تعيش عائلة (ب. مختار) المتكونة من أربعة أفراد بشارع رقم 8 ببلدية بينام بالعاصمة منذ أكثر من 30 سنة بغرفة واحدة لاتتعدى مساحتها المترين والربع في وضعية قاسية وصعبة للغاية تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة، ورغم مئات الملفات المودعة لدى مصالح البلدية إلا أن السلطات لم تكلف نفسها عناء الوقوف على حجم المأساة التي تتخبط فيها هذه العائلة التي نخرت الأمراض أجسادها بسبب الرطوبة العالية التي كست الجدران باللون الأخضر. تطالب عائلة مختار المقيمة بغرفة شبيهة بخم الدجاج بشارع المدارس ببينام السلطات المحلية والولائية بالتدخل العاجل لرفع الغبن عنهم وانتشالهم من الوضعية الكارثية والحرجة التي وصفوها ب(الميزيرية) التي يتخبطون فيها منذ أزيد من 30 سنة دون أن يتدخل أي مسؤول لمعاينة المعيشة القاسية والمؤسفة التي يصارعونها في هذا الجحر المظلم الذي تغيب فيه أبسط متطلبات العيش الكريم، لاغاز ولاماء ولا قنوات صرف المياه وحتى الكهرباء تم إيصالها بطريقة عشوائية تم جلبها من عند أحد الجيران والتي تسببت في العديد من المناسبات في إحداث شرارة كهربائية كادت أن تحدث كارثة خصوصا في فصل الشتاء بعد تساقط الأمطار والتي تتسرب مياهها إلى كامل الغرفة نتيجة تصدعات الجدران والتشققات، فضلا عن الأمواج التي ترتطم بالجدار المحاذي للبحر لاسيما أثناء الاضطرابات الجوية التي تعرف دخولها إلى كامل الغرفة مما يؤدي إلى إتلاف الأثاث المتواضع الذي يتواجد بتلك الغرفة. وهذا ما وقفت عليه (أخبار اليوم) أثناء تنقلها إلى بيت عائلة مختار بعد اتصالات حثيثة، وفعلا إنه واقع مر ووضعية حرجة وصعبة تعيشها هذه العائلة المحطمة، ناهيك عن الرطوبة العالية التي تساهم بشكل كبير في معاناة العائلة التي تضطرها الظروف إلى رفع مستلزماتها وأفرشتها إما فوق الطاولة أو الخزانة، وتقول السيدة (م. مختار) إنه لولا عائلة (كورو) جزاها الله التي منحت لهم هذه الغرفة بسبب أزمة السكن بعد الترحال الدائم ولولا هذه الأخيرة لكان مصيرنا الشارع، ورغم تنقل اللجنة المكلفة بالشؤون الاجتماعية لعين المكان والوقوف على الوضعية المماثلة التي أتخبط فيها رفقة أسرتي إلا أن الأمور جاءت على النقيض مما كنا نتوقع وحرمنا في العديد من المناسبات من الحصول على مسكن يقينا الشتاء وحر الصيف كبقية الجزائريين. وأضافت ذات السيدة أنه في حال وأن قامت هذه العائلة بإخراجنا من (بيت الصابون) هذا كونه تابعا لمسكن هذه الأخيرة تقول حتما سيحتضننا الشارع والتشرد مصيرنا، ورغم الشكاوي العديدة والطعون التي أودعتها العائلة بعد إقصائها من قائمة السكنات في العديد من المرات، رغم أن كل الشروط القانونية مستوفاة لاسيما وأن هذه الأخيرة من ضحايا فيضان باب الوادي 2001 وكذا ضمن العائلات التي يشملها قانون الاستفادة من السكنات الاجتماعية، بالإضافة إلى أنها مهددة بالطرد من البيت الذي تشغله على سبيل الإحسان من طرف مالكته. وأضافت محدثتنا أن السلطات وعدتنا بمنحنا سكنا لائقا على غرار العائلات الأخرى المتضررة أثناء فيضان 2001 بعد مكوثنا آنذاك بمخيمات بسيدي فرج لمدة شهر تقريبا، ولما صدر أمر خروجنا منها عدنا أدراجنا لذلك الجحر الحالي الذي يأوينا نتقاسم فيه العيش مع مختلف الحيوانات المؤذية كالجرذان والثعابين، وتقول إنهم يعيشون الرعب والخوف الدائم من لسعات الثعابين التي تتجول نهارا في ذات المكان خاصة في هذه الأيام مرتفعة الحرارة، وحسبها أنهم يصارعون الحياة في دائرة مغلقة ودوامة حقيقية وواقع مر نتيجة الوعود المتتالية لأعضاء البلدية الذين يتطلعون للوضعية المزرية التي تعيشها تلك العائلة إلا أنها لم تحرك ساكنا لإخراجهم من حياة الذل والمهانة التي يتخبطون فيها منذ سنوات طويلة. وتضيف المتحدثة (نظرا للضيق الذي يميز هذه الغرفة وتراكم الأثاث ومستلزماته فقدت ابني وهو في ال 17 من عمره منذ شهرين حينما اعترض طريقه منحرفون وقاموا بالاعتداء عليه حيث لقي حتفه بطعنة سكين أودت بحياته)، حدثتنا هذه الأخيرة وملامح الحزن والأسى بادية عليها، ولما أخبرتنا عن ابنها المفقود أجهشت بالبكاء قائلة (الضيق كان يدفعه للهروب إلى الشارع طول النهار ليكون ضحية ولقمة سائغة للمنحرفين. وتضيف (مات فلذة كبدي حاملا معاناة وجرحا غائرا بقلبه بسبب الوضعية المأساوية وشبابه الذي قضاه في الحرمان على طول الخط)، ختمت حديثها عن ابنها (حسبي الله ونعم الوكيل)، مضيفة أن أسرتها أصيبت بعدة أمراض مزمنة ومختلفة كما أصيب أبناؤها بتعقيدات كالربو والحساسية. وأمام هذه الوضعية المأساوية والمزرية تناشد عائلة مختار السلطات الوصية على رأسها القاضي الأول في البلاد إنصافها وترحيلها إلى سكن لائق يحفظ كرامتهم.