الصداع النصفي، أو ما يعرف ب (الشقيقة)، يُعد أقسى أنواع الصداع وأشدها إزعاجاً، ويطلق عليه أيضاً (الصداع المرضي) بسبب الألم الذي يكون مصحوباً بالغثيان والتقيؤ في كثير من الأحيان، و(الشقيقة) عبارة عن متلازمة أعراض تسبب عادة ألماً في أحد شقي الرأس يدوم ما بين الساعة والثلاثة أيام، ويصاحب هذا الألمَ عدةُ أعراض أخرى تشتمل على اضطرابات بصرية وسمعية وعصبية كالتحسس الزائد من الضوء والصوت، اضطرابات في المعدة والأمعاء كالغثيان والقيء، أو الاثنين معاً، تصاب النساء بالشقيقة أكثر من الرجال، كما أنه ربما يوجد عامل وراثي. ما هي حقيقة (الشقيقة)، وأسبابها وأعراضها، وطرق العلاج الناجحة؟ الدكتور عبد الحميد النشار، استشاري الجهاز التنفسي وأمراض الرقبة والحنجرة، يشير، بحسب (الاتحاد)، إلى أن هناك عدداً من الاضطرابات البصرية والعصبية التي عادة تسبق نوبة الشقيقة تكون نتيجة انقطاع الدم عن لحاء الدماغ الذي يحتوي على خلايا عصبية مسؤولة عن الإدراك والكلام والتفكير، فالشقيقة تسبب تمدد الشرايين والأوردة الكبيرة، وتقلص الأوعية الدموية الصغيرة التي تنقل الدم من الشرايين إلى الأوردة، وبالتالي تمنع وصول الدم إلى لحاء المخ مسببة بذلك اضطرابات بصرية وأحاسيس أخرى، فهو يصيب نسبة لا بأس بها من أفراد مجتمعاتنا بما يشبه الشلل التام في حياتهم، وقد يستمر في بعض الأحيان عدة أيام مما يتسبب، بالإضافة إلى آلامه الشديدة للمريض إلى ضياع أيام عمل منتجة ثمينة؛ وبالتالي يتأثر المجتمع كله. ويضيف الدكتور النشار: (ربما بسبب جهل بعض الناس بطبيعة هذا المرض، وتجاهل الأطباء الاهتمام بتشخيصه؛ فما زال أغلب مرضى الصداع النصفي يُعانون ويعاني معهم ذووهم في أماكن عملهم دون أسباب واضحة، فالنسبة العالمية تُشير إلى أن 38% من الرجال و50% من النساء المرضى بالصداع النصفي يتغيبون عن أعمالهم أكثر من ستة أيام في السنة بسبب معاناتهم من هذا الصداع، وفي أغلب الأحيان تبدأ المعاناة من الصداع النصفي في المرحلة السنية من 5 إلى 35 عاماً. ويشير الدكتور النشار إلى أن الصداع النصفي يصيب النساء أكثر بثلاث مرات مما يصيب الرجال، وتختلف آلام الصداع النصفي (الشقيقة)عن كل آلام الأنواع الأخرى من الصداع. ويصيب هذا النوع من الصداع جزءاً واحداً من الرأس أي بشكل نصفي، ويُعاني منه 25% من النساء و8% من الرجال طوال حياتهم، والمرأة أكثر عرضة لنوباته، ولا سيما في مرحلة اليأس (سن اليأس) لتغير معدلات الهورمونات الأنثوية لديها. يسبق حدوث الصداع النصفي في ثلث الحالات نوبات من الأوردة متمثلة في تخيلات بصرية وصوتية وشمية غير موجودة، وينتج مرض الصداع النصفي عن توسع شديد في الأوعية الدموية خارج القحف (الموجودة في فروة الرأس)، ما يؤدي إلى انضغاط على النهايات العصبية المحيطة بالأوعية الدموية مطلقة الألم، وهذا يفسر طبيعة الألم النابض، وهذا أيضا يفسر الألم العيني في أغلب أنواع الصداع النصفي لكون الطبقة الخارجية للعين تأخذ الألياف العصبية من نفس العصب (مثلث التوائم) الذي يحيط بالأوعية الدموية خارج القحف (شريان صدغي سطحي)، في نفس الوقت يحصل تقبض في الأوعية الدموية داخل القحف، ما يؤدي إلى حدوث الأعراض العصبية المرافقة للنوبة الألمية). وللوقاية من أعراض الصداع النصفي، يقول الدكتور النشار: (الانتظام في النوم لساعات كافية، والأكل المفيد، وتجنب شرب الحمضيات كعصير البرتقال والليمون قبل الأكل، عدم الإكثار من تناول المكسرات، وممارسة الرياضة بانتظام، وعدم المكوث في مكان مرتفع الحرارة لفترة طويلة، وعدم التعرض للشمس لفترة طويلة، وفرد الرقبة والجزء العلوي من الجسم. ولا سيما ولو كان العمل يتطلب الجلوس طويلاً. وتعلم كيفية الاسترخاء، والابتعاد عن مسببات التوتر والإجهاد، وهُناك نوعان من أنواع علاج الصداع النصفي. نوع يقوم بإيقاف تأثير الصداع النصفي بمجرد بدايته وفيها مادة الإرجوتامين وتوصف للأشخاص الذين يصابون بالصداع بشكل غير دوري أو في الأعراض البسيطة، حيث تقوم بانقباض الأوعية الدموية. ولا يتناولها مرضى القلب، أوالحوامل، والنوع الثاني (مغلقات بيتا) و(مغلقات الكالسيوم) تمنع ظهور الصداع النصفي، ويوصف للأشخاص الذين يصابون بالصداع النصفي بشكل دوري ومتكرر. وأحياناً قد يجد المصاب فائدة من وضع كمادات من الثلج على الرأس، والجلوس في غرفة مظلمة، والاسترخاء والخلود إلى الراحة بعيداً عن الضغوط اليومية.