يتحول منبع بلعريبي الذي يبعد عن مدينة المسيلة عاصمة الولاية بحوالي 8 كلم من الجهة الشمالية في فصل الصيف وحلول رمضان إلى الملاذ الوحيد للمسيليين من أجل الاستجمام بمياهه الدافئة التي تحتوي على الكبريت، موقع الحمام يوجد على الجهة اليسرى من وادي القصب حيث يستغل غالبية شباب عاصمة الحضنة والبلديات المجاورة لها ارتفاع درجات الحرارة ليتوجهوا في مجموعات صوب المنبع الذي تعدت شهرته ربوع الوطن وبات يستقطب خلال السنوات الفارطة المئات من المغتربين غالبيتهم من فرنسا والذين يستغلون فرصة قضائهم للعطلة السنوية ليتوجهوا إلى المنبع ليس من أجل السباحة، بل من أجل علاج بعض الأمراض وفي مقدمتها الأمراض الجلدية ك (حب الشباب) وعلاج المفاصل (كالروماتيزم) والأعصاب. وفي جولة استطلاعية قمنا بها مؤخرا إلى المنبع المذكور ذهلنا بالأعداد الكبيرة من المواطنين غالبيتهم من الشباب الذين يستغلون الانعدام التام للمرافق الترفيهية بعاصمة الولاية وقلة المسابح للتنقل إلى منبع بلعريبي من أجل السباحة والتداوي من الأمراض، وحسب شهادات استقيناها من مجموعة من السكان الذين يقطنون بالقرب من المنبع، فإن هذا الأخير والذي هو عبارة في الأصل عن حمام تقليدي في الهواء الطلق يحتوي على بيت للضخ من الينبوع الموصول بواسطة أنابيب موصولة بالصخور الكبريتية وتصرف مياه في برك وأحواض صغيرة تذهب مياهها إلى واد سد القصب المجاور له، يستقبل في الأيام العادية أزيد من 500 شخص يأتون من مختلف البلديات وبخاصة من مدينة المسيلة، منهم من يأتي بغرض السباحة هربا من الحرارة ومنهم من يأتي بداعي العلاج من الأمراض، فيما تزداد أعدادهم مع دخول فصل الصيف ورمضان، حيث وصل عددهم خلال الأيام القليلة الفارطة إلى أزيد من 800 شخص غالبيتهم من الشباب البالغة أعمارهم بين 28 و 30 سنة وهناك من الأولياء من يصطحب أولاده من أجل التداوي وتمضية الوقت خلال شهر الصيام، مشيرين إلى أن الأسباب التي زادت في ارتفاع عدد قاصدي المنبع تعود للشهرة التي اكتسبها وطنيا وحتى دوليا وتمكن مياهه التي تنبع من الصخور في علاج غالبية الأمراض الجلدية، وكذا للنقص المسجل في المرافق الترفيهية بالولاية كالمسابح وهو الأمر الذي يدفعهم للتوجه صوب منبع حمام بلعريبي بالرغم من أن مياهه المتدفقة ساخنة. ''بلعريبي'' بين الواقع والخيال الحديث عن منبع بلعريبي يقودنا إلى معرفة أصل التسمية وطريقة نشأته ووجوده والذي بفضله تمكن المئات من الأشخاص من علاج العديد من الأمراض الجلدية والأخرى، تقول الروايات المتداولة بكثرة أن أصل تسميته تعود إلى الوالي الصالح (بلعريبي) الذي يتواجد منزله الذي كان يقطن به وكذا قبره غير بعيدين عن المنبع، حيث أن كل من يسمع به يتخيله وكأنه عبارة عن حمام مثل بقية الحمامات المعدنية المتواجدة ببلادنا، إلا أنه سيفاجأ عندما يقوم بزيارته ويكتشف أنه عبارة في الأصل عن منبع مائي تنعدم فيه التهيئة ويحتوي على أحواض وبرك مائية صغيرة مصنوعة بطرق تقليدية وهي ليست عميقة، وهو ما ساهم في ارتفاع الوافدين إليه، أما عن تاريخ هذا المنبع وفي غياب معلومات رسمية فإن البعض يرجعه إلى أزيد من قرن من الآن، وهناك من سكان المنطقة من يقول أزيد من ذلك بكثير، ليتحول المنبع خلال السنوات الفارطة إلى مزار للولي الصالح للتبرك والتداوي بمياهه التي تنبع من صخور الجبال المتاخمة لسد القصب. علاج للأمراض الجلدية بامتياز وحسب عدد من الأطباء فإن مياه منبع بلعريبي تحتوي على كمية هائلة من الكبريت التي تتدفق من الصخور الغنية بالعنصر الكيمائي وهو ما سمح لها بعلاج العديد من الأمراض والفطريات الجلدية وحتى أمراض الروماتيزم والأعصاب بفضل ما تحتوي عليه من مكونات تساعد على العلاج، بل أن بعض الأمراض المذكورة التي لا يتم علاجها بسرعة بواسطة الأدوية ك (حب الشباب) تمكنت مياه المنبع المذكور من علاجها في أيام قليلة، بل إن عددا من الشباب المغتربين تخلصوا من فطريات الجلد وهم الذين استعلموا العديد من الأدوية دون فائدة، كما عالجت حتى الإكزيما، وهو ما أكسب المنبع شهرة وتحول إلى مزار للعديد من العائلات الباحثة عن علاج أبنائها من تلك الأمراض، كما نصح هؤلاء الأطباء بضرورة العلاج بمياهه نظرا لفوائدها العديدة، خاصة وأنها صالحة للشرب. إهمال وتسيب كل من يقصد منبع بلعريبي إما للاستجمام بالمكان أو للتداوي سيتبادر إلى ذهنه السؤال الخاص بغياب الدولة سواء ممثلة في مصالح البلدية أو الولاية أو حتى وزارة السياحة من أجل الاهتمام به على الأقل بعد أن بات من المناطق الأكثر زيارة بالولاية، في ظل غياب تصور مستقبلي بالرغم من روعة المنبع وجماليته، متحججين بوعورة المنطقة، بالرغم من أنه كان من المفروض على الدولة أن تقوم على الأقل بإنجاز مسابح على محيط المنبع لكي يتم وضع حد للمخاطر الناجمة عن الأحواض الحالية، حيث وبالرغم من تصنيف مديرية السياحة للمنبع المذكور ضمن الأماكن السياحية والحمامات المعدنية التي تزخر بها الولاية، إلا أن ذلك لم يشفع له على الأقل لتحويله إلى مشروع استثماري هام عن طريق تهيئة المكان تهيئة تليق به كمنبع معدني ويتم إعادة استغلاله بطريقة منظمة لكي يسمح باستقبال الوافدين من مختلف أنحاء الوطن، وليس تركه مهملا غير معترفين بقيمته الصحية، في حين ذهب أحد الشباب الذين وجدناه في عين المكان أبعد من ذلك عندما راح يتساءل عن أسباب عدم تدخل وزير السياحة إسماعيل ميمون الذي كان حسبه منتظرا منه أن يسارع إلى برمجة تحويل المنبع إلى مشروع حقيقي لكي يستفيد منه الجميع باعتبار أنه من أبناء المدينة، إلا أن هذا الأخير لم يكلف نفسه عناء التنقل إلى المنبع لزيارته فما بالك بالاهتمام به، وبعد ذلك تأتي الدولة لتؤكد تدعيمها للسياحة الحموية، سؤال تجيب عنه وزارة السياحة.