. مصطفى مهدي أكثر التجار، وما إن يحل شهر رمضان، حتى يحولوا تجاراتهم إلى تجارات موسمية، ويتجهون إلى بيع الحلويات الرمضانية خاصّة، والتي يدركون أنها ستلاقي إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، أمّا آخرون فيفضلون أطباقا أخرى يبيعونها في رمضان، وهذا التغيير يمس أكثر شيء محلات الأكل السريع، التي تتوقف عن صنع البيتزا والسندويشات وتستبدلها بقلب اللوز والزلابية، أو هذا ما كانت تفعله قبلا، لولا أن شهر رمضان لهذه السنة تزامن مع شهر أوت الحار، وفكر بعض التجار أن لا يتوقف عن بيع المأكولات الخفيفة، والتي، وبالفعل تلاقي إقبالا منقطع النظير، خاصة في الأحياء المشهورة، على غرار ابن عكنون، وحي هواء فرنسا ببوزريعة، والذي يمضي فيه عشرات العاصميين سهراتهم ليلا، أما في تناول البيتزا، او المثلجات، وتحدثنا إلى بعض زبائنه ومنهم يونس، 20 سنة، والذي يأتي من حي يبعد بثلاث كيلومترا، يأتي هو وأصدقاؤه الأربعة، ليستلذوا ذوق أكلتهم المفضلة "التشيز"، يقول لنا يونس: "في أشهر السنة العادية، وعندما أعود من العمل، أمرّ من هذا المحل، ولا استطيع حينها مقاومة رغبتي الشديدة في تناول "سندويش تشيز"، خاصّة وانه يتقن صنعه، كما أن لديه من التوابل والإضافات التي تجعل طعمه مميزا، أما في رمضان فالأمر لا يختلف، فرغم أنني حرمت من أكلتي هذه خلال ساعات النهار، إلا أنني آتي في الليل مع أصدقائي بالسيّارة، او حتى مشيا على الأقدام، ونجلس لمدة قبل أن نعود، فنحن نمضي سهراتنا بهذه الطريقة، عوض الجلوس في محشاشات الحي ولعب الدومينو طيلة الليل". بعدها اتجهنا إلى حي هواء فرنسا، وصلنا إليه في حدود الحادية عشرة ليلا، وتحدثنا إلى بعض الزبائن، ومنهم سليمة التي قدمت من الجزائر الوسطى لكي تتذوق أكلتها المفضلة وهي البيتزا، فقالت: "في أشهر السنة العادية لا اقبل على "البيتزا" التي أحبها مثلما هو الحال في رمضان، ربما ما يجعلني اشتاق إليها أن كل المحلات تتوقف عن صنعها في هذا الشهر، وحيث اسكن تحول كل المحلات إلى صنع الحلويات الرمضانية، ما جعلني آتي إلى هنا لاستطيع تذوقها، ورغم أنني أجيد تحضيرها في المنزل، إلا أن مذاقها في هذه المحلات يختلف، أصارحكم أنني أطبخ في البيت كثيرا من الأطباق، ولكنني لا أفطر إلاّ على الماء والسلطة، ولا أستطيع أن أتناول تلك التقليدية، ولهذا، وعندما أخرج ليلا، أشعر برغبة في تناول مأكولات خفيفة".