عاد (تاكفاريناس) بعد عقدين من الغياب عن جمهوره العريض بعاصمة جرجرة، وأحيا نهاية الأسبوع المنقضي، حفلا فنيا تاريخيا حضره قرابة 20 ألف متفرج اكتظت بهم مدرجات ملعب أوكيل رمضان البلدية بمدينة تيزي وزو، حيث أدى باقة من الأغاني الرائعة التي لقيت تجاوب الجمهور معه في سهرة قال عنها شهادة ميلاده الجديدة. الحفل الفني الذي تميز بإجراءات أمنية جد مشددة نظرا لما سبق الحفل المنظم في إطار الحفلات المبرمجة لتنشيط سهرات رمضان، من كلام شديد اللهجة بخصوص الميول الأخير للنظام من طرف الفنان، حين كشف عن مشاركته في التشريعيات المنصرمة ودعا الشعب لذلك الأمر الذي لقى استنكارا واسعا وسط منابت الفتنة بالمنطقة، وحاولت أطراف معينة استثمارها لزرع البلبلة إلا أن المخاوف التي أثيرت قبل الحفل تلاشت رويدا رويدا بمجرد اعتلائه منصة الحفل مرتديا زيا مميزا، كتميز كفنان (تاكفاريناس) الظاهرة، غنى ورقص وألهب مدرجات وأرضية الملعب التي عجت بالشباب القادم من مختلف بلديات ودوائر الولاية للاستماع لروائعه عن قرب. ونجح تاكفاريناس بتميزه المعهود أن يبقي على حب الجمهور له واحترامه، حيث سجلت هذه الحفلة رقما قياسيا من حيث عدد الحضور لم يسبق وسجلها ألمع نجوم الأغنية الجزائرية والقبائلية وأن عرفوها بذات الملعب، حسب ما أكدته الجهات المنظمة، ما اعتبر دليلا على تعلق جمهور جرجرة بكل ما هو أصيل ومحترم. أمضى (تاكفاريناس) ثلاث ساعات غنى فيها أحسن ما جادت به قريحته وأعاد الحضور لسنوات سابقة بأداء أغانيه القديمة التي رددها معه الجمهور كبارا وصغارا وسط زغاريد النسوة التي أضفت على الحفل نكهة خاصة. وقد أدى أجمل ما أنتجه في مشواره الفني على غرار أغنية (الويزة)، (إياد) إلى جانب أغنية (قيمث يذي) الحزينة والتي امتعن الحضور في السماع لها. وكانت لأغاني الألبوم الأخير (الوالدين) حصة الأسد من الأداء والأكثر طلبا من الحضور. وكانت أغلب الأغاني التي أداها موجهة لشريحة الشباب متناولة مواضيع اجتماعية ومعيشية من الأمور الراهنة، وكن لقاء (تاكفاريناس) بجمهوره بعد غياب طويل بتيزي وزو فرصة لرد الجميل لأحد أعمدة الفن القبائلي الذي أثار الجدل حيا ولا يزال يثيره حتى بعد موته ويتعلق الأمر بالفنان (معطوب لوناس)، حيث أدى الأغنية التي أنتجها بعد مقتله. الأغنية التي أداها بتأثر كبير وخيم صمت رهيب على جماهير الملعب التي استمعت للأغنية الحزينة واستمتعت بالنبرة القوية لصوت (تاكفاريناس) وكان ذلك بحضور (نا علجية) والدة معطوب لوناس. وفي ختام السهرة التي بقيت عالقة بأذهان من حضورها استلم الفنان (برنوسا) رمز منطقة القبائل، ألبسه إياه (ولد علي الهادي) مدير الثقافة بتيزي وزو، وعلى ما يبدو فإن الحنين لا يزال يراود الفنان الذي وعد بإحياء حفل فني ساهر وضخم بملعب أول نوفمبر بمدينة تيزي وزو. تاكفاريناس: "الظروف الأمنية كانت سبب ابتعادي" كشف الفنان (تاكفاريناس) في ندوة صحفية نشطها بدار الثقافة (مولود معمري) بتيزي وزو قبل انطلاق حفله الفني السهار، أن الظروف الأمنية المضطربة بالوطن كانت الدافع الأصلي لعدوله عن إقامة الحفلات الفنية بتيزي وزو، حيث كان آخر حفل نظمه سنة 1991، إلا أن وبعد استقرار وتحسن الأوضاع الأمنية حاول مرارا الالتقاء بجمهوره عبر تنشيط حفلات أو جولة فنية بقطر الوطن، إلا أن إجحاف وزارة الثقافة والعراقيل التي كانتإتضعها في طريقه حالت دون ذلك، حيث كان يشترط عليه كلما حاول ذلك، إحضار العتاد التقني بالإضافة إلى طاقمه الفني من الخارج، الأمر الذي لم يكن ممكنا نظرا لارتفاع تكاليفه. مؤكدا أن الأمر مغاير الآن تماما لما كان عليه في السابق، حيث أبدى عن استعداده للغناء أمام 1000شخص بعدما تعهدت الوزارة الوصية بتوفير كل العتاد الذي كان يحول بينه وبين جمهوره في وقت سابق. وأضاف صاحب الطابع المتميز (يال ميوزيك) الذي أوصل الفن الجزائري والقبائلي للعالمية، أن الحفل الذي برمج لتنشيطه بملعب (أوكيل رمضان) بتيزي وزو بمثابة ولادة جديدة لبعث مشواره وحفلاته الفنية بأرض الوطن، مشيرا في نفس السياق أن جولته الفنية ستمس 70بالمائة من ولايات الوطن وستتواصل طيلة الأشهر المتبقية من سنة 2012. وفيما تعلق بتصريحاته التي أعطتها جهات أخرى منحى آخر بخصوص دعوته للمشاركة في اللانتخابات التشريعية، قال الفنان إن ذلك كان موقفه الشخصي كمواطن جزائري بعيد كل البعد عن المساعي السياسية التي حاولت بعض الأطراف إعطاءها إياها على أنه خان القضية الأمازيغية، وأضاف أن أمن الوطن وتماسكه من أهم الأولويات.